تحياتي عزيزي أبانوب

الواقع، لم أُرِد أن أتدخل في مقالك ولا في مقال غيرك. فقد فكرت بنفسي أن أحدّ من مساهماتي في المنتديات (على الأقل في الوقت الحاضر).

لكني وجدت نفسي هذا الصباح بدون ارتباط شخصي يُذكَر. فسمحت لنفسي أن أتشرف بالمشاركة باختصار بشريطك هذا.

لذلك أرجو أن تتقبل تدخلي بصدر رحب. لأن هدفي ليس نقدك، بل لفت انتباه حضرتك (بطريقة ودية أخوية) لأمور معينة في الكتاب المقدس.

مقالك هذا يذكّرني بحالة كنا قد مررنا بها في لبنان (بشكل محلي) في أواسط سبعينات القرن الماضي. فعندما رأينا انفجار الحرب الأهلية منذ سنة 1975، راحت أفكار البعض إلى نبوة زكريا لتربطها بما يحدث:

"اِفْتَحْ أَبْوَابَكَ يَا لُبْنَانُ، فَتَأْكُلَ النَّارُ أَرْزَكَ." - زكريا 11 : 1.

طبعاً لا حاجة للقول بأن مَن رأى الأمور بتلك الطريقة كان مخطئاً. فنبوات الكتاب المقدس القديمة، لا شك أن لها إتماماتها في الأمم القديمة الحرفية (أمة بعد أخرى، لتشمل في النهاية الجميع). أما لوقتنا الحاضر - فحتى إذا افترضنا وجود إتمام مجازي آخر لها - فهي لا تنطبق على التسميات العصرية المحلية.

فمثلاً: التسمية "مـصـــر" قبل الميلاد، كانت غالباً تنطبق على أرض مصر الحرفية. لكن بعد المسيح، لا علاقة لها بمصر الحرفية، بل مصر المجازية. (يعني انطباق النبوة - إذا وُجـِد - يكون له أثر عالمي لا محلي). وذلك طبعاً بدليل من الكتاب المقدس ذاته. اقرأ معي من فضلك ما يلي:

"وَتَكُونُ جُثَّتَاهُمَا عَلَى شَارِعِ الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تُدْعَى رُوحِيًّا سَدُومَ وَمِصْرَ، حَيْثُ صُلِبَ رَبُّنَا أَيْضًا." - رؤيا 11 : 8.

نلاحظ هنا بأن كلمات يوحنا تلك تعتبر مكان إعدام أو صلب ربنا يسوع المسيح في سدوم ومصر. وطبعاً كلنا يعلم بأن هذا غير صحيح إن أخذناه بالمعنى الحرفي. فالمسيح صُلِب بالقرب من أورشليم وليس في سدوم ولا في مصر.

إذاً، التسمية "مـصـــر" في هذه الحالة لها انطباق مجازي (عالمي)، وليس حرفي (محلي). إنه ينطبق في الحقيقة على "عالم الشيطان" الذي يعارض خدام الله الأمناء، ويعرقل نشاطهم. تماماً كما عمل بيسوع المسيح قائدهم.

لذلك، ومع أني أرى بأنك بذلت جهداً لا بأس به في تكوين مقالك. أظن بأنه من الصواب أن نأخذ بعين الاعتبار أن التسميات "لبنان" أو "مصر" (أو غيرهما)، لا تنطبق في عصرنا بشكل محلي بل عالمي. هذا إذا حاولنا إيجاد انطباق لها لوقتنا الحاضر كإتمام ثانٍ للنبوة (ليس كنبوة، بل كصورة نبوية).

تحياتي لك عزيزي.