برأيي تفجر الانتفاضتان التونسية والمصرية كان دون أي تدخل أجنبي، الشعب العربي سئم القهر و و و وفي النهاية البوعزيزي حين أحرق نفسه أشعل شرارة في قلب جميع أفراد الشعب العربي... في تونس الانتفاضة جاءت في فترة "الأعياد" في أمريكا وكان الجميع ملتهين عما يحدث... وسائل الإعلام بالغرب لم تغط الموضوع كما يجب... أذكر أنني قرأت مداخلة لأحد الأعضاء هنا يقول فيها ما معناه اليوم مسيرة نحو القصر الجمهوري وسنطرد بن علي من البلاد، شخصيا أنا ظننته مجرد تفاؤل مفرط لكن بعد سويعات تبين لي للمرة المليون أن التفائل شرط من شروط الثورة... الآن لا أظن أن بداية الانتفاضة التونسية كانت شعبية دون شك لكن هناك بعض علامات السؤال حول خاتمتها بمعنى أن عدم تدخل الجيش لدعم بن علي قد يكون له أسباب أخرى (مثل إرادة أمريكية/سعودية مثلا) كانت هنالك بعض الشائعات التي ذكرت ذلك وربما أرادت أمريكا احتواء الموقف وتخلت عن بن علي لأن ورقته حرقت وفضلت بقاء بعض وجوه النظام القديم وإن بشعارات جديدة... لكن يبدو لي أن التوانسة واعون لمخاطر خطف إنجازاتهم ولذا بقوا يتظاهرون ويطالبون بالتغيير الحق.

في مصر حصلت مفاجأة بسبب المشاركة الجماهيرية العظيمة لم يتوقعها أحد، أذكر أني شاهدت مقابلة لوائل عباس المدون المصري الشهير قبل أيام من 25 يناير توقع فشله بسبب "دهاء النظام"... لا شك أن لحركة 6 أبريل ومجموعة كلنا خالد سعيد (وقصة خالد سعيد نفسها) تأثيرا كبير في المسألة لكن يجب أن لا ننسى دور الناشطين "التقليديين" في التنظيم، في مقابلة مع وائل غنيم قال ما معناه أنهم تعاونوا بالتحضير لهذا اليوم مع عدد من نشطاء الأحزاب (دون دعم حزبي رسمي) ورمز إلى أن دورهم كان أكبر مما يبدو في الإعلام... في مصر أيضا منذ حوالي 10 سنوات كان هنالك عدة مراحل أوصلتنا إلى نجاح 25 يناير، مثل تأسيس كفاية (ممثلة لعدة أحزاب معارضة يسارية التوجه) والمظاهرات التي قامت بها، المدونات وما كشفته عن تعذيب وفساد (الوعي المصري مثلا)، الحملة ضد التعذيب، اعتصام النشطاء دعما للقضاء المستقل، المطالبة بانتخابات نزيهة بها أكثر من مرشح، حملة معارضة التوريث، إضرابات عمالية في مناطق مختلفة وفترات متباعدة يذكر منها النجاح المفاجئ لإضراب 6 أبريل ولكن الإضرابات العمالية استمرت بعد ذلك التاريخ وقد ذكر أحدهم أن الإضرابات ساعدت بتعبأة العمال سياسيا ولم يكتفوا بالمطالبة بحقوقهم بل فهموا أنه يجب عليهم أن يكونوا أكثر راديكالية... ثم مسك الختام كان 25 يناير الذي فاجأ الجميع... الآن الجيش هنا بعدم تدخله لعب دورا مفصليا وهنالك من يقول حتى أن الانقلاب العسكري الذي قام به "نيابة عن الشعب" تم بمباركة أمريكية في محاولة منها للاحتواء...

لاحظوا أنا قلت انتفاضة ولم أقل ثورة بسبب اعتقادي أنه من الباكر لأونه الحكم على ما حدث، "قوى الرجعية" لا تزال تحاول إعادة العجلة إلى الوراء ولا أعلم إن كان ما حدث مجرد انقلاب على وجوه النظام السابق مع المحافظة على سياساته القديمة (بتعديلات تجميلية بسيطة) أم أنه ثورة بكل معنى الكلمة... لننتظر ونر... المؤكد أن النشطاء في تونس ومصر واعون للمخاطر القادمة ويحاولون تفاديها (رغم أن أجزاء كبيرة من الشعب منتشية بانتصارها ولاهية عم هذه المخاطر)