يوسف الشايبرام الله – استفاق سكان حي الطيرة الراقي في مدينة رام الله، حيث يقطن العضو المقال من اللجنة المركزية لحركة فتح، وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني محمد دحلان، صباح أمس، على صوت صياح وإطلاق نار، تبين أنها عملية دهم نفذها امن السلطة الفلسطينية لمنزل دحلان، الذي اقصته الحركة لـ "ثرائه الفاحش واستقوائه بالخارج".
ووفق مصادر أمنية لـ "الغد"، فإن الامن اعتقل عند السابعة من صباح أمس، 12 من مرافقي دحلان غالبيتهم من شركة أمن خاصة، وصادر 16 قطعة سلاح كانت بحوزتهم و12 سيارة، موضحة أن الأمن خاطب بمكبرات الصوت دحلان بأنه مستثنى من عملية الدهم بصفته يتمتع بحصانة نيابية، وأن العملية هدفت إلى مصادرة الأسلحة "غير القانونية" بحوزة مرافقيه.
وأضافت المصادر إنه عند مغادرة دحلان الى الاردن، قامت قوة أمنية بمهاجمة سيارته وصادرتها، في حين تم التحفظ على مرافقيه وهم ابو علي شاهين وسفيان ابو زايدة وتوفيق ابو خوصة، والذين اطلق سراحهم لاحقا، بينما جرى إلقاء القبض على سليم الشيخ خليل رئيس مرافقي دحلان .
وأشارت المصادر إلى أن الأمن لم يتعرض لدحلان، الذي كان في منزله لحظة تنفيذ العملية، في وقت تحدثت مصادر مقربة من دحلان عن كونه بات مجهول محل الإقامة، وهو ما دفع قيادات في حركة فتح الى استنكار العملية، ومن بينهم سفيان أبو زايدة، عضو المجلس الثوري للحركة، محملا الرئيس محمود عباس مسؤولية ما حدث. وقال في تصريحات إذاعية، إنه كان يمكن الاتصال بدحلان، وتحديد عدد المرافقين والسيارات المسموحة له، وعدد ونوعيات الأسلحة معتبرا ان ما حدث رسالة لدحلان لمغادرة رام الله، والانسحاب من معركته داخل فتح، التي طعن دحلان امام محكمتها بقرار طرده من الحركة لكنها ثبتته فقرر التوجه إلى أمين سر الحركة للتحقيق في القضية.
من جهته قال اللواء عدنان الضميري، الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، في مؤتمر صحافي ان الامن صادر اسلحة وكميات كبيرة من الذخيرة تقدر بحوالي 10 الاف طلقة نارية من حراس ومرافقين شخصيين للنائب محمد دحلان، خلال عملية التفتيش.
وأضاف الضميري "العملية تمت بناء على ملاحظات لتحركات ومظاهر مسلحة من قبل مجموعة من المسلحين في حي الطيرة برام الله، فطلبت قوى الامن من النيابة العامة اذنا بالتفتيش".
وشدد على ان القوة الامنية وصلت للمكان وقام قائد القوة بالتوجه الى منزل النائب واخبره بأن لديه حصانة وطلب منه اذن التفتيش في محيط المنزل على الرغم من أنه بوسع الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفع الحصانة البرلمانية عن أي نائب في ظل تعطل عمل المجلس التشريعي.
وجرى الطلب من النائب تسليم مركبتين تم اكتشافهما لديه، واصدار الاوامر للشرطة بتوفير الحماية للنائب محمد دحلان ضمن نطاق القانون.
واوضح الضميري انه تم الحديث مسبقا مع النائب دحلان عن بعض المظاهر والمسلكيات والاستعراضات العسكرية والخروج بمواكب من دون مبررات.
واوضح ان اغلب الاسلحة التي تم ضبطها كانت غير مسجلة حسب القانون في دائرة التسليح في قوى الامن، اضافة الى انه تم اعتقال مسلحين يتم التحقق من هويتهم وانتسابهم لقوى الامن الفلسطينية من عدمه، مشددا في الوقت ذاته على ان عهد المجموعات المسلحة والمواكب والاستعراضات العسكرية انتهى بلا رجعة، وان الموكب الوحيد المسموح له بالسير بهذه الطريقة هو موكب الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض.
واوضحت اللجنة المركزية لحركة فتح امس ان سبب إقصاء العضو السابق في اللجنة المركزية للحركة محمد دحلان من عضوية الحركة هو "تجاوزات تمس الامن القومي الفلسطيني والثراء الفاحش والتآمر".
واصدر الناطق باسم اللجنة المركزية لحركة فتح بيانا اكد فيه انه "في أعقاب قرار المحكمة الحركية برد الطعن المقدم من محمد دحلان وبما يثبت قانونية قرار اللجنة المركزية بفصل الدحلان من الحركة تؤكد اللجنة المركزية أن قرارها بإقصائه قد ارتكز على تجاوزات تمس الأمن القومي والاجتماعي الفلسطيني".
واتهم البيان دحلان بـ "الاستقواء بجهات خارجية وارتكاب جرائم قتل على مدار سنوات طويلة، وممارسات لاأخلاقية لم ينج منها وجيه ولا زعيم سياسي ولا رجل أعمال في قطاع غزة وذلك باستخدام البلطجية وفرقة الموت".
كما اتهم البيان دحلان بـ "الثراء الفاحش نتيجة الكسب غير المشروع ونهب أموال" حكومية واستثمار "الجزء الأكبر لحسابه الخاص خارج الوطن".
وساق البيان سببا اخر وهو "التآمر في محاولة لاحتلال إرادة الحركة كمقدمة لكسر الإرادة السياسة الوطنية التي لم ينج منها حتى الشهيد القائد ياسر عرفات".
وفي إطار ردود الفعل، أشار بيان صادر عن كتائب الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، وتلقت "الغد" نسخة منه "نؤكد وندعم توجه لجنة التحقيق مع محمد دحلان وكلنا ثقة بمصداقية هذه اللجنة الحركية ونثق في قراراتها".
من جهته، اعتبر المحلل السياسي خليل شاهين ان قضية دحلان لا تقتصر فقط على اقتحام منزله، بل تعكس استمرار الصراعات داخل حركة فتح، وهي صراعات فشل المؤتمر الحركي السادس في حلها.
وأضاف شاهين "ما يحدث وحدث في "قضية دحلان" يعكس إخفاقاً كبيراً من قبل حركة فتح في إعادة ترتيب بيتها الداخلي، وبناء نفسها تنظيميا وسياسيا وماليا بعيدا عن الصراعات المتواصلة منذ عقود، والتي ظهرت تجلياتها اخيراً في قضية دحلان، عبر تفاصيل واقعية ومحقة، وأخرى تدخل في باب "تصفية الحسابات