ما عدا اتصالات من بعض زعماء دول الخليج الذين يخشون انتفاضات مماثلة على غرار مصر وتونس، فان قادة الغرب الذين كانوا الى الامس القريب من أشد حلفاء الرئيس المصري حسني مبارك بدأوا ممرحلة العد العكسي لانهيار نظامه الذي امتد لـ 30 عاما، كما بدا مستشاروهم اعداد استراتيجياتهم للكيفية التعامل مع اقليم الشرق الأوسط لمرحلة ما بعد رحيل مبارك الذي صار وشيكا.

ويلاحظ انه لم تشفع للرئيس المصري اجراءات الأخيرة بتعيينات جنرالات في هرم القيادة، فالاحتجاجات متصاعدة، حالها حال عواصم القرار الغربية التي صعّدت من مطالبتها لمبارك بضرورة التغيير الكامل والشاملن والشروع باصلاحات عملية لا شكلية وتبديل مواقع او اسماء.

تعيينات الجنرالات

وواضح انه لن تعطي تعيينات "الفجأة" بعد "لات ساعة مندم" التي قررها الرئيس مبارك في اللحظة الأخيرة امام المطالب الشعبية التي وجدت حلفاء كثيرين لها، فلا عمر سليمان رجل المخابرات القوي قادر على اعادة الامور الى نصابها اللذي يبتغيه مبارك، ولا احمد شفيق قائد القوات الجوية في وضع مريح امام زخم الشارع في وضع يمكنه من تدوير عقارب الساعة كما يشتهي ساكن قصر القبة.

وإذا كان الأمر كله الآن في يد الجيش الذي يبدو انه سينحاز في اللحظة المناسبة لمطالب "ناسه واهله" والسير نحو مرحلة انتقالية لترتيب البيت المصري نحو انتخابات برلمانية ورئاسية حسب ما يقرره الدستور في حال خلو منصب رئيس الجمهورية، وهو يبدو خاليا الآن في شكل عملي، فان الترقب سيستمر من جل اتخاذ قرارات عملية نحو الاصلاح وهو ما لم يقدم عليه مبارك رغم "رجاوات وشفاعات ومطالب حلفائه الذين قلب لهم ظهر المجن،، ووضع في أح أذنيه طين وفي الأخرى عجين .. بعد ان كان كما يقول المثل الشعبي المصري: "يمشي ع العجين وما يلخبطوش" تجاه اية اشارة تصدر من واشنطن او عواصم القرار الغربية.

لقد تغاضت الولايات المتحدة والدول الاوروبية والتي ايدت مبارك على رأس اكبر الدول العربية سكانا طوال 30 سنة عن وحشية الشرطة والفساد مقابل توفير حصن منيع ضد الشيوعية اولا ثم التشدد الاسلامي الان،، فهل بمقدورها الآن أن تواصل سياسة "غض البصر" أكثر أمام ثورة غضب من جماهير اكبر دولة اقليمية في المنطقة !؟


وبالتأكيد، فانه امام تصاعد الاحتجاجات التي لا تراجع فيها، فان جنرالات مبارك وهم سبعينيو العمر، مضافا الى ذلك فقدان كل دشم نظام مبارك للثقة في الشارع العريض لا تشير الى حال يسرُّ "الريس" رغم أنه يبدو لمشاهدي شاشات التلفزة المصرية "يتصرف وكأنه لا يزال يملك سلطة القرار، في حين أن كل ما يحدث حوله يؤكد العكس".

وحسب الصحفي ابراهيم منصور وعدد من قادة المظاهرات في القاهرة فانه من المؤكد أن هذا التعيين لو حدث قبل شهر مثلا، لأرضى أغلبية المصريين الذين كانوا قلقين على مستقبل البلاد، ومعارضين للتوريث على النموذج العائلي. كما أن الاثنين هما رديف للمؤسسة العسكرية، أو ربما يمكن تسويقهما على هذه الصورة في وقت الأزمة الراهنة.

لكن حدوثه في الوقت الراهن، يشير مجددا إلى عزلة واضحة بين النظام والمتظاهرين الذين ما زالوا يهتفون " الشعب يريد اسقاط الرئيس"، وحسب الصور الحية للمظاهرات، فإن المحتجين بدأوا يهتفون ضد عمر سليمان الذي حتى كان وقت قريب شخصية محبوبة.

كما أن تغييرا تجميليا كالذي حدث، ربما يرضي بعض الأطراف، كمسكن وقتي ، لكنه بالنسبة لكثيرين ، سيكون ثمنا قليلا جدا بعدما حدث من خسائر في الأرواح والممتلكات.

الحلفاء الغربيون لنظام مبارك، وجدوا انفسهم فجأة في حالة تعيد للذاكرة انهيار جدار برلين العام 1991 وحالة تشبه الى حد كبير مع الفارق انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، وما يجري في مصر وهي ذات دور اقليمي مهم وبارز ومؤثر وفاعل لا يدع مجالا لهؤلاء الحلفاء استمرار سياسة "الاختفاء في الرمال" عن النهج الاستبدادي لحليفهم مع ما يرافق ذلك من لجم الحريات وتحييد الطرف الآخر، هذا الطرف هو "الشارع المصري الشجاع كله".

مطلوب تحالف مع شعب وليس مع ظام

الدول الغربية الحليفة لنظام مبارك، يتعين عليها ان تكون حليفة للشعب في مصر وليس لنظام بعينه، اذا كانت راغبة باستمرار دورها ومصالحها في المنطقة، وعليها ان لا تغمض عينها عن ما يجري عبر الشارع العريض ومطالبه وان تدعم هذه المطالب احترما لمصالحها ولقيمها التي طالما تغنت بها في ترسيخ الديموقراطية وصيانة حقوق الانسان وكفالة حق التعبير.

ولهذا يرى المراقبون ان مواقف هذه الدولة التي اعلنت في غضون الساعات الأخيرة تصب في هذا الاتجاه، وهو ما يرسم السيناريو الأخير لنظام مبارك الذي يستعد للرحيل.

واشنطن تواصل الضغوط

فقد واصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضغوطه على الحكومة المصرية السبت من أجل تجنب العنف وانتهاج إصلاحات سياسية واسعة النطاق، حسب ما صرح به البيت الأبيض.وقد عقد أوباما اجتماعا دام أكثر من ساعة مع مستشاريه، بينهم نائب الرئيس جو بايدن ومستشار الأمن القومي.
موضوعات ذات صلةمصروجدد اوباما تأكيد معارضة الولايات المتحدة للعنف، وجدد كذلك دعوته الى "ضبط النفس ودعم الحقوق العالمية ودعم اجراءات حسية

والاوروبيون يطالبون بتغيير

وأصدر مكتب رئيس الوزراء البريطاني بيانا مشتركا مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل دعا الرئيس مبارك إلى إجراء عملية تغيير من خلال حكومة واسعة التمثيل وبانتخابات حرة ونزيهة.

وجاء في البيان "نعبر عن قلقنا البالغ للأحداث التي تجري في مصر. نحن نثمن المواقف المعتدلة التي اتخذها الرئيس مبارك في الشرق الأوسط على مدى سنوات، ونحثه الآن على أن يتعامل مع الأحداث الحالية بنفس الاعتدال، وندعوه لتجنب العنف مهما كلف الأمر".

وأضاف البيان" ندعو الرئيس مبارك الى ان يتفادى باي ثمن استخدام العنف ضد المدنيين العزل وندعو المتظاهرين الى ان يمارسوا حقهم سلميا".

وأشار البيان إلى ضرورة تطبيق الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي وعد بها الرئيس مبارك" بالكامل وبسرعة وان تستجيب لتطلعات الشعب المصري".

كما أجرى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مكالمة هاتفية مع الرئيس المصري وعبر عن قلقه الشديد لما يجري في مصر، خاصة أعمال العنف التي تقع في الشوراع المصرية.وأكد كاميرون على أن مواجهة الاحتجاجات السلمية بالعنف غير مقبول ، وحث مبارك على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتسريع الإصلاحات.

وفي الأخير، يبدو الحسم والقول الفصل هو للشعب المصري لا غير ومعه قواته المسلحة التي تنتمي اليه، فليس هناك بيت مصري الا وله ابن في معسكرات الجيش،، هل سينحاز الجيش لأهله في المحروسة أم الدنيا !؟
http://aaram.net/article.aspx?id=19678&cat=1&AspxAutoDetectCookieSupport=1