كايروس،
الصفحات التي أرفقتها استهلت بعبارة سخيفة وهي : "حركة دينية ذات حضور متميز"، وكانت حركة تبشيرية.
ثم يتابع الكاتب ويقول في الصفحة التي تليها : "على الرغم من ضعف هذه الحركة وضيق حيزها فانها كانت بلا ريب ذات وجود"
والعجيب في الأمر أنها رغم ضيق حيزها فقد كانت منتشرة على الأقل في قرى الحجاز الثلاث وأنحاء متفرقة في الجزيرة العربية.
وكان من معتنقيها سادات قومهم، مثل زهير بن أبي سلمى وعبد الله بن جحش وكعب بن لؤي بن غالب وعبد المطلب، وتعاليمها مطابقة تماماً للاسلام، في حين أنه ما بدأ محمد -صلى الله عليه وسلم- دعوته حتى انهالت عليه نعوت المجنون والساحر والصابئ، رغم أن هذه الدعوة كانت منتشرة وليست شيئاً مستحدثاً.
كما أن امية بن أبي الصلت كان يعرف بقدوم رسول من العرب، وكان يأمل أن يكون هو هذا الرسول، ويروى عنه أنه كان مؤمناً بالله ثم انحرف، وفيه نزل قوله تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) سورة الأعراف.
رغم كل هذه التناقضات، فيمكن اعتبار أن هذه الحركة كانت موجودة، وكانت محصورة على مستوى أفراد، لأنها لو انتشرت لواجهت ما واجهته الدعوة الاسلامية، لكن وجودها لا يعتبر عقبة أمام صدقية الاسلام، كونها نادت بدعوة سماوية سابقة (ملة ابراهيم) وهي نفسها التي دعى اليها الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويمكن الاستنتاج ايضاً أنه كان لها مرجع سماوي وهو صحف ابراهيم.
خلاصة، النظر الى الاديان على انها اقتباس من جماعة او ديانة غير سماوية هو مغالطة لأن التشريعات الالهية سبقت الحضارات البشرية بالمطلق.
وعلى مستوى الازمنة المحصورة، فهناك حديث برواية أبي أمامة، قال أبو ذر : قلت يا رسول الله: كم وفاء عدة الأنبياء ؟ قال : مائة ألف ، وأربعة وعشرون ألفا ، والرسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر ، جما غفيرا "
مما يعني أن تسلسل الانبياء استمر خلال وجود البشرية في الأرض، ورافق الحضارات كلها.