أخي مؤمن،
كما قلت لك سابقا لست من الذين يوجهون بمشاهد الفيديو أو بثرثرة ذوي التوازن المختل، المهلوسين بجنون النفوس الخيرة التي يتآمر عليها الجميع.
لعلمك لم تزدني ثرثرتك الطويلة هذه إلا إيمانا بسخافة هذا النظام الذي يدفع الغالي والنفيس ربما لأمثالك لتسويق سخافات لا يؤمنون بها غالبا.
تسويق فكرة المآمرة امتهنه نظام آل الأسد ابا عن جد ولم يوصلوا به السوريين إلا للخراب والدمار والتشريد واستباحة الأعراض لمجرد أنهم اكتشفوا بعد عقود متتالية أنه من حقهم أن يتملصوا من عصابة لصوص رعاع جهلة مفلسين تاجروا على مر العقود بعداء آمريكا وعداء إسرائيل وهم أكبر خدام مصالح كل منهما.
اللبيب سيدي يفهم أن مفهوم العداء الذي تتاجرون وتزايدون به نابع من خلل بنيوي عند العرب والمسلمين مفاده إصرارهم على سذاجة أن ما يجمع الناس من مقومات هوية (العروبة والإسلام في حالهم) يصلح لأن يكون ملهما للفكر السياسي ويؤسسون بذلك لانغلاق على الجهل ينفرون بموجبه من كل من لا يشاركهم سذاجة الإيمان بهذه الفكرة ويصبح عداؤهم للآخرين هو كل ما يطفو على سطح فراغ فكرهم.
اللبيب سيدي يفهم أن آمريكا (رمز تمثيل الغرب) مجتمع تأسس إثر تمرد عقول ناضجة على هيمنة القراءات السخيفة للأساقفة ورجال الدين للمسألة الدينية وركبوا المخاطر لتأسيس مجتمع قائم على مجهود الإنسان الفكري والمادي وهو أول مجتمع تأسس على احترام قيم حقوق الإنسان رغم ما شاب الظروف المحيطة بذلك من انتهاكات لحقوق بعض الأقليات وما يزال. هذا المجتمع تديره المادة التي فضل الله بها الإنسان على غيره من المخلوقات ولا تديره قراءات بعض المتسخين بالجهل لما يعتبرونه صادرا عن القوى التي تريد أن تسميها خفية.
آمريكا يا فهيم لا تحتاج للتآمر لتخدم مصالحها لأنها بلغت درجة الحنكة والذكاء التي تجعلها تخدم مصالحها بالعدو قبل الصديق أو بالأحرى بمن يعتبر نفسه عدوا كحال سيدك قبل من يظن نفسه صديقا. أشرح لك أكثر لعلمي بمدى نباهتك الذي لن يبلغ في نظري حد إدراك أن النسبية في العقلية والمنهج الآمريكيين هي الثابت الوحيد الذي يحول دون أن يصبح أي كان صديقا مطلقا أو عدوا مطلقا. ثابت كل شيئ في آمريكا هو تبصر قادتها لمصالح شعبهم لا مرض العظمة الذي يصيب الجهال الذين يتحكمون في شعوبنا بغير تأهيل، وجدوا الشعوب لقمة سائغة دفعتها أيادي الآباء المرتعشة لأبعد من الحلقوم وتعجز المعد اليوم عن هضمها.
آمريكا خدمت مصالحها بصدام قبل الأسد والعرب وأنت أحدهم ما يزالون يعتبرون صدام رمزا للعناد وعداء آمريكا كما يرون في أشبال حافظ الأسد اليوم صناديد في وجه مستشاري البيت الأبيض والأمن القومي المتآمرين.
أنا كتبت في المقال الذي أشرت إليه سابقا إن جهل النظام السوري يعميه عن إدراك مخاطر ما يدعيه للدفاع عن مواقفه مثل تسويق فكرة أن عصابة نهر البارد في لبنان ينتمون للقاعدة متناسيا أن ثبات ذلك دليل إدانة لا يدع مجالا للشك في أن القاعدة مفهوم مرادف للمخابرات السورية التي يشترك كل أفراد تلك العصابات بإقامتهم في سجونها.
كما كتبت للتدليل على سذاجة كل من والى النظام السوري أن ما كان يدعي حلفاء سوريا في لبنان بأنه كفيل بتحصين البلد من القتل السياسي (مشاركتهم الحقيقية) دليل إدانة لهم بالوقوف وراء كل جرائم الاغتيال............
خبراؤك الروس الذين تجعل منهم مرجعا ودليلا لتقنع به المثقفين أصحاب الباع الطويل لا يختلفون عن سادتك في شيئ اللهم فيما تعلق بأنهم رعايا عصابات حكم يحصنها الميراث العسكري للاتحاد السوفياتي السابق وليسوا بأي شكل من الأشكال مصادر للمعلومة الموضوعية وزعماء عصاباتهم يتاجرون بمصائر الشعوب في الغرف المغلقة لتأمين قروض تمول الفساد الذي تغلغل فيهم لأبعد من النخاع.
وفي الختام دعك من هذه الأساليب وترفع عن تسويق تفاهات الإعلاميين المرتشين بائعي ذممهم لأنظمة منتهية الصلوحية وفكر لك في مهرب أو ملجأ يقيك مخاطر ما بات حتميا من التنكيل الذي سيطال كل من تآمر (وليس بمفهومك للتآمر) على المدنيين العزل والعساكر الشرفاء الذين يرفضون قتل المدنيين. كل ما تريد به الإقناع دليل إدانة لنظامك بداية من العصابات المسلحة وصولا للعملاء.
ولكي لا أتركك دون سؤال هل تستطيع أن تفسر لي كيف يمكن أن تبرر حقيقة أن كل العسكريين الذين يسوق إعلام بشار دماءهم في جسر الشاغور وغيرها قتلوا بطلقة واحدة في الرأس وفي الخلف غالبا في الوقت الذي يفترض فيه أنهم كانوا مسلحين وكان يجب أن يكون موتهم في إطار عمليات قتالية؟
إن لم يكن موتهم قتلا فماذا يكون؟
وفوق هذا كله أي هشاشة هذه التي تميز نظاما بوليسيا عتيدا للدرجة التي تصبح فيها العصابات موضة العصر أو ملائكة خفية بالكالاشنيكوف خلف كل هامة تطالب بإسقاط النظام أو ترفض قتل المدنيين؟.
اختشوا على أنفسكم وارحلوا إلى قصور مزابل التاريخ