من يستحق الوسام؟!

باسمة العنزي

في الوقت الذي طالبت فيه شركات الانتاج السورية بسحب وسام الاستحقاق من الفنانة منى واصف، كانت تصريحات غوار الطوشة وغيره من المتناقضين تزيد من تلوث الهواء في سورية وتفضح عري فناني البلاط وماسحي أحذية السلطة!
منى واصف... فنانة سورية الأولى كل ما فعلته أنها وقعت على بيان كتبته ريما فليحان، وهو على شكل نداء للحكومة السورية «لوقف الحصار عن درعا»، مجرد بيان حمل اسم الفنانة من ضمن مئات الأحرار أثار شهية موالي السلطة لايذائها نفسيا عبر دعوتهم استعادة الوسام منها، متجاهلين حقيقة أن الوسام الحقيقي للفنان يكمن في احترام جمهوره له، لا رضا السلطة عن ادائه السياسي المتكئ على موهبته الفنية!
الوسام نفسه منح لدريد لحام صاحب «الحدود» و«التقرير» وغيرها من الأعمال الفنية ذات القيمة الانسانية العالية، والذي انكشفت قناعاته بعد الثورة، فبانت الهوة السحيقة بين ما قدم من أعمال وما صرح من أراء ضد الشهداء ودعاة الحرية من أبناء وطنه، تاركا «كأس الوطن» يمتلئ بالزيف والكذب ممن طرحوا أنفسهم لعقود مناضلي الفن وانصار الحرية.
الغريب أن من بين الشركات المطالبة بتجريد واصف من الوسام شركة نجدة أنزور للانتاج الفني، المخرج الذي اعجبنا كثيرا بأعماله ذات الطرح الانساني والقيم الجميلة التى على ما يبدو كانت فقط لاستمالة المشاهد وتحقيق الربح المادي بعيدا عن قناعات المخرج والمنتج المشهور. أين ما قدم نجدت أنزور مع العظيمة منى واصف في «نهاية رجل شجاع» حكاية البحار المناضل ضد القهر والظلم؟ أين تلك الحكايات الفانتازية المغلفة بالتاريخ في «الجوارح» و«الكواسر» وغيرها من أعمال بما كانت تحمل من اسقاطات سياسية واضحة عن الوضع في بلد الحزب الواحد والحاكم المقدس؟! أين عمله الأخير «ذاكرة الجسد»، عن المناضل الجزائري المهاجر عن وطن مذبوح بالفساد؟ّ!
يقول انزور في بيانه: «لنكن واضحين وفي اللحظات المصيرية لا مجال للتقية والتردد والمواربة وتبويس اللحى، إننا ندعم وبكل قوة البرنامج الوطني للاصلاح الشامل القائم على نشر الحريات الإعلامية والسياسية والمتحرك باتجاه وطن، يكون فيه المواطن أولاً وقبل كل شيء تحت سقف قانون هو الفيصل في علاقة المواطن بالدولة».
الوضوح الذي يدعو اليه لم يمارسه في بيانه الذي تحول فيه من فنان الى مجرد بوق للسلطة على حساب أبناء وطنه!
كيف لفنان بما يحمله من رهافة وحس انساني ونجومية صنعتها الجماهير، أن يخون كل ذلك، ويدير ظهره للأطفال القتلى ويصم أذنيه عن أنين المعتقلين، ويدوس بقدميه بيانات الحرية، ويصرخ في وجه الضحايا تملقا للجلاد؟! هل هو «الخوف» فقط... أشك في ذلك!
منى واصف... دعيهم يأخذون وسامهم البائس... فالشعب العربي الحر قلدك أجمل وسام في زمن أقزام الفن وأدعيائه.