يا هالة .
يسعدني إختلافك معي خاصة رفضك ما أقول به من التفاؤل التاريخي بالمرحلة المعاصرة كحقبة للحرية . وهذا ما يجعل للحوار معنى و طعما . و أتمنى ألا تتوقفي عن عرض أفكارك المخالفة حول الثورات العربية و في مصر خاصة ، بل أرجوك ألا تبخلي بأقوى العبارات ،و أقسم أن ذلك يسعدني فالحماس دائما ينتقل بالعدوى . الخلاف بيننا يقودني للعودة مرة أخرى مداخليتك كلاهما .
أعدت قراءة مداخلتك الأولى (14) مرة أخرى ، فوجدتني أزداد تعجبا منها و أتسائل :
1- هل تعتقدين أن السوريين هم من يختار بقاء البعثيين ؟. و أنهم قدروا موقفهم و أدركوا أنه لا جدوى من ثورة سوى أن تمتد بطول العالم و عرضه ،و أن كل الثورات مصيرها الفشل لأن هناك "عفريت" اسمه أمريكا خلف الأبواب ؟. و أن كل الأوراق في يد أمريكا مهما فعلنا ، لهذا فعلى السوريين البقاء تحت مقصلة البعث و هيمنة إيران حتى تنتهي أمريكا من الوجود .
2- لست أدري لم تعتقدين أن هناك من طلب الدعم الأمريكي في ميدان التحرير ؟. كيف ترون مبارك عميلآ لأمريكا و أعداؤه عملاء لهم أيضا ؟. هل هذه الصورة التي تريدونننا أن نراها لو كنا عقلاء نؤمن بمحمود درويش ؟.
3- أعتقد أنك مخطئة تماما لو اعتقدت أن الثورات العربية في تونس و مصر و اليمن و ليبيا و قريبا في السودان وسوريا هي منتج أمريكي ،أو أنها امتداد للغزو الأمريكي للعراق ، هي أيضا لا تشبه في شيء الإنقلابات السورية العسكرية في ستينات و سبعينات القرن الماضي . هذا تغييب لأهم العناصر الحاسمة و أولها وهي إرادة الحرية و الكرامة لدى الإنسان العربي . ما يحدث في منطقتنا العربية هو ثورة ديمقراطية مؤجلة منذ 30 سنة عندما اجتاحت رياح الحرية الشعوب التي قهرتها الشيوعية في أوروبا الشرقية و الديكتاتورية في شرق آسيا و التخلف في إفريقيا جنوب الصحراء . كان المشهد يبدوا كما لو أن منطقة الشرق الأوسط ستكون استثناء و هذا تحديدا ما كنت أرفضه و أراه مجرد تشوها أو نتوءا في حركة التاريخ سيتم تصحيحه .
أما عن المداخلة الثانية (22) ،
يبدوا أننا جميعا لسنا الآن في أحسن حالاتنا ، فأنت بين مداخلتيك تتناقضين ربما مثلنا جميعا . لا أرى ذلك نوعآ من ضبابية الرؤية بل ربما نتيجة الحس العالي بالمسئولية ، إننا نحن القلقون لا نملك بلادة الضمير التي تجعلنا لا نهتم بأوطاننا ،و لا نمتلك الجهل و ضيق الأفق التي تجعلنا لا ندرك المخاطر . إنني لم أدع أبدآ أني كنت دائما ثوريا ، بل أني أميل إلى المواقف الإصلاحية ، لأني أخشى كثيرا من مخاطر الثورات في منطقتنا العربية و ثمنها الفادح ، خاصة مع وجود التنظيمات الدينية الأصولية المنظمة في كل بلدان المنطقة ، و مع وصول تلك التنظيمات إلى الحكم بالفعل في العراق ، بمباركة بل على أسنة الحراب الأمريكية في مشهد لا يمكن تصوره من الحماقة السياسية .
في سؤال لصديقنا " هولي مان " قبل أحداث تونس أجبته أني أفضل الحوار مع الأنظمة الحاكمة ،و عندما سألني عم نفعل لو لم تستجب تلك الأنظمة ، أجبته أني لن أملك عندئذ الإجابة فالتاريخ سوف يجيب !. إننا لا نختار الثورة بل هي التي تختارنا ، و علينا أن نكون مستعدين لحسم أمورنا عندما تطلبنا الثورة كي نصطف مع الشعب ضد الطغيان و أن نشاركه أقداره إلى الخير أو الشر فهذا قدرنا . الثورة كما نعلم جميعا ليست مبارة رياضية تنطلق مع صفارة الحكم ،و لكنها عاصفة لا تتوقف مع أي صفارة لحكم بل تمضي لمنتهاها بقصورها الذاتي وقوانينها الخاصة .

---

(03-11-2011, 10:00 PM)هاله كتب:  يا صبر أيوب!

تحملينا يا هاله بعض الشيء ، فقد تحملت مالا يقدر أيوب و كل شلته تحمله من تجاوزات في هذا النادي .