(07-09-2011, 02:34 AM)نظام الملك كتب: الزميل العزيز كايروس

أشكر لك سعة أفقك والتى تفيدنى كثيرا ، ليس فى الرد عليها ولكن فيما تفعله فى تقليب الافكار الراكدة واخضاعها لمعايير مختلفة عن التى اعتادها الانسان من خلال الحلال والحرام كفر ثابت لدى المسلم.

الزميل العزيز نظام الملك،

لك الشكر ايضاً على رحابة صدرك واخلاقك ورصانتك اتزانك في اصول التحاور.

اقتباس:كلامك صحيح، ولكن الواقع يثبت أنها فرضية خيالية أو أنها أمل راق لن يتحقق فالواقع يقول إن حرية التعبير والمعتقد تسير وفقا لمشيئة الأقوى

- ففى وقت قريب مضى لم يكن مسموح فى أمريكا حرية المعتقد أو التعبير الشيوعى
- وفى فرنسا يتم تحديد حرية العقيدة الإسلامية فى لبس النقاب بدعوى حماية الأمن
- وفى الغرب يتم تحجيم حرية التعبير بدعوى معاداة السامية
- ويوما بعد يوم سيتم تعديل قانون حرية التعبير والمعتقد لتتوافق دائما مع منطق من الأقوى وما يؤمن به.

لذلك فحرية التعبير والمعتقد فى المشروع الإسلامى يجب أن تسير وفق مشيئة الأقوى (الله) وهو لن يتبدل.

ولكن المشروع الاسلامى من البداية يقرر مساحة حرية التعبير والتعبير من خلال تفسيرات الحلال والحرام وهى منهج اكثر وضوحا بسبب قدم النص ولكن سيتم تفسيره وفقا للظروف التى تسود وذلك نرى تفسيرات ابن تيمية اكثر تشددا بسبب الظروف التى نشأت فيها.

وقد لا يعجب الكثير مثل هذا القول ولكنه للتأكد يمكن دراسة الواقع جيدا لنعرف حجم حرية المعتقد المسموح به لمن هم من خارج المنظومة الغربية ،

هنا نقطة الخلاف الأولى، فبينما انت تنادي بثابت لا يتحول، العالم، لا بل الطبيعة والكون يخالفوك الرأي وبشدة؛ سنة الكون الثابتة انه ليس ثابتاً. بل طبيعة الإنسان متحولة متغيرة ابدا —انت لست انت الذي كان البارحة— وطبقاً لنفس المعيار، الأخلاق التي هي من صنع البشر —واشدد على هذه الفكرة— تتحول وتتطور، لتلائم وقتها وزمنها. ما كان ساري المفعول البارحة تم ايقافه اليوم؛ وحتى فيما تدعوه ثابتاً —الحلال والحرام— تم وضع فقراته تحت الحجر؛ مثال على ذلك، قصية قطع الأيادي —أي من البلدان يمارس هذه العادة المقززة الأن؟ ...قبل ان تجيب، السعودية ليست بلداً— وقضايا اخرى كملك اليمين وجلد الزاني وما الى هنالك من امور انتهت. فبالتالي ما تقول انه شرع الله قابل للتعديل البشري على ما نرى، وبالتالي سقطت حجة الثبات في التحليل والحرام.

اقتباس:ألا ترى بنفسك كيف يتم فرض ارادة امريكا واسرائيل على العالم كله رغم ان امريكا اكثر الدول مناداة بحرية الرأى والعقيدة للعرب ولكن مع ذلك تهدر عقيدتهم وتقول ان القدس عاصمة ابدية لأسرائيل وستفعلها فى كل حرية رأى وحرية عقيدة تقف امام مصلحتها ، فحرية التعبير والمعتقد يجب ان لا تمس ثوابتهم هم وليس ثوابتنا نحن.

ولكنهم يقولون لنا انهم المدافعين عن حرية الرأى والعقيدة ، بربك كيف تصدق هذا !!

وعلى سبيل المثال من حرية العقيدة ان يعبد المسلم الله كما يريد فى المسجد او يصلى او يصوم ، ولكن يأتى من يخرجه عن هذا بأن يضغط عليه بحرية التعبير فيسب مقدساته او يسخر منها ونطلب من المسلم التعايش مع حرية الرآى والتعبير!!!!

وهذا الأمر ايضاً من سنة الكون، الأكبر يجذب الأصغر، والأقوى يهيمن على الأضعف. وحتى في الإسلام، الشواهد عديدة وكثيرة بأن الإسلام ليس مبني على الفكرة الفضفاضة التي اسمها العدالة: فالرسول اكتفى برفع يديه الى السماء —يصر المحدثون على ان بياض إبطي النبي بانا لدى رفعه ليديه! هذا امر مهم جداً بالنسبة للإسلام على ما يبدو— وبالدعاء على خالد ابن الوليد عندما اغار الأخير على بني جذيمة وذبح الكثير منهم —كانوا من المسلمين؛ وغارته عليهم كان انتقاماً لأنهم في الجاهلية قتلوا عمه—؛ لكنه —أي الرسول— قام بتقطيع الأيدي والأرجل وسمل اعين العرنيين —وكانوا من المسلمين— بالحديد المحمى، لا لشيء سوى لأنهم سرقوا من إبله!
محمد بن ابي بكر —ابن الخليفة الأول، وربيب الخليفة الرابع، وشقيق ام المؤمنين—، قُتِلَ شر قتلة، قُطِّع وتم وضعه في داخل بطن حمار وتم حرق جثته مع الحمار! أما قاتله فبات اميراً على احد اقطار الدولة الإلهية العادلة —مصر—.
الشواهد كثيرة ولا تنتهي عن العدالة الإلهية التي تدعوني اليها يا زميلي العزيز، لكن اكتفي بهذا المقدار لأقول بأن الإسلام مثله مثل كل الأنظمة الديكتاتورية، يطغى القوي على الضعيف، ولا يحاسب فيها الا الضعيف الفقير بالجلد وقطع الأيادي والأرجل والرجم والترهيب والسجن، بينما من هم في حاشية "الله" يصبحون امراء واولياء امور واكابر قوم وإن زنوا يقام الحد على الشهود! —اقصد المغيرة بن شعبة.

اقتباس:هناك ثوابت لكل مشروع لا يسمح بالعبث بها ويكون الحكم فيها للأغلبية وهى فى مفهومها الغربى تختلف عن مفهومها الاسلامى وتختلف عنها فى مفهومها الشرقى ولكن كل مشروع له ثوابت تمثل إجماع الأمة عليها وعندها تكون مشيئة الاغلبية وليس الاقلية وهذه ستجدها فى كل العالم ولكن تختلف من مشروع اسلامى الى مشروع امريكى الى مشروع صهيونى ، فلا اعتقد أن الديمقراطية عندهم هى المحافظة على الاقلية لو تعارضت مع الاغلبية.

راجع النقطة اعلاه حول الثوابت وحقوق المواطنين في مقابل حقوق الأمراء والمبشرين بالجنة.

اقتباس:وكيف تكون الشورى فى مجتمع يشجع المسيحى على مسيحيته. وكما قلت التاريخ جاثماً على مناكبنا ، فما لنا والنسيان؟
انا لا أنسى ان معظم فترات التاريخ كانت العلاقة جيدة بين المسلم والمسيحى كمواطنين وأن الفترات السيئة كانت بسبب سلوكيات حكام اكثر منها سلوكيات مواطنين.

بما انني لست مسيحياً فأترك لك ان تسأل المسيحيين عن رأيهم في مشروعك الإسلامي، وما رأيهم في الحقبات التاريخية التي قضوها في كنف الدولة الإسلامية.
هذا ومع تفهمي لنواياك الصادقة، ولرؤيتك "اليوتوبية" للغد النابعة من هول ركام الحاضر.

اقتباس:البارحة بالنسبة للمسلم او المسيحى هى ديانته والتى قد تدخلها بعض الدراسات والأراء ولكن جوهرها واحد، ولكن ساحات اليوم والغد لا كيان ثابت لها ، وهى بين شيوعية وبين علمانية وبين حداثة وبين ليبرالية ... الخ ، وكل يوم سيكون هناك جديد ، لأننا سنسلم قيمنا لعقولنا التى كل يوم فى حال وتفتقر الى الرؤية الحقيقية بل هى نتاج إعلام مسيطر عليه عالميا ونتاج تيارات فكرية لا نعرف شيئا عن مفجريها ولكن نبدأ نعرف عنهم بعد أن تصلنا الفكرة ، إنه عالم افتراضى شديد الخطورة الذى تريدنى أن أركن ظهرى له فهو عالم يعتمد على معايير ثابتة بل معايير متغيرة جيلا بعد جيل.

وهذا ما اريدك ان تركن اليه، وتعتمده وتتقبله —شخصياً— دون معاندة لأن الثبات وهم، والمُطْلَقات معدومة، والحياة صيرورة، وما دمنا مصرين على الثبات، سنبقى مكاننا —وحتى هذا الثبات الوهمي في المكان والزمان هو في الحقيقة تغيير وحركة، إنما الى الوراء، لأن الزمن لا يتوقف.

اقتباس:الابن الاصلى لا يهدم الديار وديارنا ليست ارضا فقط بل ارض بأهلها بثقافة اهلها وتاريخهم. فكيف للأبن ان يطلب تغيير كل هذا ويظل ابنا.

ولكنك وجهت نظرى لكى احاول البحث فى فترة معينة فى التاريخ الاسلامى حينما انتشرت افكار الزنادقة فى المجتمع العباسى ، من حيث لماذا ظهرت وكيف أثرت فى المجتمع هل هى نتاج مجتمع تحلل ام ساهمت فى تحلله ام حققت له مزايا ، هذه فقط دراسة قد تفيدنى فى تقييم انتشار الافكار الغير اسلامية فى مجتمع اسلامى.

اتعرف ما المشكلة، أنك لا تستطيع ان تدرس وتفهم حياتك وتاريخك إلا الى الخلف، لكنك لن تحياهما إلا الى الأمام. عاجلاً ام آجلاً هذا الشرق وهذه الشعوب ستلقي التاريخ في التاريخ وتمد يدها الى المستقبل بعيداً عن الدين ولامعقولاته واساطيره. الدين الجديد هو العلوم وهذا دين متحول متغير، لا يفنى ويبقى خالداً وشاباً ابدا؛ اما الثوابت فتهرم وتشيخ وفي المحصلة تموت وتندثر، وأية محاولة انعاش او "صحوة" لهذا الشيخ الكهل، لن تزيده واهله الا الماً وارهاقاً وعذاباً... دعوه يموت.

اما بخصوص الزنادقة، فهؤلاء الزنادقة هم من اثروا التاريخ الإسلامي في القرن الثالث الهجري، قبل ان يندثروا تحت وطئة التعذيب والإضطهاد ومحاربة الرأي الأخر والقتل والتجويع، والفلسفة وبنتها الشرعية —الحرية— لا تقبل ان تحتضنها الا سواعد الأحرار، وكل ما عدا ذلك يبقى "كلام ومتكلمين". اتمنى ان تقوم ببحثك في الموضوع وتدرسه بحيادية، وتطلع على افكار المانوية والمثنية والدهرية، وتقارن ذاك العصر مع ما سبقه ولحقه، وإن كنت حراً احكم يَحكُم عقلك.

اقتباس:وتقبل احترامى ورجائى بأن لا يفسد الخلاف فى الرأى مشاعر المودة بيننا.

ولك مني كامل الود والإحترام، دمت بخير.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	فلسفة المجتمع العربي الإسلامي	حسن عجمي	0	293	06-16-2014, 12:32 AM آخر رد: حسن عجمي
	لو ده الدين الإسلامي أنا خارجة منه	إبراهيم	3	759	02-13-2013, 04:54 PM آخر رد: Guru
	صناعة الأعداء بين الثوابت والنزوع للعنف في العقل الإسلامي	فارس اللواء	1	628	01-22-2012, 02:06 AM آخر رد: فارس اللواء
	من سلبيات الخطاب الإسلامي المعاصر/ الدكتور عصام البشير	فارس اللواء	0	1,079	01-03-2012, 09:16 PM آخر رد: فارس اللواء
	التيار الإسلامي بين الإنتقائية والمُشترك الإنساني	فارس اللواء	0	1,117	12-07-2011, 10:28 PM آخر رد: فارس اللواء