عينك كريمة * رمزي الغزوي
واحد من أصدقائي لم تعد تقنعه نظريته السابقة (برميل الزفت)، ويقول بأنها أصيبت بعدم الدقة والموضوعية، ولا بدَّ من إعادة هيكلتها لتتماشى مع الحالة المعدنية لحياته. ونظريته الحلمنتيشية تنصُّ على أن الزواج برميل زفت تطفو فوقه طبقة عسل رقيقة، وأن قلة من المتزوجين يدركون هذه الطبقة، ويلعقونها في حياتهم، ويبقى الحتمي أن يتخموا في باقي البرميل طول العمر.
صديقي هذا يتمنى لو أن نظريته ظلت صحيحة في زمن شياط النفط، فلربما استفاد من فروق السعر، ولهذا عمد إلى تبني نظرية جديدة (التدراج في مهاوي الزواج)، وترى أن الرجل في بواكير زواجه يتقمص دور الطاووس؛ فيتيه بعروسه فرحاً، وهي تقاسمه أحلامه وأوهامه، وتراه يأخذ بيدها، ويماشيها قدماً بقدم (لأنه بعد خمس سنوات زواج سيصبح الفرق بينهما في الشارع أو في المول خمسة أمتار أو أكثر على الأقل).
لكن حالة الطاووس لا تدوم، هكذا يضيف صديقي، بل تتهاوى لتدخل منحى خطيراً،
هو طور (الحمار)، الملقب بأبي صابر، فيتحول الواحد منا إلى (عتال أفندي)، شغلته نقل الأكياس دخولا وخروجاً، وحين قاطعته معترضاً على تعارض واضح في نظريته، فكيف لك أن تحمل الأكياس في خروجك من البيت؟!؛ تبسم ضاحكاً: أنسيت أكياس القمامة أيها الرومانسي الجميل!.
ويتابع شرح نظريته، بأن الرجل يتنقل في الأطوار، حتى يدخل مرحلة (القرد)، فيصبح ظهرك ملعباً للأطفال، يلهون بك، ويريدونك أن تلاعبهم طوال الوقت، ثم يأتي طور الأسد منزوع الأنياب والمخالب، أي أنك عديم الفائدة في مكبرك، مثل خيل الإنجليز، التي كانوا يطلقون النار عليها، فأنت في هذه المرحلة، لا تُسمع لك كلمة، ولا يُنفذ لك أمر. مسكين هذا الرجل!.
ثم يضيف بأن بوسع الرجل تفادي ثقل هذه المراحل بألا يدخل البيت إلا ويده ملآنة!،
ثم قص حكاية رجل عينه كريمة (نحن نسمي الأعور بأبي عين كريمة، تلطفاً وتأدباً)، كان لا يدخل بيته طيلة الأربعين عاما إلا بيد محملة بالأكياس والهدايا، وذات مرة رجع خاوي الوفاض لسبب ما. فماذا كانت النتيجة؟؟!.
حين فتحت زوجته الباب، بلعت عبارات الترحيب ودققت النظر في وجهه: يا أبو (فلان)، هذا أنت أعور، وأنا مش دارية. ضحكت كثيراً مع صديقي الفهلونجي، صاحب نظريتي الزفت والتدراج في مهاوي الزواج. ولكنكم ستضحكون أكثر إذا علمتم بأن هذا الفهلونجي ما زال أعزبا (داير مبسوط)، كما تقول أغنيتنا الشعبية، التي نصرخ بها في زفة العريس.!