(05-26-2011, 07:15 PM)thunder75 كتب:  أما أنا فلم أؤمن يوما بـ ِ نصر الله وحزبه منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية في الـ 1990 ولم أؤمن يوما بمقاومته العبثية والتي تسببت بمعاناة وتدمير جنوب لبنان ، حزب الله وبدون مبالغة كان يتخذ من احتلال الجنوب ذريعة لإبقاء تسليحه والشيعة وابقاء لبنان كقاعدة ورهينة للنفوذ السوري الايراني واستمرار ما يسمى زورا وبهتانا بالمقاومة.

فبعد اتفاق الطائف في سبتمبر 1989 أبدت اسرائيل رغبتها في الانسحاب من جنوب لبنان وتسليمه كافة أراضيه المحتلة مقابل اتفاقية وقف اطلاق نار جديدة بين لبنان واسرائيل كتلك التي أبرمت بين اسرائيل وجميع دول الطوق العربية (سوريا ، مصر الأردن) عقب انتهاء الحروب (ارجو ملاحظة أنني هنا أتحدث عن معاهدات وقف اطلاق يترتب عليها تسليم أراضي وليس عن معاهدة سلام واعتراف وتطبيع وسفارات) وهذا النوع من الاتفاقات والذي يتم بواسطة التفاوض بين ضباط جيوش وأحيانا بوساطة الصليب الأحمر وقع عليه جمال عبد الناصر وحافظ اسد والملك حسين وليس فيه ما يشين.

لكن باعتبار لبنان كان تحت الوصاية السورية التي تريد الابقاء على تسليح الشيعة في لبنان بأي ثمن والتي وصلت لحد التهديد المباشر لكبار المسؤولين ، وتوقيفهم واستدعاؤهم للتحقيق داخل الغرف المغلقة واللجوء إلى تصفيتهم جسديا اذا تطلب الأمر حيث لم يكن يجرؤ أي مسؤول لبناني ان يخرج عن هذا الخط الأحمر المرسوم له . وباعتبار أن النخبة السياسية اللبنانية كانت ولا زالت تحت تهديد سلاح حزب الله ومن منطلق طائفي ، كان لبنان طوال هذه الفترة يرفض هذه الدعوة الاسرائيلية لتسلم أرضه مقابل وقف إطلاق النار ، وأذكر هنا أن اللي ما يتسمى ((ميشيل عون)) كان يرد بغضب شديد على هذه التصريحات الحكومية اللبنانية قائلا ان كل دولة في العالم مطالبة بحفظ الأمن من جهتها إزاء حدودها مع الدول الأخرى وإلا فإنها ستخلق حالة حرب.

حكومة لبنان بعد اتفاق الطائف كانت ترفض استلام ارضها المحتلة واسرائيل تقول لهم تعالوا استلموا أرضكم مقابل اتفاق هدنة ووقف اطلاق نار ولبنان لا يجرؤ على القبول بذلك. والنتيجة هي أن الجنوب اللبناني دفع طوال 11 عاما ثمن هذا التعنت من خلال العدوان الاسرئيلي المستمر على الجنوب واهله بالطيران والمدفعية ، كل ذلك بسبب أن الحكومة اللبنانية لم تكن تجرؤ على الموافقة على تسلم أراضيها. الموضوع لم يكن موضوع مقاومة من أجل الأرض ولكن كان إيجاد مبرر وذريعة للإبقاء على الوضع الشاذ الذي خلقه حافظ اسد في لبنان والذي يريد جعل المقاومة حكرا على الشيعة والسلاح أيضا حكرا على الشيعة الموالين له ولإيران ومنع استقرار الدولة في لبنان وجعله قاعدة ايرانية في لبنان.

فمرة كانوا يقولون أنهم لا يريدون توقيع اي اتفاقيات بدون فك المسار المشترك مع سوريا ودون تسوية قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومرة كانوا يقولون انهم يريدون انسحابا بدون قيد او شرط علما أن المعروض عليهم لم يكن فيه اعتراف متبادل أو ما يمكن تسميته معاهدة سلام وأنا متأكد بل و متيقن أن هذا العرض لو تم تقديمه لسوريا فيما يخص أرض الجولان لما ترددوا لحظة واحدة في قبوله على الفور.

لا أعلم عن أي إسرائيل تتكلم لكن إسرائيل التي أعرفها كانت تتكلم عن ضرورة وجود حزام أمني في جنوب لبنان ولم تبدي أي استعدادا للانسحاب. لم يكن الموضوع مفتوحا للنقاش في إسرائيل حتى حصلت حادثة اصطدام مع بين مروحيتي نقل جنود عام 97 مما أدى إلى مقتل 73 جنديا وساهم الحادث بفتح النقاش حول الانسحاب وأدى إلى تأسيس منظمة أربع أمهات التي هدفت إلى الدعوة للانسحاب... يضاف إليه عملية أنصارية التي حدثت في نفس العام وكشف حسن نصر الله مؤخرا عن كيفية تنفيذها (عمليا استطاع حزب الله التجسس على ما صورته طائرة استطلاع إسرائيلية وكمن لهؤلاء الجنود) حتى ذلك الحين اليمين الحاكم(رئيس الحكومة كان بنيامين نتنياهو عن حزب الليكود) كان يرفض الانسحاب، إيهود باراك قبيل الانتخابات عام 99 أعلن أنه سينسحب من لبنان خلال عام وكان مخططه أن يكون ذلك ضمن اتفاقية سلام مع سوريا (في اتفاق يشمل إعادة أغلب الجولان وانسحاب من جنوب لبنان مقابل سلام مع سوريا ولبنان)، ولكن حين تبين له أن اتفاق السلام مع سوريا لن يوقع في هذه الفترة الزمنية انسحب الجيش دون اتفاق على عجل في ليلة واحدة بشكل مفاجئ (البعض سيقول أنه هرب من هناك).

كل هذه الأقوال عن طلب إسرائيل الانسحاب مقابل هدنة هو محض هراء فقد كانت هنالك هدنة بين إسرائيل ولبنان وقعت عام 49 وكانت لا تزال سارية المفعول رغم اعتداءات إسرائيل المتكررة على لبنان وبالذات بعد "حملة الليطاني" عام 1978 وخاصة بعد غزوها لبنان عام 1982... لم تغزو إسرائيل لبنان صاغرة بل فعلت ذلك بإرادة كاملة وكان هدفها أولا طرد م.ت.ف وتأسيس دولة طائفية تكون حليفتها فقامت بتنصيب بشير الجميل رئيسا، لكن المقاومة اللبنانية حينها جعلتها تدفع ثمنا (باهظا في نظر الإسرائيليون) وقام شمعون بيرس (رئيس الوزراء حينذاك) بالانسحاب من لبنان مع الإبقاء على حزام أمني وكان هذا الانسحاب مرغوبا به لا لشيء سوى للخروج (ولو جزئيا) مما سمي في إسرائيل "الوحل اللبناني". المقاومة حينذاك كانت يسارية في بداياتها.

إسرائيل لم تقبل يوما بالتنازل عن أراض مقابل هدنة بل إنها حتى التسعينات لم تقبل بمبدأ الأرض مقابل السلام وفقط اليسار الإسرائيلي قبل هذا المبدأ، لقد حرض اليمين على رابين مما أدى إلى مقتله لا لشيء سوى قبوله (الجزئي) لمبدأ الأرض مقابل السلام، الليكود حين حكم في نهاية التسعينات رفض هذا المبدأ وتذرع بمختلف الذرائع للتهرب من الاتفاقات التي وقعتها الحكومة السابقة. أول مرة أسمع أن إسرائيل كانت تطالب بالعمل مقابل مبدأ الأرض مقابل الهدنة!!!

يا ثندر أنا أحترمك، لكنني أستغرب من موقفك هذا، يعني أعلم أن العديدون يعتقدون أن كل الحق على المقاومة ولو تهادن العرب وجاملوا إسرائيل لأعادت لهم أراضيهم، لكن هذا محض هراء.. من كل الحروبات بين إسرائيل والعرب كانت إسرائيل البادئة في جميعها باستثناء حرب 73. وأسطورة أن إسرائيل تضطر إلى الهجوم على العرب بسبب المقاومة وكل الحق على المقاومة التي تقدم الذرائع لإسرائيل هي أيضا خطأ. إسرائيل لم تحتج يوما الذرائع للهجوم، إسرائيل أرادت السيطرة على لبنان ولذا احتلته... حتى حرب 2006 كان مخطط لها منذ زمن (باعتراف الإسرائيليين) وكانت ستحدث عاجلا أم آجلا كل ما فعله حزب الله أنه أولا أثر على توقيتها وثانيا أنه جعلها قصيرة بسبب المقاومة وسقوط ضحايا في الجيش الإسرائيلي والضغط على سكان شمال إسرائيل... لمن لا يذكر إسرائيل أعلنت عام 82 أن كل ما تريده هو توسيع "الحزام الأمني" لكنها وصلت إلى أعتاب بيروت ولم تنسحب جزئيا سوى بعد عدة سنوات هربا من "الوحل اللبناني". قرار 425 التي نفذته إسرائيل عام 2000 اتخذه مجلس الأمن بعيد "عملية الليطاني" لمطالبة إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 78.

طبعا هذا لا يعني أن حزب الله ليس حزبا طائفيا بامتياز، أو أنه ليس حزبا رجعيا بامتياز. لكن جميع الأحزاب اللبنانية طائفية، الأحزاب العابرة للطوائف ليست اليوم سوى هياكل عظمية، لا يصوت لها سوى مرشحيها.