علّتنا ليست في ثقافتنا ..بل في مثقفينا ..فالمثقف الذي يقضي حياته وهو ( يناضل فيك ) ليقنعك بوجهة نظره و يستعرض أمامك كل
المصطلحات التي يعرفها ولا يعرفها ليقنعك بأنه مثقف فقط ..والذي يحدثك في السياسة أكثر مما يحدثك عن إبداعه و نصوصه ..و بالضرورة وهو يحدثك عن مبادئه السياسية أن يؤكد لك دائماً وقوفه التام مع الشعب و الحريّة ..بل إنه يُعطي تفسيرات و معاني للحريّة لم تكن تحلم بربعها ولا تريد إلا ( أبجد هوزها ) ..هذا المثقف لا يرى الآن الدماء التي تسيل من الشعب السوري ..ولا يسمع هتافات الحريّة ..بل لا يريد ان يرى ولا أن يسمع ..يريد أن يحافظ على وجه القاتل ..بل و يتطوّع في لحظة القتل إلى التحوّل من كاتب و مثقف و شاعر و مبدع إلى خبير تجميل ..ويضع كل خبرته الجديدة في تجميل وجه القاتل الذي لن تفلح في تجميله أدوات كلها ملطّخة بالدماء ؛ فكلّما استخدم المثقف أداة للتجميل تلطّخ الوجه أكثر بالدماء ..لأن قطرة دم بريء واحد ستظل تلاحق القاتل و لو صنع ألف انتصار دونكيشوتي في أجهزة الإعدام الإعلاميّة ..!!
ألا يستحي المثقف سواء الأردني أو غيره من أن يكون كلامه ( الثقافي !!!!) نفس كلام وزارة الداخلية السورية ..؟؟؟ ألا يتبادر لذهن المثقف الأردني الذي أوغل شتماً و تعريضاً في اعتقال ساعات لمثقف أردني في الأردن و الذي لا نوافق عليه و ندينه و نناضل من أجله ؛ أن دماء أطفال درعا و حماة أكثر وضوحاً من ( ثقافته !!) التي تخشى أن تفقد فنادق الشام ..و يتعامل مع سورية ليس باعتبارها حالة ثقافية لأنها تفتقد لأدنى شروط الثقافة وهي الحرية ..وليس باعتبارها دولة ( ممانعة ) لأنها ممنوعة على أبنائها فقط..بل باعتبارها – أي سورية – مكان ( زهزهة و صياعة ) يلجأ إليه نوع من المثقفين الأردنيين الذين يدافعون عن وجه القاتل المليء بالدماء ...!!
ثقيلة على نفسي أن أصف من يدافعون عن نظام واضح التقتيل بأنهم مثقفون دمويون ..ولكن ماذا يُدعى من يُبرّر للقاتل قتله و يغطّيه بشرعية زائفة بينما كل العالم سحب الشرعيّة منه ..هذا إذا كان شرعيّاً من الأصل ..!!