(06-17-2011, 06:28 PM)الحوت الأبيض كتب:  ملاحظة صغيرة مجانية التعليم ليست سبب انحداره والتعليم اليوم يبقى أفضل من التعليم قبل سبعين عاما (لأنه بكل بساطة التعليم الجيد كان محصورا في مناطق محددة يرتادها أشخاص محددين أما اليوم فهو في كل المناطق - تقريبا ونسبيا لما قبل -) في كل الدول الغربية التعليم المدرسي مجاني ورغم ذلك فهو بمستوى جيد.. صحيح هنالك مدارس خاصة قد يكون طلابها أفضل ولكن ذلك يعود أكثر إلى سبب أنهم يختارون أفضل الطلاب منذ البداية.

هنالك حاجة ماسة لإصلاح جهاز التعليم لكن يجب أن يبقى هذا التعليم المدرسي مجانيا...

بشكل عام نعم , اي ان ليس مجانية التعليم هو سبب بحد ذاته في ضعفه لكن في دولة ليس اقتصادها بالقوي فان مجانية التعليم فيه ضرته لان النظام لن يمتلك القدرات المادية لتعليم كل هذا الكم جميع مراحل التعليم من الابتدائي للبكالوريوس وبالتالي سوف يعتمد على التلقين لانه الجانب النظري ويهمل الجانب العملي المكلف , كما انه سبب الكثير من العطالة لانه كل الناس تريد ان تصبح طبيبة لا لتعالج الناس وتكفي حاجة المجتمع المهمة في التخفيف عن البشر والقضاء على الالم باسعار معقولة لا بل لتأخذ لقب "دكتور" وفقط وجعل هذا اللقب افضل مكانة اجتماعية في هذا البلد , وطبعا يا ليت اغلبهم اطباء مفيدون ناجحون بل فشلة لان منهجهم اعتمد على الجانب النظري والتلقين اكثر من الفهم والممارسة والتطبيق .

لو استثنينا السرقات التي كانت تحدث فمنطقيا هناك 85 مليون مواطن يريدون اولا الكفاف في المأكل والمشرب والملبس والمسكن وهذا غير متحقق بل والكثير منه فاسد مثمثلا في رغيف العيش وتلوث المياه وقلة الشقق نتيجة للكثافة السكانية المحصورة حول نهر النيل .

نحن لا نحتاج الا اطباء ولا صيادلة ولا ل"دكاترة" فقط بل هم مفيدون كغيرهم , مثلا تخصصي "الجيولوجيا" مهم جدا في الدول القوية المتقدمة بل تحارب هذه الدول دولا اخرى من اجل الحصول على مصادر الطاقة والتي نتكفل نحن بدراستها لانها في باطن الارض , بينما هنا وبالرغم من وجود موارد طبيعية كثيرة الا ان المتكفل لنا هم هذا الدول في مقابل اعطاءنا نسبة من ارضنا والعمل والمكن عليهم .

الطبقية في مصر هي التي أزادت من هذا الجانب في رأيي بمعنى ان الفلاح البسيط قديما كان يعاني من عقدة نقص من المستبد الباشا لانه فقط واخد هذا اللقب وربما ليس متعلم تعليم مشرف (شوية فرنساوي عشان المنظرة يمكن) وطبعا لان التعليم لم يكن مجانيا فكان شبه مستحيل ان يتحول الفلاح الى باشا ويعيش حياة حرة كريمة "عادية في نظرنا اليوم" فاذا صرف الفلاح على ابنه كل ما يملك كان يبع ارضه وماشيته ويستلف ليعلم ابنه ليرتقي في تلك المناصب ويعوض للاب عقدة النقص ولا يرى الذل الذى رآه فهذا لا يبرر استمرار تلك العقدة وهي اللقب التي لم تنفع في يومنا هذا في بلدنا هذا .

---

(06-17-2011, 08:09 PM)هاله كتب:  الطلاب و الأهل يعانون ضغوطا نفسية رهيبة في فترة الثانوية العامة تصل ذروتها ايام النتائج. لا شك في هذا و فعلا أمر محزن و يثير تعاطفي أنا التي أرى ان الثانوية العامة هنا مثلها مثل اي يوم في اي سنة دراسية .. لا ضغط .. لا هم .. لا منع تجول للأبناء ليمضوا الوقت في الدراسة فقط. الأهل كانوا يحلمون بحياة أفضل لابنائهم و مكانة اجتماعية أعلى من التي عاشوها هم لكن تردي الأوضاع الاقتصادية جعل الحلم يتقلص الى تمكن الأبناء من الصرف على أنفسهم و تغطية حاجاتهم الخاصة و تكوين حياتهم بأنفسهم و ان أمكن مساعدة الأهل .. ليس أكثر. طيب ضمن الأحوال الاقتصادية التي نعرفها هل هناك امكانية لتحقيق ذلك الحلم بدون الشهادة؟ لا أتوقع ذلك الا لمن عنده راسمال و ممكن يفتح his own business أو لفلتة نادرة ممكن يخرج باختراع يحسن وضعه بقفزة أو طرق غير مشروعة. يعني مفيش مخرج الا بالشهادة. و المجموع هو الذي سيفتح لك الطريق أمام الجامعة و الشهادة. و من هنا تأتي مقدمات الضغوط النفسية للأهل و الأبناء. يعني مفيش الا هالطريق أو طريق الجوع و الشارع.

المكانة و الرتب الاجتماعية و الحلم بها جاء من حلم العامة بالارتقاء الى الطبقة المرفهة و حياتها و الراحة و الجمال و الرفاهية اللي فيها. يعني الفجوة الطبقية و الميزات المترتبة عليها هي السبب في ذلك الحلم و ليس مجانية التعليم كما تقول.

الشهادات تعلق على الجدران ليس بسبب التعليم نفسه و لكن بسبب أحوال البلد و تحديدا السوق و القوى المتحكمة فيه. لما يكون مفيش انتاج و لا وظائف و الأيدي العاملة العرض فيها أكثر من الطلب و العلاقات و المعارف و الواسطة هي اللي بتفتح الطريق أمام الوظيفة فطبيعي ان الشهادة غالبا ستتعلق على الجدران. و طبيعي ان العاهة الحمار دراسيا بينما أبوه حرامي كبير تلاقيه مستقبله مضمون و طريقه مفروش بالورد و الحرير و بيتوسط للأول على دفعته يشتغل وظيفة أي كلام.

تقول: "ملكة الفهم ضمرت . جيمع انواع الذكاء سحقت . الموهوبون اصبحوا عديموا الفائدة" .. هذه هي أهداف التعليم عند أنظمة رجعية. اعادة انتاج التخلف و تضيع عمر الشعب في البحث عن اللقمة حتى لا يفتح عينيه على دائرة أوسع. و دفن الملكات العقلية اللي بتودي في داهية و تفتح العيون على التساؤل و التقصي و تحول المواطن الى قنبلة وعي موقوتة. يعني التعليم مجني عليه بواسطة النظام. و الطالب و أهله مجني عليهما بواسطة الاثنين.

تريد التعليم أن يكون هدف في حد ذاته. هذا ممكن يا عزيزي و لكن عندما تنتمي لطبقة اجتماعية مش عارفة تودي الفلوس فين. فتتمكن من الاعتكاف في مكتبة فخمة و برج عاجي و تكريس وقتك للعلم و المعرفة.

من أجل أن نرتاح و نريح الأهل من الضغوط النفسية العالية في فترة امتحانات الثانوية العامة يلزمنا اصلاح سياسي يا علي فقضية التعليم قضية سياسية و ميدان صراع طبقي على نفوذ و امتيازات و مصالح. ببساطة لأنه التعليم اما ينتج عبيدا أو ثوارا أحرار في نهاية مطافه.

تمنياتي بالتوفيق

شكرا استاذة هالة على التحليل الذي اتفق معه بنسبة كبيرة ولكن بالنسبة لقضية سبب انحدار التعليم فانظري ردي على الحوت الابيض, وملحوظة : انا لا اريد ان يكون التعليم هدف بحد ذاته ولكنه مجرد وسيلة للتطور والتقدم .