المشكلة ليست بوجود أشرار يريدون الثأر من النظام و لو أحرقوا معه النظام و الدولة . لا بل أبداً بل توجد فئة غير مقتنعة بأن هذا يمكن أن يقدم أي اصلاح حقيقي و كما يقول المثل "لو كانت بدها تشتي كانت غيمت" . كل الاصلاحات التي أقرت حتى اليوم أفرغت تماماً من مضمونها فقانون التظاهر عملياً أنهى حق التظاهر المكفل بالدستور , و إلغاء حالة الطوارئ أدخل النظام تعديلات في قانون العقوبات تعيد للسلطة الأمنية المخابراتية فبضتها تحت اسم الضابطة العدلية لمعاودة و نشاطها على اتم وجه .. هذا إن لم نتحدث عن سلطة الأمر الواقع التي يمارسها الآن النظام بالبطش و الاعتقال التعسفي و إخفاء الكثير من المتظاهرين في ظروف غامضة حيث لم يعرف مصيرهم بعد بشكل جعلنا نترحم فيه على قانون الطوارئ .

ببساطة النظام لم يسلم رقبته للشعب عندما يريد نحرها , الشعب ليس معه هو يدرك ذلك جيداً , لو كان العكس لفتح المجال لانتخابات حرة ديمقراطية شفافة برقابة الجميع يعبر فيها الناس عن رأيهم الحقيقي .

لن يقدم على تنازل , أي تنازل سيعني تقليص صلاحياته و إنهاء حالة الرعب و الخوف و الإرهاب التي يحكم شعبه بها و عملياً ستعني سقوطه و نعود لندور في نفس الدائرة التي تتكلم عنها الآن , ماذا عن الأمن و المخابرات و المنتفعين من النظام هل سيسلموا الحكم و يتركونا بحالنا أم انهم سيحرقون الدولة بمن فيها عندما تخرج من سلطتهم .

قد يقدم النظام اصلاحات شكلية يفرغها من أي مضمون حقيقي إصلاحي ..و المشكلة أن الآلاف بل عشرات الألوف أحرقوا مراكبهم مع النظام و أصبحنا على شفير السيناريو الليبي فمن يضمن ألا يعود النظام للبطش بهولاء في حوران و ريف دمشق و حمص و ريفها و إدلب و الساحل و المنطقة الشرقية و القامشلي .!

و دعني اسألك إن كان لديك ثقة بتقديم النظام لهذه الاصلاحات الجذرية أولاً .. و ماذا لو تبين أن هذه الإصلاحات شكلية و غير حقيقية و فارغة من أي مضمون , عندها ماذا سيكون موقفك و هل ستقول لنا نظام ديكتاتوري و مقابر جماعية أفضل من حرب أهلية و سقوط الهيكل على رأس الجميع .؟ أ