(05-12-2011, 10:14 PM)Dr.xXxXx كتب:  الزميل طريف، شكراً على مداخلتك فنحن بحاجة هنا لتغيير الجو قليلاً.

طرحت هذا السؤال بشكل خاص وليس عام، فاغلب ملحدي النادي ذوي اساس ديني، لذا فالايمان يعتبر الحالة الاصلية، والخروج عنه هو الحالة المستجدة.

نظرية الاثير كانت اعتقاداً ثبت بطلانه بشكل قاطع، اما الدين او الله، فلم يثبت بطلانه بجميع الاصعدة، فحتى في مجال العلم تجد هناك مؤمنين بوجود الله بغض النظر عن الاسباب، مما يوصلنا بالضرورة ان الرأيين ممكنين بشكل كبير من وجهة النظر الحيادية، لكن وبسبب غياب الحيادية في نقاش كهذا، فكل سيبني نقاشه على معتقداته.

اقتباس:انما قصور في البرهان بدون تبرير، وهو بذاته اقرب ان يكون برهان على النفي منه على الوجوب.

هذه الجملة قد تعتبر قمة الصواب من وجهة النظر الالحادية، لكن من وجهة نظري كمؤمن فارى مثلاً أن النشأة الكونية والحياتية من المستحيل ان تكون نتيجة فوضى او صدفة، فكل التناغم الكوني من حولنا يدل على انه مُصَمّم، ومن الصعب ان اتخيل غياب الاله او نفي وجوده لمجرد غياب مُعجزة خاصة في ظل رسالة واضحة من هذا الاله : ان سنتي في خلقي اني اذا آتيتهم ما سألوا، فإن امنوا والا عاجلتهم بالعقوبة.
فالدليل مشروط بالايمان، والايمان مسؤولية، ومن الامم السابقة كما وصلنا ان كل اية كانت دافع استكبار، فلعلها اذن رحمة من الله.

ثم ان الخلق بحد ذاته او النشوء او سمه ما شئت، الا يدل على عجز بشري مقابل قدرة مجهولة نعزوها الى الاله؟ فما هي مشكلة هذا الدليل؟

واتمنى لك الهداية، وكل ود

عزيزي Dr.xXxXx
ان ماطرحته لك كان فقط توضيح الالحاد الذي اخطا سؤالك في التعاطي معه وانطلق من الحالة الخاصة. ومثال الاثير اختيار واعي للاشارة الى احتمال بطلان النظرية، وان القبول بها وتبنيها لايجوز الا بعد ثبات البرهان وليس قبله. لذلك ان تقول ان " الدين او الله، فلم يثبت بطلانه بجميع الاصعدة" يدلل على عدم انتباهك لجوهر الموضوع على الرغم اعترافك به عمليا: ان الرسالة لاتحوي البرهان القاطع، على الرغم ان البرهان يفترض ان يكون عمودها الفقري، ومع ذلك هو المفقود، وفقدان البرهان لايلزم بالقبول.

ان القول ان الدين او الله لم يثبت بطلانه، يعني ايضا انه لم يثبت صحته، وبالتالي فالدين يطالب بتبنيه انطلاقا ليس من القدرة على اثبات الصحة وانما من عدم القدرة على اثبات النفي، وهذا يتنافي مع مبدأ اساسي ان البينة على المدعي، وان المُدعي عظيم وغير عاجز، وانه ارسل الرسالة ونسي البرهان. وهذا، كما قلت لك هو برهان على النفي وليس الوجوب. وعلى الاخص ينفي التبليغ بالبرهان وبالتالي انعدام الوجوب وتقع المسؤولية على المُرسل.

ثم من الغريب تعبير " جميع الاصعدة" فهل تقصد انه ثبت ببعض الاصعدة؟

لذلك ان إمكانية الرأيين، حسب طرحك، ليس برهان ثبوت وانما اعتراف بعدم وجود البرهان، إعتراف بنسيان البرهان ، وبالتالي بذاته يفسر حق الملحد والانسان الموضوعي بموقف الرفض لنقص الادلة التي يتحمل مسؤوليتها المُرسل وحده.

ونرى من عرضك لوجهة نظرك كمؤمن ان الدليل لديك ليس من داخل الرسالة وانما من خارجها، في حين ان الرسالة اداة تهديد لسوط وعي الانسان عوضا عن الحجة، وهذا بالذات الوظيفة التي تقوم بها الاية التي شعرت انك مُلزم بإرسالها في تعليقك.

تقول ان الدليل مشروط بالايمان، وبالتالي فالدليل ليس عقلي وانما عاطفي، وهو اعتراف جديد بعدم وجود الدليل، في حين تقوم عملية الايمان على التخلي عن المطالبة بالدليل مرة وللابد، عندها فقط يأتي الدليل. اليست هذه صورة سريالية للوعي الديني؟