الإعلام هو خطاب عام ، فالموضوعية المطلقة مستحيلة . ما يمكن أن نطلبه ليس العرض المتكافئ لكل وجهات النظر ، بل فقط عدم الخداع و قلب الحقائق . ففي النهاية يخدم الإعلام الممول و مصالحه ، فقط هناك من يفعل ذلك بحرفية عالية و أناقة ،و من يفعل ذلك بفجاجة . قناة الجزيرة تنتمي للفئة الأخيرة . من يزاملنا في النادي منذ فترة طويلة ربما يلتذكر أني دائم النقد للجزيرة منذ 10 سنوات متصلة ، حتى أني توقفت نهائيا عن متابعتها منذ مجزرة جنين ، بسبب موقفها القذر من ياسر عرفات .
إني مقتنع تماما بأن الجزيرة معادية لمصر ، و ليس النظام المصري فقط ، بل مصر كلها . وهي في ذلك لا تختلف عن نظام البعث السوري ، الذي جعل من دمشق مركزا للعداء الدائم ضد مصر في المنطقة ، منذ زمن عبد الناصر حتى اليوم . هي تحيزات مسبقة قائمة على كراهية بدائية فجة ، يبقى أن نسأل السؤال الأهم : عمن تعبر قناة الجزيرة ؟ ، " لسان من لا عقل له" ، كما كتبت مرة في موضوع هزلي .
قناة الجزيرة هي الأداة السياسية الأساسية بيد شيوخ قطر ، بالطبع الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر وزوجته الشيخة موزه ، يشاركهما هذا الشرف الرفيع بالغ التكلفة الشيخ " الضرورة " حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء القطري . هؤلاء جميعا شخصيات تراثية لا علاقة لها بهذا القرن ولا بأي قرن آخر . مجرد مجموعة من اللصوص استولوا على جزء من ثروة العرب البترولية و أخذوا يبعثرونها على نزوات و أوهام تليق بأمثالهم من الطفح الجلدي الذي أصاب عرب العصر الحديث ،و هو ما يجب أن يثور عليه الشباب العربي عقب الحصول على الحرية في بلادهم المستعمرة بالحكام الأوباش . الشيخان حمد يديران الجزيرة بشكل يومي كما يلهو الصبية بالفيديو جيم ، و شيوخ قطر يقعون تحت الوهم الذي أدخله الإسرائيليون في عقولهم ، بأن الدور و ليس الحجم أو التاريخ هو ما يصنع أهمية الدول ، لهذا تلعب قطر دور الدولة العربية الكبرى ، بشكل لا يدعوا سوى للضحك و أكاد أقول يحتاج " لشخرة إسكندراني " من النوع الثقيل . قطر العظمى تشارك قوات أمريكا و بريطانيا و فرنسا في قذف ليبيا القذافي ( حليفهم السابق في المعسكر الإيراني !) و يبدوا أن القطريين أصابوا أعداء القذافي لأنهم لا يعرفون من يساندون بالفعل !، قطر العظمى تسقط نظام مبارك بواسطة مرتزقة الجزيرة ، بينما الشعب المصري يقوم بدور الكومبارس !، قطر العظمى تركل الرئيس اليمني ،و لكنها تتسامح مع حليفها السوري الطيب بشار " طبيب لعيون " . قطر العظمى ببساطة " خريانه ما دريانه " ، ففي المحن و الثورات تنتشر الفئران و الأمراض و تظهر قطر و قناة الجزيرة .
مشكلة الإعلام العربي ليس الجزيرة ، بل الإعلام الذي يديره أمثال القواد صفوت الشريف و الخادم أنس الفقي ،و لصوص الصحف القومية في مصر ( سبق أن اقترحت على صفوت الشريف أن يمارس الهاريكاري تكفيرا عن فشله المتكرر ،و لكني خشيت أن يطلب من طباخه أن يعد له طبق " الهاريكاري بالميونيز "، فمعرفة تلك السائبة للشرف المهني لا تختلف كثيرا عن فهمهم للقوادة) . لو امتلك العرب حريتهم ستختفي قناة الجزيرة ،و ستختفي قطر و أخوتها .