يتوجب أن يقوم العالم الدولي بتأسيس سوق عالمي لبيع المنتجات الفكرية ، فتباع أفكار التنوير والحادثة والديمقراطية بالكيلو والطن ، أفضل من أن نتعب رؤوسنا بالبحث والتقصي ، لأن البعض بدأ يتحدث عن الحضارة والتقدمية وفق هواه ، وكأنه هو الذي يحدد كيف تكون الردة الحضارية وكيف تكون الحضارة وكيف تكون الحداثة ، هؤلاء الصنف من البشر هم أكبر خطر يواجه الأمة الإسلامية ويواجه مشاريعها التحررية والتقدمية والإسلامية كذلك ، لأنهم منسلخين تمام الإنسلاخ وبعيدون تمام البعد عن الأمة ومشاعرها وأفكارها ومطالبها ، ويريدون استيراد ثقافات وافدة بدون تمحيص أو تنقيب أو تدقيق ويفرضونها فرضاً على الشعوب الإسلامية ، بل وصل الأمر للحديث عن عدم جدوى إستقلال الشعوب الإسلامية - دعوة خيانية لإحتلال الشعوب الإسلامية - .

وقبل كل شيء فنحن ندعو للحضارة وندعو للتدقم والمدنية والرقي الفكري والأخلاقي والإنساني في كل مناحي الحياة ، وندعوا لمرجعية الأمة في كل شيء ، فندعوا للمعاصرة ولكن نقول بين المعاصرة والأصالة الثقافية - والتي تستمد قوتها من التراث الفكري لكل شعب وأمة - رابط وثيق لا يمكن قطعه أو تخطيه ، وإلا حصل هناك خلل في الأمة ومشاريعها ، كما أننا نعمل بقاعدة " الإنفتاح على الآخرين مع الحفاظ على الذات " ولا ندعوا للإنفتاح على الآخرين ونكران الذات ، ولا ندعوا للإنسلاخ عن الذات من أجل اللحاق بالآخرين لأن ذلك معناه حادثة على حساب التراث أو تراث على حساب الحداثة .

كما أن الحديث عن اكتشاف الأمة والشعوب الإسلامية لعفن الإسلاميين هو كلام أقل ما يقال عنه أنه مضحك ، قد تقل شعبية الإخوان مثلاً أو السلفية أو حزب التحرير ، ولكن الإسلامي ككل سيبقى رقماً صعباً في المعادلة إلى أبد الآبدين ، كما أن الإسلام سيبقى حاضراً في وجدان الشعوب الإسلامية والعربية وهذا أمر لا مفر منه ، فالأمة لن تعرف غزواً فكرياً أكثر من موجات التغريب في عشرينات القرن المنصرم ، ولن تعرف إختراقات داخلية مثلما حصل مع الأحزاب اليسارية والشيوعية والعلمانية في أوساط القرن المنصرم ، ولكن في النهاية أصبحت تلك الأحزاب والأفكار عبارة عن تمثال قديم مغبر وبقي الإسلاميون هم من يشكل المعادلة الشعبية في كل بقعة من بقاع العالم العربي والإسلامي