تساؤلات حول تحول الثورة الشعبية في ليبيا الى حرب استنزاف اهلية طويلة لا رابح فيها حتى الان!
2011-03-06


لندن ـ 'القدس العربي':



مع استمرار المواجهات بين القوات المؤيدة للزعيم معمر القذافي وقوات المعارضة والروايات المتضاربة من كل جهة حول وضع المدن المحررة والمستعادة، يحضر كل طرف منهما الى حرب طويلة في وقت تتكاثف فيه الدعوات نحو دعم الثورة الليبية والثورات العربية.
وهناك تقارير بريطانية التي شددت موقفها من حكومة معمر القذافي تتحدث عن دعم سري تقوم به الحكومة البريطانية لقوات المعارضة الليبية، فقد كشفت صحيفة 'اندبندنت اون صاندي' ان وحدة مهام دبلوماسية تحاول الاتصال مع رموز المعارضة الليبية واشارت الى ان التحضيرات جارية لدعم المعارضة في كل من لندن وربما واشنطن.
وقالت انه في الوقت الذي تتحدث فيه المصادر الدبلوماسية عن دعم انساني ـ مواد طبية وغذائية للمدن المحررة - فان الحديث خلف الابواب يدور عن اتصالات مع قوات المعارضة الليبية لدعمهم بأكثر من هذا.
وقالت الصحيفة ان المهمة تظل سرية لكن التقارير التي تحدثت عن قيام قوات معادية للقذافي بإلقاء القبض على دبلوماسي بريطاني واعضاء من الوحدات الخاصة اس اي اس كانوا في طريقهم لمقابلة قيادات المعارضة مثيرة للقلق. وجاء الاعتقال لخوف المعارضة الليبية من ان اي اتصال بينها وبين قوى غربية سيعطي صورة انها تابعة للغرب ومحركة من قبله مما سيسحب الشرعية عنها امام الليبيين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في مجال الاستخبارات انه توجد 'قطعا ملامح من حرب سرية متنوعة تجري الان من اجل مساعدة المعارضة وتعني مساعدتها عسكريا وتزويدها بمعلومات عن مكان تواجد القوات الموالية للحكومة'. ويرى محللون ان اخبارا كهذه تعني طول امد المعارك مع تواصل المواجهات الدامية في الزاوية. واشارت الصحيفة الى تضارب التصريحات من قوات المعارضة والحكومة حول المعركة على مدينة الزاوية. وقالت ان مراسلها وصل الى بن جواد يوم السبت ولم يلاحظ ان ايا من الطرفين يسيطر عليها. ولكن المراقبين يقولون ان قوات الثوار وقد حققوا انجازات في سيطرتهم على مدن مهمة في الغرب تجعلهم في موقع للزحف نحو مصراتة المحاصرة من قوات القذافي ولكن زحفهم نحو طرابلس يعني المرور من سرت.
ويحتاج الثوار لتدريب وتنظيم صفوفهم خاصة ان معظهم من العمال في المطاعم والمحلات التجارية والمهندسين. ولهذا فانه حتى في المناطق المحررة حسب تقرير لصحيفة ' صاندي تلغراف' فهناك شعور انها ستتعرض لهجمات جوية من قوات النظام. ولكن ما يطمئن الثوار ان الدفاع الجوي الليبي يعاني من انشقاقات داخل صفوفه ومن تراجع في المعنويات.
ويفهم من هذا اختيار الزعيم الليبي مواجهة معارضيه من خلال معارك ميدانية يعتمد فيها على تفوقه العسكري. ونقل مراسل الصحيفة صورة عن الاوضاع الميدانية المتغيرة دائما، سيطرة للثوار على مدينة واستعادتها من قبل القوات الحكومية وكذا كر وفر.
ولكنه اشار الى مواقف السكان الذين يشتكون من قلة الاسلحة وقلة خبرتهم في استخدامها ونقل عن أحد المتطوعين قوله 'لم اتلق اي تدريب عسكري لكنني شاهدت الكثير من افلام الحركة الهوليوودية'. ونقل المراسل عن احد اعضاء المجلس العسكري الذي اعلن عنه قوله ان خطة المجلس هي التقدم ببطء وعدم التسرع.
ولكن لا يبدو هذا واضحا داخل صفوف الجنود الذي يسيطرون على المدن بسهولة وينظرون الى الحرب على انها جهاد بين الحق الذين يمثلونه والشر الذي يمثله القذافي، فيما يرى اخرون انه ليس لديهم اي خيار بعد ان ثاروا الا مواصلة الثورة لان الهزيمة تعني النهاية. ويتذكرون رد النظام على انتفاضة مماثلة في بنغازي في الثمانينيات من القرن الماضي. ويرى المراسل ان الثورة في ليبيا تسير نحو حرب استنزاف اهلية.

مدن تسقط بيد الاهالي لا الثوار

وقالت صحيفة 'نيويورك تايمز' ان الحرب غير المتوازنة والتي يعلق بينها المدنيون يبدو انها ستستمر لأمد طويل، وعلقت مثل بقية الصحف الغربية على الوضع في الزاوية التي لم يحسم فيها الامر بعد لأيّ ٍ من الطرفين.
وقالت ان المعارضة تقول ان مجزرة حلت بالمدينة لكن الصحافيين الاجانب لم يستطيعوا عبور نقاط تفتيش اقامها الجيش للتأكد من حصولها. ولكن الصحيفة نقلت عن مواطن في المدينة عبر مكالمة هاتفية قوله ان 'كل شيء يحترق فيها ولا نعرف اي طرف يطلق النار من الشوارع ام من البنايات لكن الناس يتساقطون'.
لكن تقريرا من محطة سكاي نيوز قال انه لاحظ قوات المعارضة وهي تطلق النار على سيارات الاسعاف وهي تنقل الجرحى. وقالت المراسلة وهي الوحيدة في المدينة انها شاهدت خمسة جنود من كتيبة خميس - نجل القذافي قتلى وثلاث مصفحات محروقة.
لكن انسحاب القوات الحكومية لا يعني انتصارا كما صوره الثوار. وتعتقد صحيفة 'واشنطن بوست' ان النزاع في ليبيا يبذر بذور حرب اهلية طويلة. وقالت ان احداث الزاوية وراس لانتوف تتطور الى ما عبر عنه المحللون الغربيون من انه حرب اهلية طويلة المدى.
وتنقل عن قادة في المعارضة ان المعركة على الزاوية هي معركة رمزية لانه لو استطاع القذافي تأكيد سلطته فستكون له اليد العليا. وتركز التعليقات الصحافية على حالة الثورة التي بدأت بانتصارات وسيطرة على مناطق المدن في الشرق واستعدادات للزحف نحو طرابلس.
وتتساءل 'اوبزيرفر' البريطانية عن السبب الذي جر للوضع الحالي وأدى لتجمد الزحف، حيث قالت ان الحديث 'عن زحف' هو خداع على الاقل على الورق وليس على الارض.
وتقول الصحيفة ان معظم المدن التي سقطت في الغرب لم يسيطر عليها الثوار بل خرجت عن سيطرة الحكومة بسبب معارضة سكانها للقذافي. وعليه فان مراكز الثوار في الغرب اصبحت معزولة بسبب تواجد القوات الحكومية حولها مما ادى لقطع خطوط الدعم والاتصالات.
وكلما تقدمت القوات المعارضة لمراكز القذافي مع ضعف للسيطرة على هذه المراكز فان التقدم هذا يظل مهددا. ويجد صناع القرار انفسهم امام وضع صعب خاصة ان دعواتهم القذافي للرحيل قوبلت بالرفض ويحاولون الان البحث عن حلول منها العودة الى حظر جوي على النظام كما فعلت سابقا في العراق، فيما تحاول مجموعة من دول امريكا اللاتينية التوسط في الامر.
لكن التحليلات البريطانية وان قلت على صفحات صحف امس الاحد الا ان من نشر دعا الى دعم الثورات العربية كما في مقال دوغلاس الكسندر المسؤول العمالي الذي اتهم فيه حكومة التحالف بانها تفتقد التماسك والفهم الاستراتيجي خاصة فيما يتعلق بالوضع المتدهور في ليبيا.
وقال انه في الوقت الذي تحدثت فيه الحكومة عن منطقة حظر جوي كانت تتحدث عن تخفيض عدد افراد قوات سلاح الجو الملكي البريطاني. وتحدث عن اخطاء الحكومة في الازمة الحالية من بداية اجلاء الرعايا البريطانيين الى التعامل مع القذافي والثورات العربية، حيث اكد ان الابتعاد عن التعامل مع الاوضاع الحالية في العالم العربي يظهر عجز الحكومة وفقدانها الطموح.
ومع اعترافه ان الاحداث هي نتاج احداث داخلية وليست خارجية فانه من الضروري ان تستخدم بريطانيا تأثيرها من اجل تحقيق انتقال سهل للديمقراطية في شمال افريقيا ومصر.
وتساءل ان كانت بريطانيا قادرة على تقديم معادل لثورات التواصل الاجتماعي في العالم العربي بشبكة علاقات خارجية. ومع ان بريطانيا لديها الكثير من الاوراق التي يمكنها التأثير على النظام في ليبيا - مجلس الامن - الاتحاد الاوروبي الناتو، فعليها ان تقوم بمواصلة الضغط على النظام، وفيما يظهر فيه عمرو موسى كشخصية مؤثرة في مصر فعلى بريطانيا ان تدعو الى مؤتمر قمة عربية عاجل.
وفي افتتاحية 'اندبندنت اون صاندي' ذكرت بموقفها من قدرة الحكومة البريطانية للتعامل مع الازمة في ليبيا. وتحدثت عن موقف مراوغ لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من الابتعاد عن ترويج الاسلحة لانظمة في الشرق الاوسط الى مروج لها وداعية للتدخل العسكري.
وتقول ان هناك واقعاً صعباً تطرحه ازمة ليبيا من ناحية الموقف البريطاني وفيما اذا اكتفت لندن للعمل من داخل المجتمع الدولي ومواقفه ام التوقف والانتظار. وتعتقد ان الخيار الاخير هو صحيح مع التحضير لدعم المعارضة او العمل على فرض منطقة حظر جوية لشل حركة النظام.
وتشير الى مواقف العمال الذين ذهبوا في علاقتهم واسترضائهم النظام الليبي لابعد الحدود، وان الازمة الليبية تضع بريطانيا امام تحديات حول طبيعة النظام الامني الذي ستحتاجه لحماية مصالحها العالمية، مشيرة الى رسالة وقعها (50) عسكريا ومسؤولا بارزا واكاديميا وطالبوا فيها الحكومة بإعادة النظر في ورقة المراجعة الدفاعية والاستراتيجية.
كما ان الازمة في ليبيا ذكرت بانخراط بريطانيا في حرب افغانستان. ومع انها عبرت عن شكها في نشر قوات عسكرية في ليبيا لكن على الحكومة ان يكون خيارها من اجل شرح موقف واضح خاصة فيما يتعلق بالمساعدة الانسانية، وشككت في قدرة كاميرون حتى في تنفيذ الخيار الانساني.