المفاجأة كانت هي حمل اكبر علم سوري ... ويقومون الآن بتجهيز "المناسبة" في أوتوستراد المزة.

اليوم كنت متأخراً عن العمل .. فاستلقيت سيارة أجرة من منطقة الصالحية، حيث مجلس الشعب، بعد ركوبي للسيارة والسير بضع أمتار بدأ السائق بالتحدث (كعادة السائقين) عن ما سيحدث اليوم بمناسبة رفع أكبر علم سوري.

من خلال حديثه كان صوته "مبحوح" .. فاعتذر مني لذلك حيث كان في "مهمة" خلال هذا الأسبوع، ليخبرني أنه رجل "أمن" في فرع "المكافحة" في منطقة الصالحية.

في الحقيقة لأول مرة أحصل على فرصة للمناقشة أمام رجل أمن بطريقة مباشرة .. وليس عن طريق الإنترنت أو الفيسبوك حيث يبدأؤون بالتهليل والتطبيل، أو بشتمي على مواقفي العدائية، فأحببت أن أحصل على بعض المعلومات الجديرة بالاهتمام لكي نقطع الشك باليقين، وللصراحة هو زادني بمعظم هذه المعلومات من تلقاء نفسه.

لقد قال لي ان هذه "المسيرة" (رغم نفي الكثير لي ذلك وقال انها لجمعيات ومنظمات مستقلة) ستكون من أتوستراد المزة إلى وزارة الاتصالات في الصالحية، ومهمته هي مراقبة الوضع العام من أجل اي تحرك "غير محسوب".

فسيارته التي يعمل عليها كسائق أجرة هي في الحقيقة لشخص اسمه "محمد" والذي طبعاً من نفس الفرع، أي نستطيع القول أن الدولة قامت بفرز السيارة له كسيارة أمن بقناع أجرة .. لكي يستطيع التجول في الساحات والحارات دون أن ينكشف للعلن (رغم أن شكله يوحي لك تماماً بأنه "منهم وفيهم").

نعود لصوته المبحوح .. فيقول لي بأنه قد قام (الله يعطيه العافية) بالهتاف طيلة الأسبوع تأييداً للرئيس، وذلك "بمهمة" هي مراقبة المسيرات التي تخرج ((بعفوية)) في شوارع دمشق، كما أنه يستخدم سيارته ليقل "المؤيدين" والذين طبعاً أعتقد أنهم من نفس الملة.

وذكر لي قبل البارحة (الإثنين) أنهم هتفوا بقوة في ساحة المحافظة، وكان هناك في الساحة الممثل "الكبير" زهير عبد الكريم وكذلك أحمد رافع وابنه الشاب، والجماعة ما قصروا والله حسب رأيه ... وطنيون للعظم.

كله فدا الوطن وقائد الوطن .. هكذا قال لي الأخ ذات الصوت المبحوح.

سألته : لماذا قاموا برفع العلم في ساعة الذروة ؟ لماذا ليس في الصباح الباكر أو في المساء ؟

فرد عليي : لكي ينزل الموظفون في القطاع العام والمشاركة، حيث تحتسب عليهم هكذا مناسبات "كمهمة" ولهم الحق في "المشاركة" حيث ستكون ما بين 12-2 ظهراً.

ونحن في الطريق صادفنا شاحنتين "تركس" محملتين بالرجال الذين يظهر عليهم الفقر والحال البسيطة والثياب المتسخة، فقال لي : "ها هم رجال البلديات يتجهون إلى منطقة العلم، ليشاركوا أيضاً"

يا لها من عفوية ..

فإذاً رجال البلديات والموظفين من القطاع العام (على الأقل) وكذلك رجال الأمن بجميع الأشكال والفروع والأقسام والرتب سيشاركون في هذه المناسبة، ولا ننسى الجمعيات "المستقلة" والمنظمات الاجتماعية التي تعمل "بعفوية تامة".

سألته : "أظن أن الحصول على ترخيص لهكذا مناسبة صعب للغاية ..."

فضحك وقال لي أنها مرتبة من الدولة ... فكيف لا تأخذ ترخيصاً ؟

بعدها وصل إلى بداية الأوتوستراد وكان الطريق مغلقاً بسبب "تراكم العلم على الأرض" فنزلت من السيارة وتابعت سيراً .. لأرى أجهزة الصوت الكبيرة وكذلك سيارة الإعلام السوري هناك مستعدة للتغطية بتصوير عالي الجودة.

وصلت للعمل ورايت بعض الموظفين ينظرون من النوافذ على العلم الكبير ويقومون بتصويره.

وبعضهم ما بين مشارك في حمل العلم (جماعة منحبك) ورافض للمشاركة (المندسين)، على كل حال هذا قرار شخصي ... وبالمناسبة بدأت الآن أصوات الأغاني الوطنية تلعلع وتصدح في الشارع قرب مكان عملي، أعتقد أن هذا اليوم سيكون مليئاً بالضجيج والضوضاء، وربي يسر !

منقول