{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
المثقفون والثورات العربية
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #6
الرد على: المثقفون والثورات العربية
لثقافة والمثقف والسلطة

حسين العودات

التاريخ: 14 مايو 2011
حسين العودات

لم يتوصل المفكرون والفلاسفة والمهتمون إلى تعريف موحد للثقافة، فقد بلغت تعريفاتها ألف تعريف عداً، وسنلجأ هنا إلى أهمها لعلها تكون الأقرب لمفهوم الثقافة وقادرة على الإحاطة به.

وحسب هذا المفهوم فإن الثقافة هي كل ما يتعلق بالعلوم والفنون والآداب والمعتقدات والأديان على رأي الطاهر لبيب، وتشمل المعارف والقانون والأخلاق والتقاليد وكل ما يكتسبه الإنسان كعضو في المجتمع،.

وقد لخص مفكرون آخرون مفهوم الثقافة بأنها كل ما يضيفه الإنسان إلى الطبيعة مادياً أو معنوياً. وكان تعريف المثقف بدوره محط خلاف أو تباين لدى المثقفين والفلاسفة، وكذلك كان دوره، ولم يتضح هذا المعنى وذاك الدور إلا في القرن التاسع عشر على أيدي فلاسفة وكتاب فرنسيين.

وعلى أية حال يمكن مقاربة تعريف المثقف (العضوي كما سماه غرامشي) على أنه الذي يدافع عن الطبقات الاجتماعية المتنورة التي تدعو إلى التقدم والسير نحو الأمام وتعبّر عن الكتلة التاريخية الجديدة، والمطامح الجديدة والإبداع والمساواة والعدالة والديمقراطية.

مرت العلاقة بين المثقف والسلطة خلال التاريخ بظروف وشروط عديدة ومتعددة، متناقضة في بعض الأحيان ومتوافقة في أحيان أخرى، فكانت أحياناً علاقة مبنية على التحدي والنقد والنضال والصراع من أجل الحرية وحقوق الإنسان وتقويض الفساد السياسي، .

وهذه من مهمات المثقف الأساسية، وعندما يتبناها يتعرض للضغوط المعنوية والمادية من نفي واعتقال وتعذيب وإقصاء وتهميش، وقد رأى فوكو أن مهمة المثقف هي كشف آليات السلطة وإفساح المجال للمتسلط عليهم لينبثق خطابهم بكل تلقائية.

هذا وفي أحيان أخرى قد يتصالح المثقف مع السلطة ويتكيف مع الواقع ويتأقلم مع النظام ويتحول إلى بوق سياسي ومحامي يدافع عن النظام السياسي الحاكم ويحمل أيديولوجية السلطة القائمة وسياساتها ويوصّلها في خطاب ديماجوجي إلى الجماهير الشعبية دفاعاً عنها، بهدف إعطائها المشروعية، .

كما قال الكاتب المغربي جميل حمدان. وقد تلجأ فئة ثالثة من المثقفين إلى السلبية والانغلاق على الذات والانطواء، كي لا تتورط بموقف يسبب لها ضرراً أو إشكاليات، وتعيش بهذه الحالة على هامش المجتمع وتبتعد عن أي دور فعال فيه.

تعرض المثقفون الذين لم يخضعوا للسلطة وقيمها وتقاليدها ومصالحها خلال التاريخ إلى عقوبات وأضرار كبيرة، ففي القرن الخامس قبل الميلاد اضطر سقراط إلى شرب السم تنفيذاً للحكم عليه من قبل السلطة ودفع حياته ثمناً لأفكاره (سقراط أعطى الكأس وهي منية.. شفتي محب يشتهي التقبيلا)، ومثله واجه علماء ومثقفون عديدون في أوروبا عقوبات قاسية مثل (جوردانو برونو، وجاليلو، وكوبرنيك).

لم يخل التاريخ العربي من علاقة مضطربة بين السلطة والمثقف، ونتذكر محنة أحمد بن حنبل عندما رفض قبول آراء المأمون المتعلقة بأفكار المعتزلة (وخلق القرآن) وتعرض للسجن والاضطهاد، .

وكذلك ابن رشد عندما أحرقت كتبه بسبب عقائده ومواقفه السياسية، وصلب الحلاج وتقطيع أطرافه، وأشير إلى العقوبات التي فرضت على آخرين كثر كمالك بن أنس والحسن البصري وغيرهما، ومن جهة أخرى مالأ بعض المثقفين السلطة ووضعوا أنفسهم في خدمتها فالماوردي ألف كتاب (الأحكام السلطانية) ليقنن للخليفة ما يريد،.

وركّب القوانين ونظام الحكم حسب رغبة السلطان، ومازال العرب والمسلمون يعانون من أفكاره ومقترحاته حتى الآن. ومثله فعل حجة الإسلام أبو حامد الغزالي بكتابه (التبر المسبوك في نصيحة الملوك) الذي أراد أن يزاوج فيه بين موقف السلطة وموقف الشعب، وقدم خدماته للسلطة بكل جلاء، ثم تأسف على ذلك فيما بعد.

أما في التاريخ الحديث والمعاصر، فنتذكر المثقفين من شهداء 6 مايو الذين أعدمهم جمال باشا السفاح لأنهم طالبوا بالاستقلال ورفضوا ممالأة سلطته، كما نتذكر علي عبد الرزاق الذي واجه مصاعب وعزلاً وانتقاداً بسبب أفكاره ورفضه الإذعان لمطالب الملك فؤاد ودعم طموحه بالخلافة، وكذلك آراء ومواقف طه حسين وعديد من المثقفين الذين لم تستطع السلطة تدجينهم. يواجه المثقفون العرب في المرحلة الحالية مثل هذه الإشكاليات بين السلطة والمثقفين، .

فمن المفروض أن يكون المثقفون بما يملكون من وعي متقدم ومعارف واطلاع على تجارب الشعوب الأخرى وعوامل التطور التاريخي وحقوق الإنسان وغيرها (أن يكونوا) متحالفين مع الشعب ومطالبه وناقدين جديين للسلطة وسياساتها وانحرافاتها، إلا أن معظم السلطات العربية تريد توظيف المثقفين دعاة لها وجزءاً من إعلامها، وعاملين على نشر ثقافاتها وآرائها وتبرير أخطائها، وتحويلهم إلى (صوت سيده) وببغاوات يقولون ما يملى عليهم (يقول ما قالا له كما تقول الببغاء.)

. ونلاحظ في بعض الحالات أن هؤلاء المثقفين المدجنين في دفاعهم عن السلطة، يزايدون عليها ولا يخجلون من اتخاذ مثل هذه المواقف، والطريف أن السلطة تكون في بعض الحالات أكثر تعقلاً ورشداً وتوازناً من آرائهم وأعمالهم.

إن ممارسة هذا الدور من قبل المثقفين العرب يعود إلى أحد أمرين: إما أنهم لا يدركون الجريمة التي يرتكبونها في تزوير وعي الناس وتبرير أخطاء السلطة وفسادها، أو أنهم يخشون من العقاب ويطمعون في مكافآت لا يستحقونها. وقد تعودت بعض السلطات العربية على إيجاد من يبرر أعمالها من المثقفين، ولم تعد تقبل أي موقف نقدي مهما كان متساهلاً وناعماً وخفيفاً، كما أنها لم تعد تقبل مدحها حسب طريقة المثقف وأسلوبه، بل تصر على أن يتم هذا المدح بأسلوبها هي، .

وتفرض بهذا أفكارها ومنهجها وأساليبها، وفي حالات كثيرة تكلف ضباط أمن كي يكونوا مرشدين للكتاب والصحافيين الذين وضعوا أنفسهم في خدمتها ومشرفين عليهم، ولنا أن نتصور النتائج الكارثية لإدارة رجال الأمن للمهمة الثقافية والمهمة الصحافية.

لقد كانت هذه العلاقة (بين المثقف والسلطة) إشكالية منذ زمن طويل ومازالت حتى الآن، ويبدو أنها لن تنتهي قريباً مادامت توجد سلطات دكتاتورية وقمعية وضيقة الأفق وفاسدة، ليس في البلدان العربية فقط بل في كل مكان من العالم.
05-14-2011, 11:36 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الرد على: المثقفون والثورات العربية - بواسطة بسام الخوري - 05-14-2011, 11:36 AM

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 3 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS