أتريد حقيقة استحضار التاريخ يا فانسي هوني؟

هل بحثك يشمل اﻷربعة عشر قرنا، أم الفترة المعاصرة فقط؟ (الفترة المعاصرة هي منذ الثورة الفرنسية حتى اليوم)

إن كان بحثك يشمل اﻷربعة عشر قرنا، فجدير بك أن تذكر أشياء شتى لم تذكرها في عجالتك تلك.

بعيد انهيار الدولة العثمانية، أو في أخريات أيامها حتى، لم يعد تقريبا هناك من إسلاميين، سوى بضعة حركات متفرقة تم إخمادها في مهدها، وهي حركات مقاومة احتلال أساسا، ثم برز اﻹخوان المسلمون والتحريريون من بعدهم كحركات اسلامية منظمة. قد يجدر بنا أن ندرس عهدهم اﻷول هذا ونرى من استخدم العنف للوصول إلى أغراضه.

مع العلم أنني لي ملاحظات شتى على الحركتين السابقتين، لكن ليس موضوع ملاحظاتي هنا.

البحث يجدر به أن يكون كالتالي أصوليا،

هل اﻹسلام دين فحسب، أم هو نظام حياة؟ وهل نص اﻹسلام على ذلك أم أنه يفهم منه ذلك؟
هل يحق للمسلمين، أفرادا وجماعات، أن يتبنوا وجهة نظر سياسية إسلامية مبناها على العقيدة اﻹسلامية باﻹيمان بالخالق المدبر؟ وهل يحق لهم أن يدعو الناس لها؟ أعني العقيدة السياسية
هل يحق لهؤلاء الفريق من المسلمين أن يسعوا ﻹيجاد ما يؤمنون به في الحياة العامة، وأن يوجدوا دولة ونظام حياة تتمثل فيه هذه العقيدة؟ أم أن هذا الحق حكر على العالمانيين الديمقراطيين الليبراليين؟
إن كان يحق لهم ذلك، فهل هم ملزمون بأدوات يفرضها القانون، أم أنهم يحق لهم أن يستعملوا كل أداة لا تخالف القانون؟ وهل القانون هو الحاكم على اﻷمة أم اﻷمة هي الحاكم على القانون؟ وهل يحق للجماعة اﻹسلامية السياسية المعينة أن تلجأ إلى اﻷمة مباشرة إن أرادت تغييرا شاملا جذريا في كافة جنبات المجتمع؟

هذه هي اﻷسئلة اﻷصولية المطروحة، وبناء عليها نعرف هل حق تحريك اﻷمة والعمل فيها ومعها وحكمها حكر على العالمانيين الديمقراطيين، أم أن اﻷمر يتسع للجميع.

إن كان يتسع للجميع، فهلم لنتنافس في اﻷمة، وهي مفتوحة لمن يريد العمل لنهضتها، وإن كان لا يتسع وتم إرادة إقصاء الخصم الفكري السياسي، فليس عجيبا أن يرد هذا الخصم بالمثل. فاﻹقصاء يولد اﻹقصاء، والتطرف يوجد التطرف.

حقيقة منذ 2004، أراقب اﻵراء العالمانية في المنتدى هنا، وهي قد أدت إلى عزوفي عن كتابة كثير مما أريد إذ لا أجد له موضعا، ﻷن الرفض والقبول هنا أيدولوجي وليس عمليا. على أنه أمر أتوقعه من الجميع على خلاف مشاربهم ومذاهبهم وأفكارهم، مشكلة توجد عند جل اﻹسلاميين أيضا. بل فلنقل مشكلة في اﻷمة عامة.

ما علينا.... لا أزال منتظرا حلا عالمانيا ديمقراطيا يطرح للأمة حتى تتبناه طوعا، منسجم مع تاريخها وحضارتها، ولا يلغي عناصرها وليس مستوردا، واﻷهم ليس مفروضا بشكل استبدادي قمعي. وحتى ينضج الطرح اﻹسلامي الذي أراه فسأبقى مترقبا منتظرا. كل ما يطرح لليوم ليس إلا مشاريع إلغاء واستعادة الاستبداد، وتمن لاستبداد اﻷتراك وغير اﻷتراك.