ظاهرة التحديق او بالاحرى تفادي التحديق معروفة و مدروسة كظاهرة اجتماعية
تدعى بالانكليزية civil inattention و يعتبر من روادها عالم الاجتماع البريطاني انطوني غيدنز (كان لي شرف لقاءه اثناء دراستي الجامعية و كان كتاب مادة الاجتماع الذي درسنا فيه من تأليفه), رغم انها كانت مادة اختيارية الا ان ظاهرة ال civil inattention استرعت انتباهي و ما زلت اذكرها تماما هي و ظاهرة اخرى كان يتبناها و هي الsocial imagination...

في العديد من المجتمعات من المتعارف عليه اجتماعيا انه عند اقتراب شخصين غريبين من بعضهما فانهما يتعين عليهما ان يتفادا النظر مباشرة الى بعض, والا اعتبر ذلك عملا عدائيا,
و كلما اقتربت المسافة بين الشخصين توجب تفادي النظر اكثر, و في حالات معينة, كالتواجد في المصعد مثلا, يتظاهر الجميع بأنهم غير موجودين امام بعضهم و ينظرون اما الى اعلى او اسفل او يتظاهرون بالانشغال بأشياء في ايديهم...
كذلك الامر عند سير شخصين باتجاه بعضهما, يمكنهما النظر الى بعض طالما هم بعيدين عن بعض, لكن هناك مسافة معينة (تقاس بالامتار , و تختلف في كل مجتمع) ينبغي ان تشيح بنظرك عندها, و الا اعتبر ذلك امر غير لائق.

لاحظ علماء الاجتماع ان درجة انتشار هذه الظاهرة تختلف من مجتمع الى آخر, و تختلف ايضا بين سكان المدن و الارياف, و حتى ان سكان الارياف يلاحظون تلك الظاهرة الغريبة عنهم و يأخذونها كاهانة ضمنية بحقهم(تجاهل مقصود, بينما هم يتوقعون عكس ذلك) و كذلك يلاحظ سكان المدن عند زيارتهم الارياف و يلاحظون ملاحقة نظرات السكان لهم بطريقة تعتبر مستفزة...


طبعا الحديث هنا عن التلاقي البصري بين الغرباء بغض النظر عن الجنس, حتى لو كانا من نفس الجنس...
اما موضوع معاكسات الشباب للبنات و اصولها و ضوابطها و عاداتها, فموضوع آخر منفصل و شائك قد أعود اليه لاحقا....