إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة * فلابد أن يستجيب القدر ..

لابد ..

هل تتوقع أن تنجح حركة الشباب المصري في خلع النظام المستبد الحاكم ؟

لن أقول مؤكد .. ولكن كل المؤشرات تشير إلى هذا ..

إن كنت لست عضواً في حركة شباب 6 إبريل فانضم إليها خدمة لبلدك وتحقيقاً لذاتك ..

صحيح أن النظام قمعي ويكتاتور لأبعد حد , وصحيح أن المواجهة سوف تتصاعد لدرجة أكبر من هذا ( بالطبع ) , ولكن الشعب خلاص فاض به ..

فاض به الكيل ..

كفاية ..

يكفي أنه قامت حركة سياسية إصلاحية تحميل هذا الإسم كان المنظر الفكري لها الراحل د. عبد الوهاب المسيري بثقله ووزنه ..

ما دامت قد قامت هذه ( الإنتفاضة ) فكل شخص على وجه مبارك .. وداعاً الحزب الوطني الديمقراطي .. وداعاً أيها اللصوص المستعمرون ..

الشباب الجالس على المقاهي والجالس في النت كافيه يلعب Games لم يتوقع منه أحد - وأوالهم الحاكم طاغية - أن يفاجئهم بهذا الخطر وهذا المارد الكامن ( وهذه هي المعلمة , هنا تكمن المعلمة ) ..

سؤال دار في رأس كل منا خاصة لو كان مصرياً : لماذا ظل الشعب ساكتاً طيلة هذه الفترة ؟ هل هي أحداث تونس وحدها هي التي فجرت هذه القنبلة الموقوتة ؟

نعم لقد كانت انتفاضة تونس هي شعلة الفتيل لقنبلة انتفاضة الغضب المصرية .. ولكن لم تكن وحدها كافية لتنظيم الشباب بهذا الشكل بينهم على الفيس بوك مع ( هذه الجرأة ) منقطعة النظير التي لم يعودنا عليها آباؤنا ( امشي جنب الحيط يل بني تعيش مستور ) ..

لقد كان السبب هو ارادة واستجابة ( الشباب ) .. القوة المحركة لأي تغيير إصلاحي جذري في بقعة على وجه الأرض ..

الآن اتخذت هذه الانتفاضة شكلاً منظماً ( واعياً ) لأبعد حد , لأن الأمر خرج من يد الشباب وتديره الآن قادة الأحزاب السياسية ( ولا تقولوا إخوان وسلفيون وبلاء أزرق , فلا دور لهؤلاء إلا في السلبية والهدم والشكوى فقط مع غيبوبة وفكر أصولي وهابي عفن عدائي للذات قبل الآخر , وأما الإصلاح الجذري المستنير فلا دور لهم ) ..

أقول لن يستطيع الحاكم ان يطفئ نار هذه الانتفاضة بالتخويف والقمع , ولو نجح جدلاً فلن يسكت الشعب وخاصة الشباب مرة أخرى ..

شكراً حركة شباب 6 إبريل ..
من زمان والشباب يتطلع إلى ( راية ) وراية ( نظيفة ) مرفوعة , تعلن العصيان ورفض الإستبداد وقمع الطغاة , لكي تتفجر البراكين الخامدة وتشتعل أفران الغيظ والتغيظ وعض الأيادي وأكل الأصابع من الحرامية والكلاب والخنازير التي تركنا لهم الحبل على الغارب ثلاثين سنة !

هل يمكن أن ينتصر القمع الديكتاتوري على إرادة وإصرار الشعب بأكمله ؟

لا يمكن أن تقمع إرادة شعب بأكمله إذا انفجر بعد كبت عدة عقود ..

جوستاف لوبون ألف كتاب اسمه ( روح الجماعات ) يقول فيه أن الشخصية الفردية إذا اندست وسط الجماعات ذابت إرادتها و ( انصبغت ) بصبغة الإرادة الجماعية إياً كانت ..

فلتعتقلوا من تعتقلوا يا رجال النظام .. مفيش فايدة .. خلاص .. التغيير حل ميعاده ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الحبيث من الطيب ) .. وإذا لم يكن في قاموسكم شئ اسمه تداول السلطة , فإن هذه سنة كونية من البنية الكونية نفسها ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) .. أليس هذا هو قرآنكم يتحدث ؟ أليس هذا هو ربكم قد وضع الكون على هذا ؟ ارفضوا تداول السلطة أو لا ترفضوها .. فليس الأمر بأيديكم ..

أعود وأقول : لا يمكن أن تسيطر على مجتمع قمعياً خاصة لو كان مظلوماً , وكاسر عين الحكومة ولا حكومة ! حكومة قذرة أنانية , مال وسلطة في علاقة زنا غير شرعية ..

أنتم مساكين يا رجال السلطتين التشريعية والتنفيذية .. حتى اللحظة وأنتم تسخرون من الشعب المصري والشباب المصري وتظنونه ( شوية عيال ) , مع ان كل عيل منهم عارف هو عايز أيه !

ألفين وقفة احتجاجية خلال عامين سابقين وكأن الشعب يتحدث مع أموات مقبورين , يعني حرامية وكمان طُرش صم بكم عمي فهم لا يعقلون ولا يفقهون حديثا ..

البرلمان استدعى رئيس مجلس الوزراء الغير نظيف خلال 48 ساعة ( ياااااه على مراوح قلوبكم واستخفافكم بالناس ) والبلد تحترق ! منتظرين أيه ! لما يولّعوا فيكم ؟ يا بقر ! خلوا عند اللي خلفوكم دم ! هي مائدة رحمن ؟ يا أولاد الـ ..

لو كنتم لا تشبعون فقد ضرب مدفع الإمساك خلاص ..

ولن يوافق الشعب - على فكرة - بأي محاولة منكم للتفاهم حول أي وعود بالإصلاح .. لأن الشعب لا يثق فيكم .. أنتم المرادون هذه المرة لا الخبز والحرية ..

شئ أخير كنت أتمناه ..

أن يرفع الشباب شعار ( لا لديكتاتوريات الدين .. لا لديكتاتوريات السياسة ) ..

نحن لا نحارب حكومة ولا أشخاص , وإنما نحن نحارب فكراً يسمى السلطة الفردية .. يسمى إلغاء الآخر .. وسلفية الغبرة لعنة الله عليهم هم الأساس الفكري الديني الذي يؤسس لتقنين هذا الفكر القمعي الأحادي الفردي .. مع أن القرآن حارب فرعون والفرعونية وحارب التقليد وإلغاء الشخصية ووجود الذات , وأعلى من شأن الخيار الفردي ورتب عليه أخطر قضية في الوجود قضية المسئولية أمام الله ..

كنت أتمنى أن يرتقي وعي الشعب إلى نقد هذا الفكر الديني الدخيل .. ذلك الإسلام المزيف الذي حل محل الإسلام الحقيقي منذ فجره .. الإسلام الأموي المزيف الذي وضع أساسه معاوية بن أبي سفيان وأصّل فقهاؤه الأصول والقواعد التي تركع الشعوب لهؤلاء الطغاة الخونة .. تلك الأصول الفكرية التي لم يبق لها أثر الآن إلا في هذا الفكر السلفي الخطير الذي لا ينتج إلا أحد أمرين : إما مواطن سلبي لا يتحدث إلا في مواطن العطب ولا يقع إلا على الجراح كالذباب ولا يملك أي إيجابية إصلاحية , أو مواطن يبحث عن "تنظيم القاعدة" بشمعة كي ينضم إليه بدلاً من أن ينضم لحركة شباب 6 إبريل , لأنها حركة كفرية في نظره .. فهذا هو الفكر السلفي ..

وبالله عليكم أين الأشاوس أسود القاعدة في انتفاضة الغضب في مختلف البلاد العربية الآن ؟ في مصر وتونس واليمن .. أين تفجيرهم لمراكز قوى الحكام ؟ لا صوت ولا حس و خبر ! لأنهم عملاء كلاب لا يظهرون إلا لقتل الناس وإبادة الشعوب العربية فقط .. لقد افتضح هؤلاء الأسود أكثر من مرة في ثىثة بلدان إسلامية .. بعد فضيحتهم المجلجلة في فلسطين إذ لا جهاد لهم لأسيادهم اليهود , وإنما جهادهم في بلاد العرب , حتى جيش الإسلام الفلسطيني القاعدي الفكر لا جهاد له إلا في مصر وما حول فلسطين كما أملى عليه معبودهم اسرائيل ..

كل هذا ولا زال فكر القاعدة هو الأكثر تأثيراً في شباب السلفية المغيب عن الواقع وعن نبض الحياة , وأظن أن دوره سيكون عقب هذه الانتفاضة أو خلالها لإحداث فتنة لإحباطها بدعم من أمريكا .. فهي تحركه كعرائس المسرح ..

ولكن الوعي الشعبي في ازدياد وسوف يكشف حقيقة الفكر الديني الدخيل , حتى مع ابتسامة محمود المصري أبو عمار , ومع تربيت وطبطبة محمد حسان على النساء ويعلم الله ما يحمله قلب هؤلاء اليهود من حقد على غيرهم وعلى أي حركة إصلاحية أو أي ظهور من غير مظلتهم ورايتهم السوداء الكئيبة الجاهلية ..

لقد بدأ الوعي في الطفو على السطح .. وبقي الوعي الفكري الكفيل بالقضاء على استمرار استحمار الشعوب بهذا الشكل ..

وأختم بأن أقول بأن المظاهرات السلمية أكثر تأثيراً في إسقاط النظام من المظاهرات التخريبية التي تبرر القمع وبقاء النظام لا إسقاطه .. وهذا كلام الخبراء المعنيين لا كلامي ..

وشكراً شباب 6 إبريل .. شكراً شعب تونس .. شكراً شعب مصر .. شكراً شعب اليمن .. شكراً لكل ثائر على كرامته وآدميته وإنسانيته التي وهبه الله إياها أن يسبيها طاغية أو لص وقح عديم الحياء ..