والله يا طرطوسي النظام أقنعك وانتهى الأمر على ما يبدو. ويبدو ذلك من قرارك أن قضيتك هي نضال جنود، قضيتك هي "علويتك". راجع ما تكتبه وراجع ما سمعته وقيل لك، لأني أشك أنك رأيت شيئاً وعرفت شيئاً بذاتك.
راجع ما تعرفه يقيناً وبديهياً عن النظام السوري، بأنه قمعي شمولي، وراجع نفسك بأنه لا أنت ولاغيرك أصلاً وأساساً يصدق الإعلام الرسمي السوري من ولادته في المهد لليوم.
راجع حجم الإشاعات التي تشاع، ومقدار مصداقيتها. وحاول ولو محاولة ألا تصدق بعقلية الخائف من المستقبل ومن الآخر، لأن المستقبل ليس ملكي ولا ملكك ولا ملك النظام. المستقبل ملك لهؤلاء الشباب الذين قالوا "لا" وقرروا رفض الخضوع والخنوع، والآخر هو شريك لك في الوطن له حق فيه وحق في الحرية فيه وحق في رفض النظام، وفرض من يحكمه لأنه يفترض به خادم له لا وصي عليه وداعس وفاعس على رقبته(وهذا شيء تعرفه بشكل أكيد وتعرف ما أعنيه بشكل مؤكد)، حكم منطقك وعقلك وبداهتك وبديهتك، لا طائفتك وغريزتها، لأنه إن فعلت فلقد قضيت على نفسك وعلى طائفتك والوطن معه، واعلم أنه لا حوار بدون التوافق على البديهيات، فإن لم نتفق على قمعية النظام، وشمولية النظام، فعلى ماذا نتحاور؟ هل نتحاور من يحكم بعد بشار ماهر أم حافظ الصغير؟
هذا ليس حواراً حينها، بل خوار .. بدون رفع التقديس والهالة، بدون قبول بمقدمات الحوار، وبدون دفع الطائفية من عقلك لا يمكنك أن تحاور بحجة وجود طائفي ما في مكان ما (فادفع عنك هوسك الطائفي) .. أنت تبرر لطائفيتك بطائفية لآخر. ولا تعرف أنك حين تفعل تلغي الحوار من أساسه وتنسفه نسفاً. فأنت من حيث لا تدري تبرر للنظام طائفيته بوجود عناصر غير منضبطة في الثورة، وأنت لا تعلم أن كل الثورات فيها عناصر غير منضبطة، بل بالمظاهرات العادية بأي بلد ديمقراطي هناك عناصر غير منضبطة.
لا تتوهم يا طرطوسي، العنف مكانه الأول والأساسي ومن معلومات موثقة وباتجاه الطائفتين هو النظام لا غيره، النظام يرعب ويرهب الطوائف كلها بسوريا، بل مستعد لقتل علويين ومسيحيين وسنة ودروز فقط ليبقى، وليثبت بأنه حامي الطوائف.
وهو اليوم لا يستطيع حماية نفسه، فلذلك أقولها بصدق ومن قلب محترق، لا تقفوا مع النظام، لا تجعلوه ينتصر بإشعالها حرباً طائفية وأهلية. لأن الرابح فيها لا أحد، والخاسر هو الوطن. والبلد سيتحرر بكل الأحوال من حكم الأسد ولم يتبق الكثير من الوقت .. صدقني.
وصدقني، خطر الحرب الأهلية ليس وهماً أبداً، بل خطراً مرعباً، ليس لعبة ولن تكون الأمور نزهة لأحد ..
وكل من راهن على النظام وما زال يراهن، فإنه يراهن على سلعة تعفنت وبارت.

وقضي الأمر الذي فيه نستفتيان!!