منذ مدة لا أستطيع الدخول في أي حوارات انترنتية بالمرّة بسبب تسارع الأحداث و تقلّب مزاجي النفسي عموماً. ولكن لامانع من بعض الخواطر عمّا يحدث.

حبس مبارك الأن هو في رأي قرار صعب أتخذه قادة الجيش بسبب همجية الثوار و تسجيل مبارك "الخراء" الذي خرج في وقت غير مناسب.

الأن الوضع على الساحة كالتالي :

1- جميع رجال الأعمال الكبار يتم محاكمتهم و لايوجد عجلة انتاج واحدة تدور اقتصادياً، اللهم إلا ان اعتبرنا أن صناعة الملابس والابر التريكو انتاج!

2- ما يحدث الأن هو محاكم "ثورية" أضاعت ما تبقى للقضاء من رصيد عند المثقفين، فمحاكمة مرتضى منصور مثلاً و حبسه 15 يوم هي فضيحة أخلاقية لمجرد أن الرجل لم يعترف بالثورة و لم تعجبه بالمرة. و غير ذلك من محاكمات لفتحي سرور وحبسه 15 يوماً دون وجود اي دليل "مادي-ورقي" عليه، ورغم ذلك يتم حبسه إرضاءاً للثوار.. و حبس نجلي مبارك كذلك دون وجود دلائل مادية-ورقية عليهم.

3- فايزة أبو النجا أعلنت أن الاحتياطي النقدي الان لا يكفي احتياجات المال العام أكثر من شهرين فقط..وتتوسل الأن الأمريكان لاعطاء مصر قروض طويلة الاجل أو على الأقل شطب بعض ديونها، وهذا يعبر عن حالة مصر الكارثية الأن و الهمج لازالوا يدعون للمظاهرات و الفوضى.

4- توجهت لميدان التحرير في اليوم التالي من فض الجيش للمظاهرات، تحديداً يوم السبت الماضي، وما وجدته هناك كالتالي :

أ- بعض المسجلين خطر

ب- بعض الشراميط الذين غالباً إما يحاولون الحصول على عريس أو على رجل يناموا معاه.

ج- وهذا حواري مع احد الثوار العظماء :

الثائر : ايوة ضربنا الجيش وطلعنا دين ابوهم.

جورو : وفرحان انك ضربت الجيش؟

الثائر: واحد زيك لابس قميص ب200 جنيه وجزمة ب400 جنيه هيحس بإيه؟ احنا بنثور عشان نجيب لكم حقوقكم وانتوا مش حاسين بحاجة..أنا في المظاهرات من ايام سنة 99 مع حركة كفاية.

جورو : هي حركة كفاية من 99؟ طيب.

ثائر جديد بذقن طويلة : احنا دلوقتي بينا وبين المشير دا دم وثأر و مش هنسيبه غير لما نقتله هو و اعوانه.

جورو: وماذا لو حدث انقسام بالجيش نفسه ؟

ثائر بذقن : ياريت عشان الفئة الباغية تنهزم.

جورو : السلام عليكم عندي معاد.

الثوار : شتيمة وسب ولعن في جورو .


كل من رأيتهم هناك بعض الهمج الملاعين الذين يعملون بائعي خضار وفاكهة و بطاطا، وليس هذا عيباً بالمرة.ولكن العيب أن يقوم بعض هؤلاء المخبولين بإغلاق أكبر ميدان بمصر ووضع الأسلاك الشائكة حوله، و حرق سيارة تابعة للجيش و الافتخار بذلك!


لازالت أخلاقيات المصريين كما هي لم تتغير..كل ما حدث هو أننا حاكمنا مبارك و أولاده وتم تحويل الأمر لثآر شخصي ضد الرجل و أعوانه ليس إلا. لايمكن بالمرة تخيل أن هذه المحاكمات عادلة أو سيشوبها عدل. و كأن المتهم الوحيد هم رجال الأعمال!

أين رجال القضاء و النائب العام مما كان يحدث؟
أين رجال الجيش مما كان يحدث؟
أين رجال الإعلام اللي بقو شرفاء فجأة مما كان يحدث؟
من كان منّا لا يدفع رشوة لتخليص أموره في الشهر العقاري أو المرور أو مكتب السفريات أحيانا أو خطف حتة على الدائري عكس عشان المنزل فاته!

طيب ألم تروا المهازل التي حدثت في الطرق منذ اختفاء الشرطة؟ الكل الان "مفيم" و الجميع يمشي عكس السير..والكل شال نمر عربيته .هذا مثال بسيط عن همجية المصريين حتى الأن و انعدام الاخلاق لديهم داخل نفوسهم و أنهم دوماً في حاجة إلى من يراقبهم و يكون رقيباً على تصرفاتهم.

بنظرة براغماتية الأن أرى أن الثورة لم تتسبب سوى في انهيار البلاد إقتصاديا وآمنياً، و أن محاكمة رموز الفساد غير مجدية و تسببت في انهيار الاقتصاد، كان يكفي عمل صفقات بين المجلس العسكري و رجال الأعمال على رد الأموال المنهوبة، أو اعطاء نصف ثرواتهم للدولة في مقابل عدم محاكمتهم. وبذلك لم نخسر مليارات الإقتصاد و لم نخسر أيضا رجال الأعمال. بينما الأن خسرنا ملياراتهم التي بالخارج والتي لن نحصل على ملييييييييييييم واحد منها، و كذلك خسرنا رجل الأعمال الذي الأن بات الجميع يحقق خلفه و ورائه...


الوضع الآمني كارثي حتى الأن والسرقة و القتل و الإغتصاب اصبح أمراً عادياً..والوضع الإقتصادي كارثي و خلال 4 شهور لن نجد أموالاً للقطاع العام ومن ثم ستحدث كارثة حقيقية لو لم يتم تدارك الأمر...الوضع السياسي أيضاً أصبح مخيفاً، فالأن الجميع يريد دولة دينية إسلامية و لا أحد يريد الدولة المدنية خلاص! الكل تذكر فجأة أنه كان مسلم وانه مكنش بيحشش ولا بيزني ولا بياخد رشوة!


فرجاء أن ترحمونا من الأحلام الوردية و الطموحات المستقبلية البتنجانية، الوضع الأن كارثي و علينا أن نعترف بذلك لمحاولة ايجاد حلول، بدلا من التنطع و التخريف بأحلام و آمال وردية عن ثورة لم تتحقق بعد. فكي تتحقق الثورة لابد من ثورة داخل المصريين أنفسهم.

يا عاشق ويا ليلى، هو انتوا مش عايشين في مصر برضو؟ أمال ايه كمية الانبساط اللي على وشوشكم دي!