اخى عاصى :
عندما نتكلم عن امريكا او الصين او الهند بانها فعلت كذا و كذا , فمن الطبيعى اننا نتكلم عن حكومة هذه الدول , مثلا :امريكا او الامريكيون غزوا العراق , الامريكيون صعدوا الى القمر ,الامريكيون احتلوا دولة كذا , فنحن نقصد الحكومة الامريكية و المخططون و المديرون للسياسة الامريكية و لا نعنى بذلك اى فرد امريكى .
عندما تكلمت عن الظروف العفنة التى وضع العرب انفسهم بها , فبالطبع لا اقصد الشعوب العربية التى انا منها بل اقصد الحكومات العربية التى وصلت القضايا العربية او لنقل القضية العربية الاساسية الى مرحلة عفنة فعلا , و كبلوا انفسهم بايديهم .
الظروف العفنة هى ان الامة العربية تم اختراقها بعملاء و جواسيس للغرب و الشرق , بل وصل العملاء الى مراكز قيادية بل صار بعضهم قادة و من اصحاب الفخامة و السعادة و الجلالة .
فى الماضى كان الغزاة الرومانيون يحيطون مناطق نفوذهم بقلاع عسكرية , تتحول الى مدن و مجتمعات فى بعض الاحيان , و فى نفس الوقت هى مراكز تهديد و حصار لمناطق النفوذ الرومانى و التى لها اهمية خاصة عند الرومان و خصوصا الاهمية الاقتصادية .
فلم يكتف الغرب بعملائه بل احاط هذه المنطقة الحساسة من العالم بقلاع امريكية عملاقة تحيط الامة العربية و تمنع من تسول له نفسه الخروج عن الطاعة من رفع راسه .
القلعة الاولى :قلعة صغيرة , و لكنها شديدة الولاء للامبراطورية الامريكية , و مسلحة حتى النخاع , و هى عملية جدا و تنفذ سياسات الامبراطورية دون ادنى خلاف معها بل هى ملكية اكثر من الملك ,هذه القلعة اسمها (اسرائيل).
القلعة الثانية:قلعة ضخمة جدا , و لها تاريخ قتالى عريق , و خصوصا مع شعوب الشرق , و هى تطمح لتنفيذ دور اكبر و اعمق فى السياسة الامبراطورية الامريكية و هى لا تحاصر الوطن العربى كمنطقة نفوذ امريكية بل تمنع الامبراطوريات المنافسة من الاقتراب من هذه المنطقة كالاتحاد السوفييتى السابق و اسمها (تركيا).
القلعة الثالثة:و هى القلعة الاقوى و الاهم لقربها من اهم مناطق النفوذ الامريكى , و عصب الحياة الامريكى , و الاهم من ذلك ان هذه القلعة بحد ذاتها تمتلك عصبا اخر من عصب الحياة الامريكية , فهى بحد ذاتها منتجة للنفط , و تمتلك قدرات انتاجية ضخمة و فيها تيار قومى عنصرى ينتظر اشارة من سيده الامريكى لياخذ بثاره التاريخى من العرب الذين يعتبرهم مسؤولين عن تدمير حضارته و ثقافته .

هبة الله الى العرب هى انتصار الثورة الاسلامية فى ايران و تحولها من قلعة امريكية تحاصر العرب و تتحفز للانقضاض على العرب و تمارس سياسة شرطى المنطقة و سيدها , الى سياسة مؤيدة للعرب و قضاياهم الرئيسية و صارت تشكل قلعة ممانعة فى المنطقة , تعطى مجالا للعرب ان يناوروا و يقبلوا و يرفضوا خصوصا ان توقيتها كان متقاربا مع تحييد عملاق العرب و تكبيله باتفاقيات و اخراجه من الساحة .
نحن كمؤمنين بالله و بقدرات الشعب العربى , الا انه لك ان تتخيل حال العرب اليوم لولا ظهور الجمهورية الاسلامية فى ايران , تخيل بقاء قوة عنصرية فارسية فى مملكة ايران متحالفة مع الكيان الصهيونى و تركيا ضد الدول العربية .
و تذكر الاجتياحات الصهيونية للبنان , و الحشود التركية على سوريا و تهديدها , و ادخال الفلسطينيين الى المفاوضات , نظرة واقعية الى هذه الاحداث على افتراض عدم وجود ايران الاسلامية كان سيعنى نجاح صهيونى كامل و تنفيذ خطة جهنمية شيطانية لشرعنة الكيان الصهيونى و سقوط عربى تام .
العرب لم يستغلوا هبة الله اليهم , و مرة اخرى اقصد فئة من العرب معروفة بل معظم الحكام العرب و لا اقصد العرب كافراد طبعا , صاروا يفزعون انفسهم بعدو ايرانى وهمى هو فى الحقيقة معهم , و المصيبة انهم يريدون تاييد التيار الايرانى العنصرى الذى اذا وصل للحكم فانه سيقاتل جنبا الى جنب مع الصهاينة و بكل سرور.
هذه القضية فهمها جيدا رجل وحيد فى الحكام العرب , و سياسى تاريخى محنك هو الرئيس السورى حافظ الاسد , لا يعتقد احد اننى اؤيده او امدحه , انا اعترف فقط بالحقيقة , و هى انه سياسى عربى محنك فهم جيدا ان انهيار القلعة الامريكية فى ايران هو باب فرج للامة العربية , و فهم ان الجمهورية الاسلامية حليف يعتمد عليه , بالرغم من ان الاسد قومى عربى , بينما الاقليميون الذين يسمون العرب فى بلادهم اجانب , صاروا يتباكوا على القومية العربية و يتحججون بها لمحاربة الثورة الاسلامية باوامر امريكية .