هنا لي اضافة من زاوية أخرى:
فلسطين بحكم وقوعها تحت الاحتلال و سيطرته على منافذها البرية و البحرية و الجوية و بالتالي اغلاقها في وجه العرب لما يزيد عن ٦٠ سنة، هي عالم مجهول بالنسبة للمواطن العربي، و يتخيله فقط من خلال فكرة واحدة و هي ان فلسطين محتلة و اهلها يناضلون يوميا. بالرغم من صحة هذا و بالرغم من المنغصات اليومية التي يتسبب بها الاحتلال و التي ذكرها الزملاء اعلاه، الا ان المجتمع الفلسطيني و بنيته التحتية لا تختلف عنها في اي دولة عربية اخرى. فلدينا مدارسنا و جامعتنا و محاكمنا و سجوننا ومراكز ابحاثنا و مكتباتنا و شركاتنا و كل مؤسساتنا المدنية التي تخضع لقانوننا الفلسطيني، و التي اخذ على عاتقه سلام فياض على تقويتها و تنميتها لتكون جاهزة لاعلان استقلالية الدولة. و الحياة في فلسطين افضل من الحياة في كثير من الدول العربية على الرغم من منغصات الاحتلال مرة اخرى، فلدينا حرية رأي لا تتوفر في دول عربية اخرى (ملاحظة: انا لا اتكلم عن امارة غزة)، مستوى جامعاتنا كبيرزيت و بيت لحم و النجاح عالٍ و هي جامعات مرموقة و معروفة، نحن سباقون في مجال تكنولوجيا المعلومات و الاعمال المالية و الاتصالات المصرفية، فكثير من الشركات العالمية مركزها الاقليمي بالشرق الاوسط موجود برام الله. و شركاتنا الفلسطينية تنافس شركات عالمية في عطاءات دولية، مثلا نافست شركة جوال الفلسطينية شركات عالمية كاورنج الفرنسية لكسب عطاء انشاء شبكة اتصالات خليوية في العراق و اليمن. الشركة العربية الوحيدة التي تستطيع تسويق صناعتها الدوائية في المانيا و دول الاتحاد الاوروبي هي شركة دار الشفاء الفلسطينية، و ذلك بسبب حصولها على ال GMP.
اكتب من هذه الزاوية ليس من باب التفاخر، بل لأن هذا الموضوع ذكّرني بحادثة طريفة، ففي العامى١٩٩٦ عندما كان انتشار الهواتف الخليوية في الوطن العربي في بدايته و لم يكن معروفا بشكل كبير، كنت انا و صديق سوري نشاهد على التلفزيون الاضطرابات و الاشتباكات بين الفلسطينيين و جيش الاحتلال الاسرائيلي بسبب احداث النفق التي احدثته اسرائيل تحت المسجد الاقصى في نفس العام.
و فجأة يقفز الى المشهد شاب فلسطيني يضع على خاصرته هاتف خليوي نقال و يقذف الجنود الاسرائيليين بالحجارة، فما كان من الصديق السوري الا ان تعجب و تسائل كيف لهؤلاء قاذفي الحجارة مثل هذه الهواتف الحديثة في الوقت نفسه نحتاج للحصول على ربطة خبز في سوريا ان نقف بالطابور اكثر من ثلاث ساعات (طبعا كان على سوريا ان تنتظر ذهاب الاسد الاب و مجيء الابن بعد هذه الحادثة بخمس سنين لتبدأ خدمات الانترنت و الاتصالات الخليوية ان تبدأ بالعمل هناك).
و حادثة اخرى حصلت معي بالقاهرة، عندما ركبت مع سائق تكسي مصري كان يعتقد ان الفلسطينيين اغنياء، و عندما سألته عن السبب الذي يدعوه لهذا الاعتقاد، قال انتم الفلسطينيون تستخدمون سيارات المرسيدس ذوات الموديلات الحديثة كتكسيات للتنقل.