فعلاً.. يا حيف!
محمد أبو رمان
تاريخ النشر 08/05/2011 11:05GMT
تُصدم شريحة واسعة من المواطنين العرب بالموقف المتخاذل لأغلب الفنانين السوريين من الثورة السورية، إمّا بتأييد مطلق مفضوح للمجازر ضد أبناء شعبهم، أو بالصمت، أو حتى ببيانات "خجولة" تغازل السلطة أكثر مما تؤيد المطالب العادلة بالحرية والكرامة!
المقارنة قد تبدو، للوهلة الأولى، ظالمة بين أوضاع الممثلين السوريين الذين يقعون تحت سطوة نظام بوليسي مغلق، وبين الفنانين المصريين الذين قدّموا موقفاً مشرّفاً مع الثورة، بل كانوا دعامة أساسية لها، كما هي حال المخرج الرائع، خالد يوسف، بالإضافة إلى الأكاديميين والقضاة والمثقفين.
مصداقية الفنان وسمعته وصورته لدى الناس تتأثر كثيراً بسلوكه الواقعي، وليس فقط في أدائه التمثيلي. وهؤلاء الفنانون، إما أن يكونوا مدماكاً مع أشواق الحرية الشعبية في سورية أو أبواقا للسلطة، وهو للأسف ما أثبتته نسبة كبيرة من هؤلاء!
السقوط الذريع كان لدريد لحّام، الذي ربما عذرناه لفيديو قديم يصور القذافي معه في منزله، برفقة فنانين آخرين، لكن موقفه الحالي من الثورة يحطّم بأثر رجعي ما قدّمه من فن مسرحي خلال العقود السابقة، لأنّ قيمة ذلك الفن هو في خطابه السياسي الجريء، وهو ما يتناقض تماماً مع مواقف الرجل الحالية، والحميمية التقليدية بينه وبين السلطة.
هذا الموقف المتخاذل حطّم "القوة الناعمة" التي حققتها الدراما السورية خلال السنوات الماضية، وهشّم صورة الفنانين والمحبة التي حازوا عليها من المواطنين، بعد أن رأوا في "باب الحارة" الحقيقي ما يخالف "المزوّر"، وبعد أن وجدوا "ضيعة تشرين" أخرى و"غربة" مناقضة و"شقائق نعمان" نبتت في مكان آخر، وكأساً للوطن بطعم الانتهازية والافتراء!
كنّا نود أن نرى مواقف مختلفة للفنانين السوريين، كإخوانهم المصريين، حتى وإن كانت مكلفة أكثر، لكن تأثيرها سيكون كبيراً جداً وصداها الإعلامي سيدعم مطالب الناس المحقة والعادلة. لكن قلة قليلة من هؤلاء الفنانين هي من أثبتت جرأتها ووطنيتها، وانسجمت مع نفسها وجمهورها ومحبة الجماهير.
في مقدمة الفنانين الذين انحازوا للشعب، ويستحق تحية محبة وتقدير استثنائية، الفنان سميح شقير، الذي أطلق أغنيته (يا حيف): "يا حيف أخ ويا حيف زخ رصاص على الناس العزّل يا حيف. وأطفال بعمر الورد تعتقلن كيف. وانت ابن بلادي تقتل بولادي. وظهرك للعادي وعليي هاجم بالسيف. يا حيف يا حيف. وهذا اللي صاير يا حيف. بدرعا ويا يما ويا حيف. سمعت هالشباب يما الحرية عالباب يما. طلعو يهتفولا. شافو البواريد يما. قالو اخوتنا هن ومش رح يضربونا. ضربونا يما بالرصاص الحي. متنا. بايد إخوتنا باسم امن الوطن.."، إلى آخر هذه الكلمات الرائعة.
يا حيف، فعلاً، على الفنانين السوريين والمثقفين والسياسيين الذين خذلونا وصدمونا، ولم يرف لهم جفن وهم يدافعون أو يصمتون عن هذا القتل وتلك المجازر التي ترتكب بحق المدنيين العزل والمواطنين الذين لا جريرة لهم، إلاّ أنّهم يطالبون بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية.
يا حيف على المثقفين العرب والسياسيين الذين يشبعوننا حديثاً عن النضال والمقاومة، ولا يتساءلون عن شرعية نظام يقتل الأطفال والنساء والشيوخ، ويحكم بعائلة صغيرة وموغل في الفساد والقمع، أنّى له أن يكون نظاماً وطنياً شريفاً!
في هذه اللحظة التاريخية الفاصلة؛ كل من وقف، ويقف، ضد المطالب العادلة بالديمقراطية والحرية والعدالة للشعوب هو الخاسر، فلسنا أمام موضوعات جدلية أو خلافية، نحن أمام قيم إنسانية أساسية من يخونها فلا قيمة لفنه أو أدبه أو ثقافته
http://www.alghad.com/index.php/afkar_wa...25523.html