رسالة أَدونيس إِلى الأَسد * معن البياري
أَكثرُ من رسالةٍ مفتوحةٍ إِلى الرئيس بشار الأَسد، نشرها في الأَيام الماضية مثقفون وكتاب وإِعلاميون، تطلب منه التخلي عن الحلِّ الأَمني العنيف في معالجة الأَوضاع الراهنة في سوريا، وليس مؤكداً ما إِذا كان الرئيس يُطالع هذه الرسائل، أَو يعبأُ بها، فيجد فيها ما يُفيد ويجدي، وهو الذي لا يردُّ على مكالمات بان كي مون معه. أَمس، نشر الشاعر أَدونيس رسالة إِليه في «السفير» البيروتية، تستحقُّ القراءَة والتملّي العميق فيها. ليس، فقط، لأَنَّ كاتبها مثقفٌ ومنظِّرٌ عربيٌّ كبير، له موقعه المهم في السجال النقدي والفكري العربي، بل، أَيضاً، لأَنَّ الرسالةَ تذهبُ إِلى الثقافيِّ الجوهريِّ في المسأَلة السورية، الأبعد من إِشهار موقفٍ من الحدث العابر، وتُخاطبُ الأَسد من أَجل أَنْ يعرف فداحةَ ما ارتكبَه حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا، وتُبلغه أَنَّ المسأَلةَ لم تعد أَنْ يُنقذَ النظامُ نفسَه، بل إِنقاذُ سوريا شعباً وأَرضاً، ودون ذلك سيكونُ الحزبُ مشاركاً أولا ؛ لا في تهديمِ نفسِه وحدها، وإنما كذلك في تهديمِ سوريا كلها.
كما دأْبُه العتيد، يلحُّ أَدونيس على عدم دخول الدينيِّ على ما هو سياسيٌّ واجتماعيٌّ وثقافيٌّ شرطاً أَولا للديمقراطية، بمعنى «الخروج بالمجتمعِ ثقافياً وسياسياً من زمن السماءِ الجمعيِّ والإِلهيِّ إِلى زمن الأَرضيِّ الفرديِّ والإِنساني»، بحسبِ تعبيرِه. بهذا المعنى، يرمي أَدونيس حزبَ البعث بأَنَّه حزبٌ دينيٌّ في أَحد وجوهه، بالنظر إِلى ممارساته الأُحادية المغلقة، فضلاً عن أَنَّه تحوَّل، بالممارسةِ، إِلى حزبٍ «شبه عنصري». ويكتبُ أَنَّ «البعث» صار امتيازاً سياسياً ووظيفياً وتجارياً، ولم ينجحْ في البقاءِ مهيمناً على سوريا بقوة الأَيدولوجيا، وإِنما بقوة قبضةٍ حديديةٍ أَمنية، شديدةٍ وقوية، إِلا أَنَّ التجربةَ التاريخيةَ تُؤَكد أَنَّ هذه القبضة لا تقدِرُ أَنْ تُؤمن الهيمنةَ إِلا فترةً محدودةً مرهونةً بالأَوضاعِ الداخلية والخارجية. ويزيد أَدونيس في تشخيصِه الحزبَ المذكور وممارساتِه فيراه مسؤولاً عن الانهيار في سوريا، وتشويهِ صورتِها الحضاريةِ بوحلِ الطائفيةِ والعشائريةِ والمذهبية، ووحلِ التدخل الخارجي ووحلِ التعذيبِ والقتلِ والتمثيلِ بجثث القتلى، كما أَنَّه لم يُعطِ مكانةً للإِنسان بوصفِه إِنساناً في ما وراء انتماءاتِه.
تُرى، هل يحتمل الرئيس بشار الأَسد قراءَةٍ كلامٍ كهذا، ويُحاول التفكر فيه؟، هل يجدْه أَرضيةً مناسبةً لإِنقاذ سوريا، وهو المؤتَمن على بلادِه، ولن يُسامحَه التاريخُ إِذا انزلقت سوريا، لا سمح الله، إِلى انهيارٍ كاملٍ وحربٍ أَهليةٍ طويلةِ الأَمد، قد تكون أَشدَّ خطورةً مما حدثَ في العراق، لأَنها ستكون تمزيقاً لهذه الأَرض الجميلة الفريدة التي اسمُها سوريا؟، على ما كتب أَدونيس في مختتمِ رسالته، محذِّراً وخائفاً. هل يفعلُها الأَسد، ويُبادر قراراً تاريخياً، بأَنْ يكون، إِنسانياً وحضارياً، إِلى جانب سوريا، لا إِلى جانب حزب البعث، كما يطلب منه أَدونيس الذي يُخاطبه، مرَّةً، باعتباره رئيساً منتخباً (!). هل يُقلِّب الأَسد على كل وجوهِها البديهيةَ التي صارَحه بها أَدونيس، وهي أَنه لم يعد للتشبُّثِ بالمادة الثامنة في الدستور السوري، والتي تخلعُ على «البعث» قيادةَ الدولة والمجتمع، أَيَّ مرتكزٍ إِلا العنف الذي لا يمكنُ أَنْ يدوم، حيثُ لا يمكنُ لأَيةِ قوةٍ عسكريةٍ، مهما كانت مدجَّجة، أَنْ تتغلبَ على شعبٍ مهما كان أَعزل. ... قال المثقف السوري الكبير كلمتَه في رسالته، وفي غيرِها سابقاً، والمشتهى أَن تصل إِلى من أَرادت أَن تذهب إِليه، أَي إِلى الرئيس بشار الأَسد، وليس أَحداً غيرُه.
(06-15-2011, 12:25 AM)Enkidu61 كتب: لماذا التركيز على أدونيس؟ انا ارى ان الاقتداء بعارف دليلة وتهامة معروف ورولا ابراهيم افضل بكثير من الاقتداء بادونيس غير المعروف في سوريا وخاصة في الاوساط العلوية وليس معروف الا بقصره في جبلة الذي يضاهي قصر علي دوبا.
صحيح ان اعماله ترجمت الى السويدية والفلندية والدنماركية وغيرها و بنى امجاده على هذه الترجمات وعلى ترشيحه لجائزة نوبل الا ان هذا لا يعني شيئا على صعيد سوريا الداخلي فشعبيته في سوريا وبالوطن العربي قليلة وهو لا شي مقارنة بحيدر حيدر ومحمد الماغوط و زكريا تامر ونبيل خوري وغيرهم الكثيرون هل تعلم عدد نسخ كتبه التي بيعت في السويد مثلا انا سمعت انها عشر نسخ واغلبها هدايا
all medien write about this letter
الشاعر أدونيس يدعو الرئيس السوري إلى أن «يعيد الكلمة والقرار إلى الشعب»
قال إنه لا يمكن لأي قوة عسكرية مهما كانت مدججة أن تتغلب على شعب
لندن: «الشرق الأوسط»
دعا الشاعر السوري، أدونيس، الرئيس السوري بشار الأسد، إلى أن «يفتدي» أخطاء تجربة حزب البعث الحاكم، وأن «يعيد الكلمة والقرار إلى الشعب السوري». وقال أدونيس، وهو شاعر سوري من الطائفة العلوية، اسمه الحقيقي علي أحمد سعيد، في «رسالة مفتوحة» نشرها أمس في صحيفة «السفير» اللبنانية «حزب البعث العربي الاشتراكي لم ينجح في البقاء مهيمنا على سوريا بقوة الآيديولوجية وإنما بقوة قبضة حديدية أمنية». وأضاف «وتؤكد التجربة أن هذه القبضة (...) لا تقدر أن تؤمن الهيمنة إلا فترة محدودة (...) ولا تقدم للشعب الذي تهيمن عليه إلا التفكك والتخلف إضافة إلى الإذلال واستباحة الكرامة البشرية».
وتابع أدونيس الذي يقيم خارج سوريا «لم يعط (الحزب) أي مكانة للإنسان بوصفه إنسانا (...) لم يبن الحزب جامعة نموذجية واحدة (...) عرقل نمو الثقافة المدنية الحرة، ودمر أخلاق البشر، مقيما الثقافة على الولاء له وعلى معاداة أعدائه، وعلى الشعارات التبشيرية التي كانت في معظمها سطحية وساذجة».
وتطرق أدونيس إلى المادة الثامنة في الدستور السوري التي تنص على أن حزب البعث العربي الاشتراكي هو «الحزب القائد للدولة والمجتمع». وقال إن هذه المادة لم «تعد ترضي الأغلبية الساحقة من السوريين، ولم يعد للتشبث بهذه المادة أي مرتكز إلا العنف. وهو عنف لا يمكن أن يدوم، لا يمكن لأي قوة عسكرية مهما كانت مدججة أن تتغلب على شعب، مهما يكن أعزل». وأضاف «يبدو أن قدرك هو أن تفتدي أخطاء هذه التجربة، أن تعيد الكلمة والقرار إلى الشعب». وتابع «أكيد أن أعداءك أنفسهم، إلى جانب أصدقائك، سيقولون عنك آنذاك إنك أسست لمرحلة سياسية جديدة في تاريخ سوريا وربما في تاريخ المنطقة العربية كلها».
وكان أدونيس قد حذر في شهر أبريل (نيسان) الماضي، من أن «بوادر التمرد» في بلاده قد تؤدي إلى حرب أهلية، الأمر الذي وصفه في حديث لقناة «العربية» بأنه «الأكثر خطرا». وأضاف أدونيس، الذي غادر سوريا قبل 30 سنة متنازلا عن جنسيته السورية، أن «التمرد في سوريا أكثر صعوبة من أي بلد آخر، وأن النظام سيكون أكثر شراسة في مواجهة التمرد». وأضاف أن سوريا «بلد تحكمه الآيديولوجيا وعليه أن يجدد نفسه ويراجع أخطاءه»، مشيرا إلى أن «الأوطان ليست شركات استثمارية»، وواصفا ما يجري في سوريا بأنه «اختبار للنظام القائم والدولة وبنيتها ورؤيتها السياسية والثقافية». واعتبر أن النظام في سوريا ليس طائفيا، لكنه أبدى مخاوفه من فتنة طائفية. وأضاف «إذا كان النظام السوري عنيفا، فيجب ألا نكون عنيفين ضده». وقال إنه «لا يجوز لأي معارضة إلا أن تخرج من الساحات العامة، كي تعلن مطالبها السياسية».
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=626622&issueno=11887