ِ
إذاً كنا نقول عمر أميرالاي ....
وكلما أردت الكتابة عن أميرالاي واجهتني نفس المشكلة التي أواجهها في الكتابة عن محمد البوعزيزي .
فكتاباتي لن تعلي من شأن من أكتب عنهم ولن توفيهم حقهم ، وحتى لن تلفت الانتباه إلى إنسان كتب عنهم ذات يوم في فضاء سايبيري تعمه فوضى اﻷفكار ....
إن كتاباتي ما هي إلا علامات احمرار على ظهر عبوديتي الذي ألهبته سياط الحرية ....
هذه العبودية التي أرادت الانعتاق من تشخيصات الواقع بعين أميرالاي فاحترقت لهيباً في جسد البوعزيزي ...
نعم . قد يكون عمر ترك للواقع أن يتكم عن نفسه حتى قال صانعوه ليته ما تكلم ...
أيضاً وأيضاً نعم . قد يكون البوعزيزي ترك للظلم أن يحرقه حتى قال ظالموه ليته ما احترق ...
لكن يا سادتي هل لتشخيصات أميرالاي أن تختصر عبوديتي ، وهل لنار البوعزيزي أن تطهرني من هذه العبودية ؟

يا هاله ، يا بهجت ويـــا بقية الرفاق ... تحدثوا كما تريدون ، تجادلوا كما تشاؤون ... في ثناية المال والسلطة ، في الخير والشر، في الحق والقوة وأيهما أقوى . عن اليسار واليمين ، وثورات الشعوب وأطماع اﻹمبريالية فيها ، والعروبة والصهيونية وكل ما يقع تحت أيديكم من مصطلحات تراثية معاصرة ... لكن "بالله" عليكم يا سادتي أجيبوني . هل لتشخيصات أميرالاي أن تختصر عبوديتي ، وهل لنار البوعزيزي أن تطهرني من هذه العبودية ؟
لن تجيبوني ؟!
أعلم ذلك ... فعبوديتي ملك شخصي يرفض أن يسلبني إياها أحد ، أو أن يشاطرني إياها أحد ، أو حتى أن يشعر بثقلها معي أياً كان هذا الأحد .

إذاً دعوني أبشركم ... إن العبودية التي أحملها على ظهري آناء الليل وأطراف النهار ، وأتنفسها مع كل ثانية منذ القرن السابع للميلاد ، عاشرتها لقرون خلت وسأظل أعاشرها لقرون ولت إلى غير رجعة* ، قد تختصر في خمسين دقيقة من قبل عمر أميرالاي وربما أقل ... ولكن في محراب البوعزيزي مطهر حرية "العرب" ، لن يكفيها بترول "العرب" كله كي يحرقها ويطهرها ...

وللحديث بقية .. إذا تركت مني العبودية بقية ...


الهوامش :
- طبقت على هذه الجملة قوانين الفيزياء الكمية ، فسقط منها الزمن في غفلة وأصبح المستقبل الثوري المحتوم ماضياً رجعياً بأثر تقدمي غير رجعي .