ينشغل الاردنيون هاته الايام بالحديث عن الاصلاح وضرورته , ويحصل حراك سياسي نخبوي للضغط على النظام للبدء في عملية الاصلاح , ومقالنا اليوم سيقوم بتشريح الحراك الذي يحدث داخل الاردن هاته الايام ولذلك ساقوم بتقسيم المعنيين بالشأن الاردني الى اربع فئات :
النظام ومن يدور في فلكه
المعارضة التقليدية وشخوصها
الحركات المعارضة التي ظهرت اخيرا
الشارع الاردني الذي لا يمثله اي مما سبق

ولنبدأ بالنظام من وجهة نظر النظام تمثل التحركات الحالية في الشارع الاردني حالة من العدوى واصابة بانفلونزا الثورات العربية مع ان لهذة التحركات اسباب منطقية تعود لعشرات السنين , وان كانت استغلت الحالة الثورية العربية لعبر عن نفسها , وكون النظام يتعامل مع هذة الاحداث بمنطق الطبيب امام الانفلونزا فانه يعالجها بنفس المنطق , يستخدم النظام المضادات الحيوية والمسكنات لتهدئة الحراك الحالي , ولعب النظام باكثر من ورقة اما هذة التحركات فمن الورقة الامنية التي لم يتم تفعيلهل بالكامل في نظري , الى ورقة استخدام ابناء العشائر في مواجهة المتظاهريين وكأن الحراك لم تبدأ به ذيبان والكرك , ومع ان النظام نجح جزئيا في هذة النقطة , ولنا في احداث دوار الداخلية والفيلم الهندي الخاص بالمجالي كخير مثال على هذا , فمن السهل تجييش ابناء عمي وعمك من ابناء العشائر , تحت ذرائع مختلفة منها ان المتظاهريين يسيئون للملك , وجميعنا رأينا مسيرات السيارات وحتى كان يتم توزيع منشورات في اربد لعمل مسيرات تأييد في 15-7 اي يوم اعتصام ساحة النخيل , اذا كما نرى قام النظام باعطاء بعض المسكنات والاصلاحات الشكلية , كما قام باللعب على وتر العنصرية الاقليمية ليخاف الاردنيون من اي تغيير او مطالبة بالتغيير.

نأتي الان للمعارضة التقليدية وشخوصها , وهولاء برأيي اسوأ من الحكومة حتى , فالحكومة تفرض علينا فرضا ولا نملك لها تغييرا ولا تبديلا الا ان يشاء صاحب الامر , ولكن المعارضة اظهرت سلوكيات سياسية غير ناضجة من توريث للكراسي كما في الشيوعي مثلا , الى مخالفات مالية وادارية واحتكار للمناصب في غيره من الاحزاب التي اتحدى ان يكون لها عدد مناصرين يتجاوز 100 شخص , ولذلك دعونا ننتقل الى المكون الاساسي للمعارضة الاردنية وهم الاخوان المسلمون , وهؤلاء يمثلون فعليا 85% من حركة المعارضة الاردنية اذا ما تركنا 10% للنقابات المهنية والباقي للاحزاب الاخرى , المهم انا شخصيا ضد اي حكرة سياسية تقوم على اساس ديني لانني ببساطة انسان علماني اؤمن بفصل الدين عن الدولة , ولكن هل يبرر هذا لي قمع واقصاء الاخوان ..؟ وحتى عدم السماح لهم بالعمل السياسي والحزبي ..؟ , يستفيد الاخوان من ميزة مهمة وهي انهم لغاية اليوم لم يضطروا لوضع برامج وتنفيذ هذة البرامج ولم يضطروا لان يحاسبوا على برامجهم , فشعارهم المطاط “الاسلام هو الحل ” لا يسمن ولا يغني من جوع دون وجود برامج تعني بكل مكونات الحكومة من اقتصادية وتعليمية وصحية وما الى ذلك , وانا شخصيا ارى بانهم لا يريدون ان يغادروا مربع المعارضة , هم يعيشون على فكرة اضطهاد الانظمة لهم , فان امسكوا الحكومة فسيضطرون للخضوع للمحاسبة والمساءلة على برامجهم , انا اتمنى ان يمسكوا الحكومة فان كانوا على قدر المسوؤلية فاهلا وسهلا وان لا فسيتم طوي صفحتهم الى الابد , وبناءا على ما تقدم انا ارى ان المعارضة الاردنية التقليدية مأزومة اكثر من الحكومة حتى.

نأتي للمكون الثالث وهم الحركات المعارضة التي ظهرت اخيرا مثل 24 اذار وان كانت ذة سبقت بتحركات معارضة غير تقليدية , المتقاعديين العسكريين وجبهة احمد عبيدات على سبيل المثال , المهم لغاية اليوم مطالب هذة الحركات معقولة وان كان ينقصها غياب البرامج والرؤى من وجهة نظري , فهذة الحركات نشات كرد فعل للثورات العربية وكمحاولة لاستنساخ نفس النموذج الى الاردن وان كان سقف المطالب لم يرتفع -لاسباب مختلفة - الى اسقاط النظام , انا لليوم لم اكون رأي واضح ونهائي عنهم , ولكن يبقى ان اقول بانهم مواطنون اردنيون لهم الحق بالتظاهر والتعبير عن ارائهم بسلمية وهذا حق كفله الدستور , وتعامل الحكومة والاجهزة الامنية معهم كان على اقل تقدير مخزي , واقول لكل من يؤيد تصرفات الحكومة قد تكون انت يا عزيزي من سيضرب ويهان المرة القادمة

المكون الاخير والاهم بالنسبة لي وهو المواطن الاردني العادي البسيط المشغول بوضعهه الاقتصادي عن كل شيء اخر , فهذا المواطن وبفضل السياسات المتعاقبة والظروف الخاصة بالاردن , لم يعد يهتم بما يحدث من حراك داخل الاردن بقدر ما يهتم بتأمين لقمة عيشه , هذا المواطن لا تهممه اصلاحات البخيت الصورية ولا تهمه خطابات همام سعيد الرنانة الفارغة من اي محتوى , ولا تهمه 24 اذار واعتصاماتها , يهمه شيء واحد وهو الاردن

فهل هو داخل حساباتكم …؟؟؟