سأحاول ألا أكون طرفا:
يا أبا نواس:
تتحدث عن أموال "ملالي ايران" ... حسنا، و لكن فلتعلم، و أنت سيد العارفين بأنه لا يوجد في لبنان حزب، أو طائفة، أو حتى كلب ينبح و لم يقبض ثمن نباحه من جهة خارجية. هذا تقليد دخل إلى لبنان منذ عهد الأمراء الشهابيين و لم يصبح تاريخا بعد لمجرد أنك لا ترغب إلا في رؤية أي شيئ سوى أموال "الملالي". أنت أدرى بمصدر المال الذي جعل الحريري، إبن العائلة السنية المغمورة رجلا و زعيما سنيا بديلا عن الزعامات التي كانت تتبوأ دورا سياسيا مرموقا.
مأساة اللبناني، و العربي عموما تكمن في الخيار المر بين العمائم، سوداء أو بيضاء، و جهابذة الاستبداد و بساطير جنود الأعداء. و على العاقل هنا أن يختار بدون أن يذهب الخيار بما تبقى في الذات العربية الممزقة من صواب.
ماساة العربي في العالم "الحر" تكمن في مرارة الخيار بين السادية الصهيونية الإنكارية و بين من ذهب إلى إنكار جرائم النازية.
اليساري الفردي المستقل ممن على شاكلة زياد الرحباني و جوزف سماحة (مؤسس الأخبار) و الملياردير الأحمر حسن خليل و "العربي الغاضب" أسعد أبو خليل و هم يمثل أكبر نسبة من بقايا العقلانية العربية اختار خياره مرتكزا إلى "الحكمة" الماركسية الأساسية القائلة بتمثيل "مجمل الحركة".
ينتقد هؤلاء لأنهم لم يوجدوا لنا مخرجا من مرارة الخيارات، كما قد لا يعجب البعض خيارهم الذي يفرضونه بقوة الكاريزما. و لكن من حقهم بأن نعترف لهم بأن خيارهم أخلاقي يستند إلى منظومة فكرية آوجدوها و لم يحيدوا عنها.
العقلانية تقصي بأن نسأل القائمين على "أموال الملالي" عن المقابل المطلوب، و لكن ذات العقلانية تتطلب أن نسأل القائمين على المال الوهابي عما دفع و يدفع في لبنان لا من أجل دعمه و دعم مقاومته، و عن حصة "المجاهدين الأفعان" ضد الحكم التقدمي، و عما اقترفته نيكاراجوا من آثام بحق المسلمين، ليحصل إرهابيوا الكونتراس على حصة منه أيضا.
مع فائق الاحترام.