أنا فلسطيني وأخالفك جملة وتفصيلاً في ما تذهب إليه، ولا أجد "خطتك" ناجعة أبداً، بل من شأنها وضع "اسرائيل" في مركز الحدث، وجعلها على ما كانت عليه "مكة" في جزيرة العرب إبان مبعث الرسول.

بالنسبة لي، ليست القدس مركزية إلا من ناحية "وطنية فلسطينية" بحتة وبالكاد. وإذا ما تم قيام دولة فلسطينية يوماً ما وأنا على قيد الحياة، فإنني سوف أدعو إلى عدم اتخاذ "القدس" عاصمة لها، بل فعل ما فعله الأتراك في "أنقرة" مكان "استانبول".

أنا لا أومن طبعاً "بمملكة الشيطان" ولا بالأنبياء ولا بالرسل ولا بمحمد ولا بنزول المسيح في آخر الأيام ولا "بالتأكيد" "بخير أمة أخرجت للناس". ولكني، هنا أريد أن ألفت انتباه حضرتك إلى أن قصة "المسيحيين واليهود كموالين لبعضهم البعض" لا تعبرّ إلا عن واقع "المدينة" أيام نزول الوحي على رسولك وبالكاد. فاليهود - عند المسيحيين - هم من صلبوا "سيدهم وإلههم"، والمسيح عند اليهود ليس إلا "دجالاً ابن حرام" وبين الفئتين منذ ألفي عام "ما صنع الحداد". فالمسيحيون الأوائل اضطهدوا على يد أغلبية يهودية في فلسطين وبلاد الشام، ولكن الأمر لم يدم طويلاً، فلقد كان من شأن المسيحية أن تصبح دين الدولة الرومانية مع الامبراطور قسطنطين الكبير، فيعلو نجم المسيحيين وتصبح قوتهم أضعاف مضاعفة بالنسبة لقوة اليهود. وعندها يذهبون في "ذبح اليهود" مذاهب شتى على مدى التاريخ. بل انك تستطيع أن تقول أن النصير الكبير لليهود كان المسلمون ودولة خلافتهم خلال 1300 سنة، ولعل البرهان القاطع على هذا ما جرى من طرد اليهود من الأندلس بعد استعادة المسيحية لإسبانيا. ولجوء هؤلاء إلى ديار الإسلام بالذات كي يستطيعون العيش بسلام آمنين.

آخر مذبحة لليهود على يد المسيحيين معروفة مشهورة يعرفها القاصي والداني أيام الحكم النازي لألمانيا الهتلرية وما سمي وقتها "بالحل النهائي".

مقولة أن "اليهود والنصارى" موالين لبعضهم البعض تتعلق فقط بأيام نزول الوحي على محمد ووضع اليهود والمسيحيين في الجزيرة العربية إزاء الإسلام المحمدي. ولكنها لا تتفق مع "أحداث التاريخ" قبلها وبعدها نهائياً. بل نستطيع أن نقول أن يهود الجزيرة ومسيحييها، قبل الإسلام وبعده بقي بينهم عداء كبير مخيف، ولنتذكر هذه الحروب الطاحنة التي قامت بين "يهود اليمن" و"نصارى نجران" وجنوب شبه الجزيرة في الفترة القصيرة التي سبقت مولد نبي الإسلام.

اقتضى التنويه ...

واسلم لي
العلماني