الاخوة الاعزاء

رغم عدم ترحيبى بالتناطح الدينى ولكن لا انكر وجود فائدة له حيث تجعلنا نفكر.

وللزميل صاحب الموضوع أقول له أنت لا تفترى بل جئت برواية من كتاب من أمهات الكتب لدى المسلمين والتى حققها المحدثون ، فما ذنبك ، أما ما فى نفسك فالله اعلم به.

هذه رواية فى منطق الإسلام تحتمل الخطأ والصحة ، وما الذى يثبت صحتها أو عدمه ، أرجح العرض على العقل والنص حتى نكون وجهة نظر عنها ، ومن الممكن وضع عدة نقاط نفكر فيها :

1) من حيث القوة للأنبياء وإن كنت لا تعترف بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ولكن تعترف بنبوة سليمان وداود عليهم السلام ، وفى الكتاب المقدس نجد ان نبى الله سليمان كان له سبعمائة زوجة وثلاث مائة سرية وبحسبة بسيطة لو جامع زوجة أو سرية مرة واحدة فى اليوم لاحتاج ثلاث سنوات تقريبا حتى يعود لجماع زوجته مرة اخرى وهذا لا يليق بنبى ان لا يقرب زوجته إلا مرة كل ثلاث سنوات او حتى مرة كل عام، والاقرب للتصديق ان يكون له قدرات تفوق الإنسان العادى حتى يتوافق مع هذا العدد الضخم وإلا لكان ظالما لزوجته غير معترف بالطبيعة البشرية.

2) ورد فى القرآن قول الله سبحانه وتعالى (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) فعلى الاقل يقوم ثلث الليل ، وهذا يدل على عدم تفرغه للجماع بالصورة التى وردت فى الحديث الذى تفضلت بنقله.

3) ورد فى الحديث : كان صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة - رضي الله عنها - : " قالت عائشة : يا ابن أختي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله يومي لعائشة فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها قالت نقول في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها أراه قال ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا)
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح] - المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 2135

وكما ترى أن طوافه كان مودة (يعنى يطمئن على حالها كأى زوج) ولفظ غير مسيس ولاحظ قول حتى يبلغ التى هو يومها ولاحظ قول السيدة سودة يومى لعائشة

وكل ما ورد يدل على عدم الجمع فى الجماع لأكثر من واحدة فى يوم واحد.

4) وحديث آخر يفيد اكثر فى وضوح الامر: ولم يكن يتغير حاله صلى الله عليه وسلم في العدل تبعًا لتغير أحواله سفرًا وحضرًا، بل لقد كان يعدل في سفره كما يعدل في حضَره، كما قالت عائشة - رضي الله عنها - : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها ، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2593

5) وحديث آخر : ولقد بلغ به الحال في عدله صلى الله عليه وسلم أنه لم يفرِّط فيه حتى في مرض موته، حيث كان يُطاف به عليهن في بيوتهن كل واحدة في نوبتها، قالت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها-: " لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فاشتد وجعه ، استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي ، فأذن له ، فخرج بين رجلين تخط رجلاه الأرض ، وكان بين العباس وبين رجل آخر ، فقال عبيد الله : فذكرت لابن عباس ما قالت عائشة ، فقال لي : وهل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة ؟ قلت : لا ، قال : هو علي بن أبي طالب .
الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2588

بالطبع سيضحك بعض الاخوة من وجود مثل هذا الحديث المرتبط بالجماع والنساء بالنسبة لنبى ، ولكن هو نفسه قال انه يحب النساء وأنه أكثرنا مخافة لله وأنه ما كان إلا بشرا رسولا ،

وهذا هو الإسلام يصيغ حب الدنيا برضا الله فنجده يمتد الى عمق الحياة اليومية ويشملها ويربط أمور الدنيا بالدين حيث انه ينظر إلى الدنيا على أنها دار عمل تمهد للدار الآخرة. ويحرص كل الحرص على هذا الربط ، فهو يعرض المسألة مرتبطة بواقع الناس من جانب ، ثم يمزج هذا الواقع فيجعله من صميم الدين من جانب آخر ، وإذا قرأنا آية من القرآن عقب قراءتنا لمسألة من مسائل المعاملات المالية فى كتابة الديون مثل قوله تعالى (واتقوا الله ويعلمكم الله) أو عقب توزيع غنائم الحرب (واتقوا الله إن الله شديد العقاب) ، أو عقب مسألة من مسائل المواريث (تلك حدود الله).

وبالنسبة للحديث الذى ذكره الزميل صاحب الموضوع حول نوم الرسول بعد الجماع بدون ان يستحم ، فهذا حق لكل مسلم مادام لم يدخل وقت صلاة جديدة وكان هذا الحديث ينفعنى كثيرا عندما يتعذر الاستحمام وقد أزف وقت الصيام.

والزميل سمط الدرر أرجو ان تراجع موقفك من السيدة عائشة ، وهى زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مات وهى زوجته ، فهل تعتقد ان الله كان سيزوجه من لا تليق به؟

وعن نفسى اتعلم شئ واحد من موقعة الجمل ، أن الشيطان يمكنه ان ينزع بين أتقى الناس ملقيا الفتنة فى قلوبهم وكما تعلم فقد نزغ بين قابيل هابيل وهما أبناء من عاش فى جنة الله وكاد ان لا يكون بينه وبين المعرفة سترا فكيف لا ينزغ بين اصحاب رسول الله ، بل يجب ان تعرف أنه لا أحد معصوم من خلق الله من نزوغ الشيطان وفتنته ... وقانا الله منها.