بإسم كل شئ نبدأ

هل قال شيخ الكتاب مروّض الكلمات العابث بالأحرف نظيف الفكر سليم الضمير استاذنا بهجت في موضوع هل عشت حياة حقيقة ؟ هل قال :-
أتفق معك أن الحوار التقليدي لا يضيف شيئا له قيمة ، بل ربما لا يضيف شيئا على الإطلاق ،ولا حتى كسر رتابة الحياة اليومية ، إننا غالبا ما نعيد إنتاج الصحف اليومية أو حتى الدعايات الحزبية ،و كثيرا ما يكون ذلك نصيا بلا أدنى مجهود في الفهم أو التعبير الخاص .
اعذرني يا بهجت ان موضوعك ذاك لا زال يثير صداعي بل أنه لم يؤثر بي موضوع طيلة حياتي الانترنتية اكثر من هذا الموضوع لاسباب سأذكرها في " عشائي الاخير"
ربما يكون هذا اخر رد لي قبل ان اعود بعد شهرين فيوم الاربعاء سأغادر، وما تبقى من وقت لا يكفي لشراء ما اوصاني به الاحبة ، ف" مشخص المفلح" تريد خاتما فضياً بخرزة زرقاء ، و " حسن العلي" يريد ثوباً من ماركة اصيل لارج 58 ، ومجنونتي "علا" تريد اوتار لقيثارتها ، واخر العنقود يريد بطارية للاي بود ، وزوجة حارس بيتنا تريد " ماء زمزم" لعلاج صدفية في قدميها حسب الوصفة الطبية التي اوصى بها شيخ مؤهل هذا الطلب مقدور عليه سأحتال بماء الحنفية فكلها اولا واخيرا h2o ، وزوجة ابي تريد بخورا ومصلوة
سأغادر الاربعاء وانا احمل يافطة اعتذار للوطن فعار علينا ان نضعه في رمادية الالوان وان نضعه علامة انتظار على قارعة قطار ، عار ان نجعله يتوارى خجلا ونحن حائرون بين ال " لا" و " نعم"
اتلهف للقاء استاذي ومعلمي الكبير الاميّ قراءة وكتابة وملئ سعة الارض حكمة وفلسفة ووطنية ، سأقابل ابي الذي تجاوز ال 80 ولا زال مراهقاً في حبه لوطنه ، لعلني أمحو بعض من اميتي واعتذر عن فقداني البوصلة بعدما شاركت بذبح الوطن على صفحات الجرائد وعرائض المعترضين وعلى شاشات تتعامل مع الوطن كدعاية مزيل شعر
وابي هذا لا زلت اذكر اول دمعة رأيتها تنزف من عينيه ، فلقد كان اطال الله عمره من الشتامين للمرحوم ياسر عرفات وعبدالناصر وصدام والاسد ويشهد على ذلك رفقاء الدرب جمال الصباغ وطارق النشواتي ، فلقد تصادف ان دعانا ابن شقيقتي لوليمة عشاء وتصادفت هذه الدعوة يوم حصار الراحل عرفات عام 2002 حسب الموعد قدمت لاصطحبه بسيارتي قالت لي امي عليها رحمة الله لا تدخلوا عليه فهو منذ الصباح مغلق الغرفة على نفسه ، فتحت الباب ورأيته يبكي ولاول مرة في حياتي اراه يبكي حتى عندما توفي شقيقي بريعان شبابه لم ارى له دمعة ، فطلبت منه ان يأتي فتناول ما تيسر من شباشب وكنادر وضربني بها صارخاً كيف لكم ان تأكلوا وعرفات يحاصره الصهاينة؟ اجبته هو نفسه عرفات الذي تشتمه ، اجاب انا اشتمه نعم لكن تفوه عليكم جميعا من محيطكم الي خليجكم فهو الآن اشرفكم .
سأسترجع دروسه وهو يرى الوطن لعبة شطرنج بين " حرامية " و" تجار شعارات" ، اولاد القحبة ، هل قال القذافي من انتم؟ نعم ، من انتم؟ انتم لا تعدون عن مجرد "بدو رحل ورعاة " و " لاجئون ببقجة" و " شركس بعرباتهم العجيبة" ، انصهروا وكونوا نموذجا في صحراء تنتمي للشام دون ماءها وتنتمي للخليج دون نفطه ، فعلى اي جنب تنامون؟ وطن يقع بين من يريدون كش ذبابة عن انفه بفأس وبين من يحتضنونه من رقبته لحد الخنق ، هل سنسمح لكم بهذا وانتم تتعاماون معه كقطعة قماش قابلة للتفصيل وكل 40 شخص يريدون تفصيله على حجمهم ولونهم ؟ لا ، ارجعوا للتاريخ ، واعرفوا حجمكم فلا زال الرحم يجود بوصفي التل وهزاع المجالي الذين لهم قدرة الهية لارجاعه لسن الرشد.

سأغادر بعدها الي ماليزيا بصحبة العائلة ، وكان هذا قرارا مفاجئا كونه جاء لعرض سياحي خيالي يتعامل ب" الكوم" وكذلك لأن الربيع العربي جعل من المتعذر الذهاب الي اي بلد عربي فهذا الربيع نما ونما حتى اصبح غابات ثم ادغال استوائية وعواصف ورعد وبرق واخشى ان ذهبت هناك ان اجد ايضا اكلي لحوم البشر .
وماليزيا هذه لم تقم بها ثورة ربيع على الطريقة العربية ، كانت مضرب المثل بالتخلف ، الي ان جاء شخص اسمه مهاتير محمد ـ افتخر انني اجتمعت به هو واردوغان على هامش منتدى جدة الاقتصادي واهداني كتابه العولمة وموقع بخط يده ـ ومحمد هذا برغم تعدد الاثينيات والاديان وضع ماليزيا في ربيع دائم

اعذرني يا بهجت

أتفق معك أن الحوار التقليدي لا يضيف شيئا له قيمة ، بل ربما لا يضيف شيئا على الإطلاق ،ولا حتى كسر رتابة الحياة اليومية ، إننا غالبا ما نعيد إنتاج الصحف اليومية أو حتى الدعايات الحزبية ،و كثيرا ما يكون ذلك نصيا بلا أدنى مجهود في الفهم أو التعبير الخاص .

موضوعك هذا اعاد طريقة تفكيري وحواري وأن خلف كل حرف جلف ربما يكون هناك شخص يبكي ، لذا تحاشيت من يومها ان اجمع بين الشخص وبين الفونت
سأسقطه على ثلاثة شخوص شكلت لي اشكالية لم اخرج منها بعد ، فابني حمزة الصمادي اتحاشاه الان وكأنني انا المذنب والبقدر نفسه ارى منه عقوق الابن لابيه .
زميلنا " عمر ابو رصاع" ، فجأة يقفز من كائن حبري في الغرفة المجاورة الي كائن من لحم ودم وصلعة ، ثنائية مرهقة لكل عقل ، فهو هناك مادح كالمتنبي للحمداني ، وهنا هجّاءٌ كالحطيئة ، فهل بقي للحوار من معنى ؟
ثم ثالثة الاثافي
نارينا
هذه التي كنت ابتعد عن قراءة اي رد لها ، لأنها بدت لي وكأنها من " مونيستير عبدون" او " دير غبار" كأنطوانيت تأكل البسكويت ، تمارس علينا سادية .
الي ان تعثرت بها بمحض صدفة ، ويا للهول ، هل قال صاحب المعطف الاسود " المندس" وهو يمارس مهنة عسس الفضيلة (عني كأردني أعتذر لكل فتاة أردنية متعلمة ومثقفة ورزينة عن وجود مثلك لتشوه صورتها)؟ وعني انا كأردني اتمنى من رجالنا قبل فتياتنا ان يحملوا نصف رجولتها ، هذه التي بدت لي يوماً كأرستقراطية من ماركة انطوانيت ، هي في الواقع " بدوية" والدها عليه رحمة الله اعرفه اما عمها فهو رفيق درب ، هذه الناعمة فونتاً تكتب بيد اخشن من يد وافد يحمل تنك الباطون ، هذه هي :
كانت تركب في صغرها على " جحش" يوصلها من بيت الشعر الي المدرسة في القرية ، وكان عندها " منجل" تحصد به ليس كمنجل الشيوعيين الذي يستعمل لوحة زينة ، وكانت تضرب ب " الميجنة" وهو مصطلح " اردنة المطرقة الخشبية" تدق به اوتاد الخربوش ، وتنام على "الرصف المروشن" و" الجعدة" مشروبها الصباحي " والجدحة " نارٌ قبل الغاز المصري وكانت -ولأنها اكبر اخوتها – تحمل خرطوشاً وحسب قول عمها انها مرة قتلت ثعلباً بصلية بين الكبد والقلب لأنه اقترب من جاجاتها " دجاجتها"
هذه ، وجدت نفسها يوما مسؤولية عن بيت وعن اخوة ولم تمدّ يدها " للجمعيات الخيرية" بل مدت يدها الي محراث وحاكورة وفقوس ، تعلف دجاجاتها صباحاً قبل محاضرة " ادب شكسبير" ولا تبالي من ضحك زميلاتها وهن ينتزعن " سفيّر الشعير" من رأسها وذاكرتها تنتقل بين هل نسيت ان تُلّجم السخل الاحوى وبين هل الوالدة أسقت الحمار
اراهن انها بين رد ورد ، تذهب لتلقط " الباميا" بسحاحير ليأخذه سليمان العبد بكبه الهايلوكس الي السوق المركزي ، لتكون الباميا وجبة يوم الجمعة للهتيفين في المظاهرات ، واراهن ان بعضهم بين رد ورد يعد نقوداً ويكتب شيكات بانتظار يوم الجمعة لزوم الريجيم .


سامحك الله يا بهجت على ما اقترفت يداك بذاك الموضوع
ولا شيء شخصي