مثقفون سوريون موالون للنظام وآخرون معارضون: نحو خارطة طريق لإخراج البلاد من أزمتها
2011-06-13


دمشق ـ 'القدس العربي' ـ من أنور بدر: لا بد أن المتابع لحراك المثقفين السوريين عبر شهرين من الانتفاضة الشعبية التي بدأت في 15 آذار (مارس)2011 وما زالت مستمرة بوتائر متصاعدة وامتدادات أفقية وعمودية، سيدرك تردد المثقف السوري في تحديد مواقفه التي ما زالت محكومة بالخوف من جهة، وظلال المواقف الأيديولوجية أو المصالح من جهة ثانية. وإلا كيف نفسر اعتذار الكثير ممن تحدثنا إليهم حول استبيان آراء المثقفين السوريين من الإدلاء بأية كلمة، البعض بحجة حساسية المرحلة والبعض الآخر عبر التسويف والمماطلة؟؟
وقد لعب الإعلام السوري دوراً تخوينياً طال عدداً من المثقفين والفنانين الذين عبروا بخجل ودبلوماسية شديدة عن بعض المواقف التي لا تنسجم مع رواية النظام لدور الفتنة والمؤامرة الخارجية في تحريك الشارع، بل امتدّ هذا الدور التخويني ليطال أي مواطن يتجرأ على مشاهدة فضائيات 'الفتنة' كما أُطلق عليها، وتكاد تشمل كل الفضائيات الإخبارية التي تبث بالعربية باستثناء الفضائية السورية وشقيقاتها من الفضائيات المؤيدة في سورية ولبنان.
ونحن في هذا الاستطلاع لصحيفة 'القدس العربي' لم نشأ الخوض في تفاصيل ما جرى ويجري في سورية، مكتفين بالإشارة إلى وجود أزمة حقيقية، محاولين رصد آراء بعض المثقفين السوريين من مواقع ومواقف وانتماءات متباينة، بل كنا قاصدين هذا التباين الذي يسعى إلى التعبير عن التعددية السورية قدر الإمكان. وقد لخصنا محاور الاستطلاع في أربع نقاط محددة هي:
1. هل لعب المثقفون السوريون دورا في التصدي لهذه الأزمة؟
2. إذا كان الجواب إيجابا، فما هو هذا الدور وكيف لعبوه؟
3. وإذا كان الجواب سلبا، فلماذا قصر المثقفون في ذلك؟
4. وما هو الدور المفترض من قبل المثقفين في هذه الأزمة؟
وطلبنا إلى عدد كبير من المثقفين السوريين المشاركة فيه، وأرسلنا هذه الأسئلة إلى عدد أكبر عبر البريد الإلكتروني، وفوجئنا بعدد الاعتذارات عن المشاركة، وبعدد أكبر من الممتنعين دون اعتذار، ونحن نشير إلى هذه الحقيقة باعتبارها مؤشرا مهما في موضوع وفاعلية المثقفين السوريين، بغض النظر عن الأسباب الفردية والظروف التي شغلت كلا من المثقفين كحالات فردية.
وقد بدأنا من اتحاد الكتاب العرب في دمشق، وانتهينا مع رموز من مثقفي المعارضة السورية:
د.حسين جمعة / رئيس اتحاد الكتاب العرب في دمشق
نحن نسعى في اتحاد الكتاب العرب إلى تأسيس لمفهوم الوحدة الوطنية في إطار الاختلاف والتنوع الثقافي، وليس في إطار الصراع الثقافي، الذي نلمسه مؤخرا في سورية وبأكثر من صيغة تعمل على نشر الحقد والكراهية وتغييب الآخر وإلغائه. لذلك نحن في الاتحاد ضد أي حراك ثقافي يمكن أن يؤدي إلى القتل وإلغاء الآخر، بل ندينه أيضاً، ونعمل بالمقابل على إشاعة الحوار الوطني الشامل وفق مفهوم المواطنة تحت سقف القانون والعدالة الاجتماعية واحترام كرامة الإنسان.
وقد استطاع الاتحاد مواجهة الظرف الراهن ووضع اليد على الجرح حين قلنا أن الفتنة المتنقلة في سورية انبثت من اتجاهين اثنين:
- الأول أن الفساد الإداري والأخطاء المتراكمة على أكثر من صعيد هي التي أدت إلى إحباط قاتل لدى الناس، مما أنتج تزمراً وتململاً اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
- الثاني هو التصميم الملموس من قبل الدوائر الأمريكية والصهيونية لفك الارتباط بين سورية وبين المقاومة الوطنية الفلسطينية واللبنانية وحلفائهما.
وقد تصدينا في الاتحاد لهذه الأزمة منذ بداياتها، ودعونا في أول بيان لنا بتاريخ 18/3 2011 الدولة إلى تلبية المطالب المشروعة للمواطنين بالإصلاح، وفي البيان الآخر بتاريخ 25 نيسان (أبريل) شددنا على الفتنة المتنقلة في سورية، داعين الدولة إلى أن لا تنجرف وراء أوهام بعض المثقفين، كي لا تقع فريسة المطامع الغربية وننتهي كالنموذج الليبي.
لذلك قمنا على مستوى المركز بتحويل منتدى الأربعاء الثقافي إلى حوار مفتوح حول الأحداث التي تجري في سورية، وفي شيء مشابه، كما عقدنا ندوة في فرع دمشق حول الرؤى الإصلاحية والحوار الوطني شارك فيها كل أطياف المثقفين للخروج من الصيغ البطريركية التي تجاوزها الزمن، وتناولنا شتى عناوين الإصلاح كالأحزاب والإعلام والإدارة والقضاء وصولا إلى مبدأ فصل السلطات وألا يكون المجتمع أسير الدولة، بل يصبح الجميع تحت سقف القانون سواسية.

د. نزار بني مرجة / شاعر وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد

لا شك في أن مجريات الأمور التي تعيشها سورية حاليا أثبتت بالأدلة القاطعة أن جزءا كبيرا مما يحدث كان تجسيدا لمخطط تمّ إعداده منذ سنوات، وإن كان الأمر قد تزامن مع حراك شعبي شهدته بعض الأقطار العربية، فإن هذا لا يغير من الأمر شيئا. لأنني أستطيع تأكيد أن هنالك نوعاً من التماهي في الرؤى والممارسة بين القيادة والجماهير في سورية تحديدا في المستوى السياسي ونهج المقاومة والممانعة بوجه السياسات الأمريكية أو المشروع الصهيوني في المنطقة.
ومن وجهة نظري فإن موضوعة الحوار الوطني بين الشرائح التي تحمل أو تطرح قضايا مطلبية مشروعة على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبين القيادة السياسية في سورية تمثل البداية الصحيحة للخروج من الأزمة التي تداخلت فيها عوامل كثيرة ومتنافرة. مع الاعتراف وللأسف الشديد ببعض الإخفاقات في الأداء الإعلامي، مقابل نجاحات وجهود مشكورة للتصدي للفتنة الكبيرة التي تعصف بسورية.
وأقول أنني كنت أفترض بشرائح المثقفين أن تُحسن الفرز في المواقف والخلفيات التي تتصدى للمحنة التي تتعرض لها سورية، وكم كان مفاجئا لنا مبادرة بعض النخب الثقافية السورية لمنح أوراق رابحة وصكوك براءة لدعاة ومنفذي المخطط الذي يستهدف سورية جغرافياً وتاريخياً ولـُحمة شعبية والتي وصلت حد استجرار تواقيع مثقفين من جنسيات أصبحت مشبوهة لما يجري في سورية. كبيان السينمائيين مثلا، فهل هذه خدمة للمواطنين السوريين أم لساركوزي؟!

عياد عيد / مترجم عن اللغة الروسية وعضو جمعية الترجمة في اتحاد الكتاب العرب

للأسف المثقفون السوريون في هذه المرحلة لم يكن لهم دور واضح أو جلي ضمن مروحة ردود الأفعال تجاه هذه الأزمة أو تجاه الحركة الدورانية التي اجتاحت المجتمع، ولاحظنا انقساماً في الآراء حيال ما يحدث.
وأنا ألاحظ أن الدور الأكبر في التهدئة عبر الإعلام متروك لرجال الدين ورؤساء العشائر وهذا مؤشر خطير، أين دور المثقفين ولماذا غابوا أو غُيّبوا؟ نحن مدعوون لاستعادة ذلك الدور في حياة المجتمع السوري، وهذا يحتاج إلى فضاءات أوسع من الحرية ومن تبادل الآراء، فالبلدان لها حدود، ولكن الفكر لا حدود له إلا الحوار.
دعني أقول أن لدينا موظفين في الإعلام أكثر مما لدينا إعلاميين، وهذه العقلية منتشرة في كافة القطاعات الأخرى، لكن أثرها أكبر في الإعلام، فهو يتطلب هوامش أكبر من الحرية والتفاعل مع الناس، كي ينتقل من وظيفته في نقل الخبر إلى المساهمة بصناعة الرأي العام والإحساس بنبض الشارع.
المسألة الأهم برأيي أن الإعلام هو وسيلة اتصال راجع، فعندما تتخذ القيادة قرارا سينعكس على الشارع، ولكن كيف تستشعر هذه القيادة أصداء قراراتها في ذلك الشارع وفي نبض الناس أيضا؟
وحاليا نسمع عن الإصلاح الاقتصادي أو السياسي مع إهمال لذكر أي إصلاح في البنى الثقافية، وهذه مسألة خطيرة ويجب أن تحتل الصدارة، فأي قانون جديد في ظل تآكل القيم لن يكون مفيدا، نحن نعيش في سورية انتماءات صغرى كثيرة، لكننا كمثقفين بالدرجة الأولى لم نستطع بعد خلق انتماء وطني شامل للجميع.

كفاح علي/ كاتبة وتشكيلية
تطوّر الحراك في سورية تطوراً سريعاً تجاوز فيه تحرك الفئات المثقفة، ففي الوقت الذي انتقل الحراك الشعبي فيه من مرحلة إلى أخرى، اكتفى كثير من المثقفين بمراقبة ما يحدث، أو وصفه بالضبابية! والأرجح أنَّ الشارع لم يأبه لما راح يدور بين المثقفين من حوارات وجدالات لم تخدم حراكه بشيء بل لعلّها تؤخّره.
هكذا، بقي الشارع يتقدّم مسرعا دون النظر للوراء، مقدِّماً في كل أسبوع مزيداً من المفاجآت للمثقّفين الذين ما زالوا على تخبطهم في ضبابية المشهد، وفي شتم وتخوين بعضهم بعضاً أو تشريف من يوافقهم الرأي مهما يكن هذا الرأي، وهنا أيضا لم يبد الشارع أي اهتمام وهو يواصل انتفاضته التي لا وقت لديها لأزمات المثقفين.
كل هذه المواقف لا تلغي أن قسماً آخر من المثقفين كان واضحاً تماما في انحيازه إلى الحراك الشعبي ودعمه، دون أن يعدم هذا الفريق بعض مثقفي ومثقفات المعارضة القديمة الذين تنطحوا لأشكال من توهّم 'قيادة' الحراك بفهم عتيق ومؤذٍ فات زمنه.

نجم الدين سمّان / كاتب وصحافي
لا صوت للمثقفين العرب، وحتى إن وجد فهو شفوي غالبا.. ولا أحد يسمعه وبخاصة الحكومات العربية.. ربما لأنها تهتمُّ أكثر بلاعبي الكرة ومطربات السيليكون وفناني الدراما الرمضانية!!.
وفيما يخصّ الشارع العربي فقد رأينا كيف تجاوز الشباب العربي كلّ الأحزاب.. وأيضاً كلَّ أصوات المثقفين حتى صارت وراءه.
وبالنسبة لما يحدث في سورية حالياً.. أودّ التنويه ببيان المثقفين السوريين مطلع عام 2000 والمعروف ببيان الـ 99... ولو أنَّ الحكومة السورية آنذاك قد استجابت له لكانت سورية قد تجاوزت كلَّ ما يحدث اليوم.. وبخاصةٍ خسارة أرواح ودماء السوريين.. مدنيّين وعسكريين.
المفارقة التراجيكوميدية تمثَّلت في أن نائب رئيس الجمهورية عبد الحليم خدّام آنذاك.. قد جاب أربع عشرة محافظة سورية؛ التقى فيها قيادات حزب البعث الحاكم وأحزاب الجبهة والمجالس البلدية؛ ليشنَّ فيها حملةً شعواءَ على المثقفين السوريين المُوَقعين على البيان، مُتهماً إيَّاهم بالخيانة العظمى؛ وبالتآمر مع القوى الامبريالية على اللحمة الوطنية في البلد..!!.
ربما.. العزاء الوحيد للمثقف العربي إذا قال رأياً فيما يحدث.. أنه قد قال رأيه، وهذا أضعف الإيمان.

سامي أحمد / شاعر وناشر
المثقف السوري إلى الآن ككائن، منبوذ، لأنه قادر على قول الحقيقة إلى أقصى حد، وذو رؤية وقدرة على نقل أفكاره بشكل مدهش، وهو بالعمق لا مهدئ ولا أهوج بل يراهن على حس نقدي وإحساسه قائم على عدم قبول الصيغ الجاهزة.
ما حدث منذ بدء الاحتجاجات أن المثقف السوري كان موقفه مشوشاً، إما معزولاً، وإما مع خطاب السلط، وحولوا المشهد إلى تخوين بعضهم البعض سواء فنانين أو مخرجين سينمائيين أو شعراء أو ..
ولأن غالبية النخب المثقفة تحولت إلى أداة بيد السلطة منذ نصف قرن، ودائماً يدّعون أن الحقيقة في جيوبهم، صار لديهم القدرة الكاملة والاستعداد الفطري لفن التمثيل بالكتابة والظهور على القنوات الفضائية، وصارت مواقفهم محطاً للشك وللشبهة وعواطفهم كانت غوغائية وجمعية.
وبرأيي انتهى المثقف العقلاني السوري منذ زمن حيث هو الآن بصيغة: إما أصولي سلفي وإما وصولي علماني، وصار مبدأ التخوين لديه هو حريته في الاعتقاد والسلوك، ويعيش المثقفون تحت مظلة أسميتها خيانة المثقفين... وتستطيع أن تكمل بهذا السياق عشرات الصفحات.

رفعت عطفه / كاتب ومترجم
ليس هناك أبيض وأسود وحسب، هناك أطياف، هناك مثقفون لعبوا ويلعبون دوراً مهماً، حسب موقعهم، بعضهم بالتحليل واتخاذ موقف حاسم من النظام وإظهار ما يجب إظهاره وبعضهم وقف ويقف ضدّ التجييش الطائفي، وهي أدوار لا ترقى في كثير من الأحيان إلى مستوى الحدث. الإصرار على إيجاد حوار وطني شامل، لا يستبعد أحداً، ممن لهم مصلحة في الإصلاح والتغيير الديمقراطيَّين، وعلى رأسهم من ينزلون إلى الشوارع والعمل على كشف القتلة أيّاً كانوا، منطلقين من حكمة المعرفة. أنا أنحني مثلاً احتراماً وتقديراً للدكتور عصام العطّار، هذا الجليل المتديّن الذي لم أسمع خلال حديثه كلمةً لا تنبع عن حكمة ومعرفة وقناعة.، بينما آخرون مثل بسام أبو عبد الله، لا أستطيع أن أسمع صوته، فهو مؤذ للنظام ومؤذٍ للبلد كالعرعور.

د. ثائر ديب / كاتب ومترجم
ثمّة فكرة خاطئة مفادها أنّ الثقافة ليست سوى أرفع وأرقى ما تنتجه البشرية. لكنّ الصحيح أنّ الثقافة ثقافات، حسنة ورديئة، مناضلة ومنهزمة، وطنيّة وطائفيّة، إنسانية وعنصرية. والمثقفون كذلك، ديدنهم التعدّد والاختلاف والتناقض. ولذلك كان ثمّة مثقفون لم يترددوا في الانخراط في انتفاضة شعبهم على هذا النحو أو ذاك، وهم بعكس ما يشاع أكثر من أن يحصون، ومثقفون لم يترددوا في الدفاع عن الدكتاتورية والظلم، وتالياً عن نتاجهم الثقافي الرديء.
غير أنّ اللافت وقوف عدد كبير من المثقفين مدّعي اليسار والتقدّم، في وجه حركة شعبهم بذرائع وحجج لا تثير السخرية وحسب بل الغثيان أيضاً، فعند بعض هؤلاء أنّ الشعب لم يتنوّر بعد بما فيه الكفاية، فكيف يمكن أن تقبل ثورة ممّن لم يتنوّروا! ولدى بعضهم الآخر أنّ 'مؤامرة' رهيبة تستهدف 'ممانعة' النظام دخلت على الانتفاضة وحرفتها عن جادة الصواب. أمّا فريق ثالث فراح يطلب من الشعب ترك الشارع وإعطاء فرصة للنظام، وكأنّ خمسين عاماً من حكم البعث لم تشتمل على مثل هذه الفرصة. وبالمقابل، فقد شاع بين بعض أدعياء المعارضة نوع من 'النزعة المكارثيّة' التي تسارع إلى تنظيم قوائم العار أو قوائم الشرف حيال أيّة نأمة عابرة تصدر عن هذا المثقف أو الفنان أو ذاك. ووصل الأمر ببعضهم حدّ مطالبة الشاعر نزيه أبو عفش بأن يكف عن التشاؤم في شعره، مطيحين بمنجز نقدي هائل يقيم مسافة بين الشعر وسواه من أشكال التعبير، مسافة لا يمكن تناولها بمثل هذه الخفّة. دع عنك بعض الذين جنحوا إلى خطاب ثقافيّ طائفي في فهم ما يجري، مطيحين بمنجزٍ نظري ثرّ لا يقنع بما يراه أمامه من بداهات تظهر أنّ طوائف هي التي تتصارع، بل يدلف من المظهر إلى الجوهر متسائلاً عن الشروط الاجتماعية التاريخية الثقافية التي تضطرّ الصراع إلى أن يظهر بهذا اللبوس. ودع عنك بعض الذين لم يلتقطوا جديد الثورات العربية، ثورات الشعوب، وواظبوا على رؤيتها بمنظار قديم، هو منظار الحركات الحزبيّة العتيقة وشخوصها، مع أنّ ذلك كلّه أشبه بالمقادير الفيزيائيّة والرياضية الزهيدة، التي يكاد يمكن إهمالها في تشخيص الوضع وفهمه.
هكذا تمايزت الثقافة وتمايز المثقفون إزاء الثورة وفيها شأنهم قبلها، إنما بالحدّة والاحتدام والخطر الذي يرافق ثورة لا تني تبذل الدّم والروح على طريق انتصارها.

وائل السواح / كاتب وقاص
قبل أسبوعين من بدء التحركات الشعبية السورية، سألتني صديقة صحافية إذا ما كنت أتوقع أن تنتقل الانتفاضات العربية إلى سورية، متأثرة بالثورتين التونسية والمصرية، فكان جوابي أن ذلك غير ممكن، وسردت لها ستة أسباب لتدعيم موقفي. جوابي هذا لم يكن فرديا، فمعظم المثقفين السوريين كانوا يشاركونني الرأي. وعندما بدأت التحركات الشعبية في سورية، كان المثقفون يتلهون بانتظار سقوط القذافي أو علي صالح، التحرك السوري فاجأ الجميع، ولم يتحرك المثقفون السوريون إلا بعد أن كانت الانتفاضة قد قطعت أشواطا إلى الأمام.
المثقف السوري عموما مثقف غير متعال عن الواقع الاجتماعي، ولكنه يميل عموما إلى التشاؤم، ربما منذ هزيمة حزيران (يونيو) 1967. وربما هذا هو السبب وراء إحجامه عن المشاركة في التحرك قولا أو فعلا أو معا.
ومع ذلك، فقد سارع المثقفون إلى التقاط أنفاسهم والمساهمة في التحرك، بالكتابة تارة والمشاركة الفعلية على أرض الواقع تارة أخرى.
المطلوب أن يساهم المثقفون بالعمل مع السياسيين في بلورة رؤية سياسية معارضة واحدة تتفق حول خارطة طريق للخروج بسورية من هذه الأزمة: خارطة طريق من شأنها أن تنقل سورية إلى مجتمع مدني ديمقراطي، يقوم على أساس المساواة التامة بين جميع عناصر الأمة، رجالا ونساء، بغض الطرف عن انتماءاتهم الدينية والقومية والمذهبية، وتحترم حرية الاعتقاد كاملة، وتدافع عن حقوق الأقليات القومية والدينية والمجتمعية، وتدفع باتجاه نظام ديمقراطي قائم على الأسس البرلمانية وفصل السلطات وإعادة الهيبة للقضاء.

---

عندما يكذب 'حارس الثقافة' في سورية!
فايز سارة
2011-06-13


فوجئت بتنويه رئيس اتحاد الكتاب العرب السيد حسين جمعة امام ندوة عقدت في مقر اتحاد الكتاب في المزة في مساء الثلاثاء 7/6/2011، بأني كنت سأحضر تلك الندوة، وأتكلم فيها مع مشاركين آخرين من ضيوف واعضاء في الاتحاد حول الازمة الراهنة في سورية، وقد اضاف السيد جمعة الى تنويهه القول، اني كنت وافقت على الحضور، ثم ترددت، ثم وافقت وبعدها اعتذرت عن المشاركة.
اني وقد تبلغت ذلك التنويه الذي صدر علناً امام كل الحاضرين في الندوة المذكورة، يهمني ان اؤكد انني لم اوافق ابداً على الحضور والحديث في هذه الندوة، وان الاشارة الى موافقتي هي كذب ظاهر وعلني، لا اعرف سبباً له، ولا يمكن تفسيره من جانبي.
واني من باب الامانة والموضوعية، اقر بضرورة ان يعرف المهتمون حقيقة ما جرى، وما احاط بالموضوع من تفاصيل اضعها بين يدي الذين حضروا الندوة ومن يهمهم الامر.
اتصل بي السيد محمد حبش الذي تربطني به معرفة محدودة منذ سنوات، وسألني عن امكانية مشاركتي في نشاط ثقافي يتصل بموضوع الازمة في سورية، وان النشاط سيعقد في اتحاد الكتاب، واني سأكون مع الاستاذ ميشيل كيلو متحدثين وحيدين في الندوة التي يحضرها مثقفون وكتاب ورجال دين وشخصيات اخرى، يمكن ان يشاركوا في نقاش ما يمكن ان نطرحه من تصورات وآراء.
واخبرت السيد حبش اني مع فكرة القول واللقاء، لكن في موضوع ندوة كهذه لا بد من اتفاق على التفاصيل، التي ينبغي ان يتم بحثها لاحقاً، خاصة وان الندوة ستعقد بعد اسبوع من زمن الاتصال الذي تم، وقد تكلم معي بعده السيد جمعة، فأكدت له نفس الموقف، دون ان اعده او اعد الذي قبله بالحضور والكلام امام الندوة.
لقد مر اكثر من اسبوع على الحديث الهاتفي مع السيدين حبش وجمعة، دون أي اتصال من احدهما، وهو امر أكد لي، ان امر دعوتهما لي بحكم المنتهي، قبل ان افاجأ يوم الثلاثاء الماضي بهاتف من السيد حبش، يسألني فيما كنت سوف احضر الى الندوة في الاتحاد، فأعدت عليه ما كنا قد تكلمنا به سابقاً، مؤكداً رفضي لهذا الاسلوب في استسهال الناس، ووضعهم امام خيارات اكراهية، تخضعهم لشروط الاخرين، وأكدت اني لم اتفق معهما اصلاً، ولن احضر تلك الندوة.
اني باختصار اود تأكيد رفضي لأكاذيب رئيس اتحاد الكتاب، وللطريقة التشهيرية التي عرض بها موقفي من المشاركة في الندوة، منوهاً الى ان الأمر سوف يتأكد مجدداً في ندوة تالية قال، ان مِنْ بين مَنْ سيحضرها الاستاذين ميشيل كيلو ولؤي حسين، وقد عرفت منهما انهما لن يحضراً، بل ان احداً منهما لم يوافق على الحضور.
دمشق 8/6/2011
كاتب وصحافي في دمشق