{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
شريط أحداث الثورة السورية لشهر رمضان ramadanrevolution
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #24
الرد على: شريط أحداث الثورة السورية لشهر رمضان ramadanrevolution
سورية: الإحتجاجات تتمدّد وأوروبا توسّع العقوبات
السبت, 20 أغسطس 2011
من تظاهرة في درعا أمس. (ا ف ب).jpg
نيويورك - راغدة درغام

دمشق، لندن، بروكسيل، موسكو - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - تظاهر عشرات الآلاف في مدن وبلدات سورية عدة أمس، في إطار دعوة أطلقها ناشطون تحت عنوان «جمعة بشائر النصر»، فيما قُتل أكثر من 22 شخصاً وجرح العشرات برصاص الأمن والجيش، رغم إعلان الرئيس السوري بشار وقف عمليات قواته.

وفي وقت تعد الولايات المتحدة ودول أوروبية مشروع قرار يفرض عقوبات على النظام السوري لطرحه على مجلس الأمن خلال أيام، أعلن الاتحاد الأوروبي توسيع نطاق العقوبات. وتمسكت روسيا برفضها الدعوات إلى تنحي الأسد أو فرض عقوبات جديدة، فيما كررت تركيا دعوتها إلى وقف العنف وأحجمت عن مطالبة الرئيس السوري بالتنحي.

واتسع نطاق الاحتجاجات أمس جغرافياً. وأظهرت عشرات الشرائط المصورة على الإنترنت تظاهرات متفاوتة الأحجام في مدن وبلدات عدة، خصوصاً في دمشق وحلب وحمص ودرعا وإدلب وحماة ودير الزور وأريافها، إضافة إلى تفريق تظاهرات بإطلاق الرصاص عليها في حلب ودرعا، ودوريات مشتركة بين الجيش وميليشيات «الشبيحة» في حمص تطلق النار عشوائياً وتهتف للأسد.

وأحصى ناشطون حقوقيون 22 مدنياً بينهم طفلان، قتلوا أمس برصاص قوات الأمن. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «15 شخصاً قتلوا في ريف درعا، بينهم ستة بالغين وطفلان في مدينة غباغب وخمسة أشخاص في الحراك وشخص في انخل وآخر في نوى عندما اطلق رجال الأمن النار لتفريق تظاهرات». وأشار إلى سقوط «جرحى حالة أكثرهم حرجة في الحراك التي تشهد إطلاق نار كثيفاً وفي انخل». وقال إن «قوات الأمن أطلقت النار على متظاهرين في غباغب ما أدى إلى جرح ثلاثة منهم».

وأكد أن «شخصاً قتل في حرستا (ريف دمشق) عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين». وقال ناشط آخر من مدينة حمص إن «ثلاثة أشخاص قتلوا بينهم شخص في حي القرابيص وآخر في حي بابا عمرو وثالث في حي جوبر». وهتف محتجون في حمص: «يا بشار باي باي... بدنا نشوفك في لاهاي»، في إشارة إلى مقر المحكمة الجنائية الدولية.

ولفت المرصد إلى أن «تظاهرات خرجت في معظم أحياء حمص للمطالبة بإسقاط النظام أضخمها كانت في حي الخالدية ضمت نحو عشرين ألف متظاهر». وأشار إلى «إطلاق نار كثيف في حيي باب الدريب والميدان وأحياء أخرى لم يمكن تحديدها»، لافتاً إلى «حملة مداهمات للمنازل واعتقال متظاهرين في حي الميدان وكرم الشامي».

لكن وكالة الأنباء الرسمية «سانا» أعلنت مقتل شرطي ومدني وجرح اثنين من عناصر مخفر غباغب في ريف درعا «بنيران مسلحين هاجموا المخفر بالإضافة إلى سقوط شهيدين من عناصر قوات حفظ النظام وإصابة أربعة آخرين برصاص مسلحين يطلقون النار عشوائياً في شوارع حرستا».

أما في غرب البلاد، فذكر المرصد أن «المصلين خرجوا من جامع الفتاحي في اللاذقية في تظاهرة انقضت عليها مجموعات الشبيحة بسرعة لتفريقها بينما خرجت تظاهرة في حي الميدان في بانياس تطالب بإسقاط النظام رغم التواجد الأمني الكثيف». وتحدث عن «انتشار امني كثيف» في دير الزور (شرق) التي أعلن الجيش السوري خروجه منها.

وفي دمشق، قال المرصد إن «رجال الأمن اطلقوا النار بكثافة على تظاهرة خرجت في حي القدم» مشيراً إلى «سقوط جرحى» من دون أن يتمكن من تحديد عددهم. وأشار إلى أن «وحدات من الجيش والأمن دخلت حي القابون وانتشرت في شكل كثيف أمام المساجد وتقوم سيارات الأمن بعناصرها المسلحة بالعتاد الكامل بدوريات في الحي لمنع خروج التظاهرات»، كما «خرجت تظاهرة في حي الحجر الأسود تهتف: يا حماة إحنا معاكي للموت ويا دير الزور إحنا معاكي للموت والشعب يريد إسقاط الرئيس».

وفي شمال شرقي البلاد، ذكر الناشط الحقوقي حسن برو أن «خمسة آلاف متظاهر خرجوا في مدينة القامشلي وأربعة آلاف في مدينة عامودا للمطالبة بإسقاط النظام». وأشار إلى أن «التظاهرات تمت ضمن وجود أمني كثيف»، من دون أن يشير إلى تدخل أمني أو اعتقال. وكشف أن «اتحاد التنسيقيات الكردية اعلن عدم الاحتفال بعيد الفطر في جميع المناطق الكردية ونالت هذه المبادرة تأييد الأحزاب الكردية».

وفي نيويورك، أكدت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن، بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال، أنها ستتبنى معاً طرح مشروع قرار يتضمن عقوبات دولية على النظام السوري قد يتطرق أيضاً إلى توصية المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي لمجلس الأمن بإحالة الوضع في سورية على المحكمة الجنائية الدولية بسبب «ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان على نطاق واسع».

وقالت مصادر اوروبية إن مشروع القرار الذي صاغته بريطانيا سيطرح على باقي أعضاء المجلس مطلع الأسبوع المقبل ولن ينتظر عودة البعثة الإنسانية الأولى للأمم المتحدة التي تصل دمشق اليوم للإطلاع ميدانياً على المناطق التي طالها العنف وقمع التظاهرات. وقللت من تأثير الموقف روسيا الرافض للعقوبات، مؤكدة أنه «أقل حدة من معارضتها المعهودة لاتخاذ إجراءات في مجلس الامن ضد سورية».

وتعارض روسيا والصين طرح مشروع قرار في مجلس الأمن أو إحالة الوضع في سورية على المحكمة الجنائية الدولية. وتحبذ روسيا والصين الهند وجنوب افريقيا والبرازيل انتظار عودة البعثة الإنسانية للأمم المتحدة من دمشق. وأعلنت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية فاليري آموس أن البعثة ستزور سورية لمدة أربعة أيام. وأشارت إلى أن الأمم المتحدة حصلت على ضمانات من السلطات السورية بحرية الوصول الى أي منطقة نريدها». وأضافت: «سنركز على الأماكن التي شهدت قتالاً بحسب التقارير، وسترافق البعثة خلال عملها فرق من الهلال الأحمر السوري».

وفي لاهاي، صرح المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو انه تلقى تقارير عن انتهاكات لحقوق الانسان في سورية لكنه لا يستطيع «في الوقت الحاضر» فتح تحقيق بشأنها لأن دمشق لا تعترف بالمحكمة.

واوضح اوكامبو انه يمكنه فقط فتح تحقيق في جرائم محتملة ضد الانسانية بناء على طلب مجلس الأمن، مشيراً الى ان اطرافا مختلفة ارسلت اليه تقارير «عن اعتقالات عشوائية وعن قتل وتعذيب المتظاهرين».

وعبرت وزارة الخارجية الروسية أمس عن معارضتها للدعوات الأميركية والأوروبية إلى تنحي الرئيس الأسد، مشيرة إلى أنها ترى أنه يحتاج وقتاً لتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها. ونقلت وكالة «انترفاكس» للأنباء عن الناطق باسم الوزارة الكسندر لوكاشيفيتش قوله: «لا نتفق مع وجهة نظر الولايات المتحدة وأوروبا في ما يتعلق بالرئيس بشار الأسد وسنواصل الدفاع عن موقفنا المبدئي في شأن سورية».

واعتبر أن «الأهم هو إعلان الأسد (أول من) أمس وقف جميع العمليات العسكرية. هذه خطوة مهمة للغاية وتؤكد نية الأسد والسلطات السورية المضي في مسار الإصلاحات... على المعارضة أيضاً أن تدخل في حوار مع السلطات وتنأى بنفسها عن المتطرفين». ورأى أن «أموراً كثيرة تمت باتجاه تطبيق الإصلاحات الاتجاه، ويتعين إقرار قوانين ملائمة وإعلان عفو عن المعتقلين السياسيين وإجراء انتخابات بحلول نهاية السنة».

من جهتها، أكدت تركيا أنها غير مستعدة حتى الآن للدعوة إلى تنحي الرئيس السوري، لكنها كررت مطالبتها بوقف القمع الدامي في سورية «فوراً». وقال مصدر حكومي تركي أمس طالباً عدم كشف هويته: «لم نصل إلى هذا الحد بعد... على الشعب السوري أولاً أن يقول للأسد أن يرحل. المعارضة السورية غير موحدة ولم نسمع إلى الآن أي دعوة جماعية من السوريين تقول للأسد أن يرحل، كما حصل في مصر وليبيا».

وفي بروكسيل، قال ديبلوماسيون أوروبيون إن حكومات الاتحاد الاوروبي وافقت أمس على زيادة عدد المسؤولين السوريين والمؤسسات السورية التي تستهدفها عقوبات الاتحاد ووضعت خططاً لاحتمال فرض حظر نفطي. ووافق سفراء الاتحاد اثناء اجتماع أمس على إضافة 15 شخصا وخمس مؤسسات إلى قائمة الكيانات المستهدفة بالفعل بعقوبات أوروبية تشمل تجميد الاصول وحظر السفر، وستقدم القوائم الجديدة للحصول على موافقة رسمية خلال أيام.

وطلب السفراء من جهاز الخدمة الديبلوماسية للكتلة الأوروبية إعداد خطط لمزيد من الإجراءات. وقال ديبلوماسي: «دعا السفراء جهاز الخدمة الديبلوماسية والمفوضية الاوروبية إلى تطوير خيارات لمزيد من العقوبات... خصوصاً احتمال فرض حظر نفطي».

وكانت العقوبات الأولية شملت 35 شخصاً بينهم الاسد واستهدفت شركات ذات صلات بالجيش مرتبطة بقمع الاحتجاجات. لكن العقوبات الجديدة «يمكن ان تشمل شركات مرتبطة بالنظام وليس فقط تلك المشاركة في القمع، ويمكن ان تستهدف قطاعي البنوك والاتصالات وايضا النفط»، بحسب ديبلوماسيين.

رصاصة في صدر شاب اشعلت الثورة
الثلاثاء, 16 أغسطس 2011
الجامع العمري في درعا (رويترز).jpg
ياسر أبو هلالة

لم يكن يخطر ببال الطبيبة عائشة المسالمة أنها تمثل جسراً تاريخياً بين الثورة المصرية والثورة السورية. وعلى خلاف السوريين الذين علمتهم عقود من حكم البعث القدرة على التمثيل واصطناع الولاء طلباً للسلامة، وأقله الحذر الشديد، أعمتها فرحة سقوط حسني مبارك واتصلت يوم 11 شباط (فبراير) من درعا مهنئة صديقة لها من بلدة خربة غزالة متمنية «العقبى عندنا». ولم يخطر على بالها أن آذان عاطف نجيب مدير الأمن السياسي في درعا وأحد خؤولة الرئيس بشار الأسد واعية لتلك اللحظات المفصلية، ولم تسه عن شاردة ولا واردة.

مع أن اصطناع الولاء هو ما خرجت به ليزا وادين في أطروحتها «السيطرة الغامضة» فعلاقة الناس بالدولة تقوم على أساس التظاهر «كما لو أنها». وكان حرياً بالطبيبة أن تقول وفق رواية التلفزيون السوري أن مبارك سقط لأنه «نظام كامب ديفيد»، وأن قائدنا باق إلى الأبد لأننا «منحبك» وفق اللوحات الدعائية الضخمة، ولأنه على قوله قريب من «معتقدات الشعب». من الواضح أن «السيطرة الغامضة» أخذت بالتفكك لمصلحة «الثورة الغامضة» التي فاجأت الجميع.

اعتقلت الطبيبة وصديقتها. لم يخطر على بال نجيب أنه بذلك يدمر ما أنجزته عقود من سنوات البعث في حوران. فالطبيبة تمثل جيلاً من الفلاحين جنى مكاسب نظام قل أن تجد نظيراً له في العالم العربي في النهوض بالفلاحين وتمكينهم سياسياً واقتصادياً. وهو ما أكده من قابلتهم من شباب درعا وحوران. نقل لي واحد من الشباب الثوار عن والده أن أهل حوران الفلاحين، قبل البعث، كانوا يدخلون دمشق على استحياء من أهل المدينة المترفعين عنهم.

لم يتوقف تمكين أهل سهل حوران الخصيب على دعم الفلاحة اقتصادياً ودعم الحضور النقابي لاتحادات الفلاحين سياسياً، بل تعداه إلى حضور لافت في الدولة، وفي الحلقة السياسية والأمنية والعسكرية الضيقة. ربما ساعد في ذلك أنها لم تكن من المناطق المتمردة في أيام المواجهة مع جماعة الإخوان المسلمين في عقد الثمانينات. وإن كان لها مساهمتها المحدودة. ومن الوجوه السياسية لدرعا رئيس الوزراء الراحل محمود الزعبي، ونائب الرئيس فاروق الشرع، ومن رموزها الأمنية رجل الاستخبارات القوي في لبنان رستم غزالة، ومدير أمن دمشق يعرب الشرع وغيرهما.

ومن الواضح أن تقديم أبناء حوران كان محاولة لنفي الصبغة الطائفية للنظام، وتقديمه بصورة طبقية. وفي إطار الفلاحين يندرج أبناء حوران مع العلويين في مواجهة الطبقة المدنية البرجوازية، خصوصاً أن المدن شكلت قلب المواجهة مع النظام في الثمانينات سواء في حلب أم دمشق أم حماة، والانقلابات في سورية لم تشذ عن ظاهرة عربية؛ انقلاب ضباط الريف على أبناء المدن.

رصد الأمن السياسي تمرد الطبيبة عائشة المسالمة وصديقتها العفوي، تماماً كما رصد ملايين المشاهدين تمرد سميرة المسالمة رئيسة تحرير صجفية»تشرين» على الهواء في حديثها على قناة «الجزيرة» عندما قالت «إن هناك خرقاً للتعليمات المتعلقة بعدم إطلاق النار، ويجب محاسبة الذين يقومون بإطلاق النار حتى لو كانوا من الأمن وتبيان الأسباب التي دفعتهم إلى مخالفة التعليمات القاضية بعدم إطلاق النار». أقيلت من منصبها وهي أول سورية تنجح في الوصول إلى موقع رئاسة التحرير. وكأن من يمكنهم النظام، فلاحة أو امرأة هم من ينقلبون عليه.

لم تكن درعا تشكو من تهميش قياساً على غيرها من المحافظات السورية، على العكس، فهي محافظة «مدللة نسبياً»، سواء بسبب سياسات حزب البعث الداعمة للفلاحين، أم بسبب الرخاء الاقتصادي النسبي العائد إلى عمل قطاع كبير من أبنائها في دول الخليج والمهاجر. وما حصل فيها يقرأ بحسب ما ذهبت إليه السينمائية عزة الحسن «هستيريا الصورة». فالمشاهد العربي أبهرته صور الثورات العربية التي أسرته على مدار الساعة، وعلى غير وعي تقمص شخصية الثوار في مواجهة الاستبداد. تماماً كما أصيب أهل بلدة هندية بالمغص لأن بطل مسلسل مشهور تألم من معدته فتألموا، من غير علة حقيقية.

اعتقلت الطبية المسالمة وأهينت هي وصديقتها، لكن ذلك لم يكن سلوكاً استثنائياً لعاطف نجيب مدير الأمن السياسي في درعا المشهور بفساده وقسوته. لم يطل اعتقالها، وأفرج عنها بعد تدخل أقاربها الذين يدركون جسامة الذنب الذي اقترفته في مساسها بشخص الرئيس. من لم يقبل تلك الإهانة، تأثراً بـ «هيستيريا الصورة»، هم الفتيان والأطفال من أقاربها. فخرجوا من المدرسة في تظاهرة عفوية وكتبوا على الجدران ما شاهدوه وسمعوه على مدار الساعة «الشعب يريد إسقاط النظام». رصدت آذان عاطف نجيب ذلك، ولم تشفع لهم طفولتهم كما لم تشفع لقريبتهم أنوثتها.

تقبل الأهالي الاعتقال، وصبروا أياماً لعل عاطف نجيب يكتفي بتأديبهم، لا سيما أنهم تعرضوا لتعذيب وحشي بالكهرباء وخلع الأظافر وغير ذلك من وسائل متبعة في الأمن السوري. توجه الشيخ محمد عبد العزيز ابازيد إلى عاطف نجيب متوسطاً للأطفال، فتلقى رداً مهيناً «أنسوا أولادكم « وأضاف عبارات بذيئة بحق النساء! لم تكن تلك العبارات الفاحشة، كما تعذيب النساء والأطفال سلوكاً جديداً على عاطف نجيب. لم تتقبل الشخصية العشائرية تلك الإهانة، وعاد إلى قومه غاضباً.

يقول محدثي وهو ممن شاركوا في أول تظاهرة في درعا أن الإهانة كانت الشرارة التي ولدت الثورة في مجتمع تراكم فيه الغاز المشتعل عبر عقود. فالدلال النسبي للمحافظة لم ينزعها من سياق القمع المنهجي الذي يتعرض له الشعب السوري. الأمن حاضر في كل شيء لا تستطيع أن تفتح مصلحة بسيطة من دون موافقة ودفع رشى، رخصة حفر البئر وصلت أكلافها الى مليون ونصف مليون ليرة سورية. ناهيك عن السلوك الطائفي الذي بدأ يطفو على السطح من خلال منع النقاب الذي بدا وكأنه احتجاج ناعم من النساء على ما اعتبر هيمنة طائفية.

لم يكن سقف التظاهرة يتعدى الإفراج عن الأطفال وإقالة عاطف نجيب مدير الأمن السياسي والمحافظ فيصل كلثوم، وهما من أسوأ ما ورث الرئيس عن والده، فكلاهما شارك في أحداث الثمانينات، وفيصل كلثوم كان من قلة حصلت على مسدس «شرف البعث» الذي قلده الأسد الوالد لمن أبلوا في مجزرة حماة التي ذهب ضحيتها ما لا يقل عن عشرين ألفاً من المدنيين. ذلك الإرث الأمني الرهيب لم يكن ليرعب فتية درعا في يوم الجمعة في 18/3/2011، فعقود القمع التي نشأ فيها الجيل الجديد أورثته خبرة في التعامل مع أجهزة الأمن.

أدرك الشباب الذين تداعوا عفواً، ولم يكن يربطهم تنظيم، أن الأمن سيركز على الجامع العمري قلب المدينة، فاختاروا تضليلاً له انطلاق التظاهرة من جامع حمزة والعباس متوجهين إلى الجامع العمري. يؤكد محدثي رداً على أسئلتي أنه لم يكن ثمة تخطيط ولا تنظيم سابق، وإن ما حصل كان ابن تلك اللحظة. سألته عن علاقات وخلفيات الشباب، كان بعضهم قد اعتقل أخوة لهم بتهم السلفية. لكن الحضور السلفي لم يكن واضحاً في الشعارات الأولى التي وضعوها «الله أكبر... الله سورية حرية وبس». وهي الشعارات ذاتها التي سبق تردادها بيومين في الجامع الأموي في دمشق في تظاهرة محدودة. وفي تواضع يدرك محدودية القدرات ويضع سقفاً للمطالب رفع شعار «الشعب يريد إسقاط المحافظ».

لا يبدو أن الجهات الأمنية وضعت في استراتيجيتها إطلاق الرصاص على المتظاهرين، فالمسيرة خضعت لمراقبة وحصار وتهديد، لكن الطابع الدموي الذي ترسخ في عقود غلب التطبع المصطنع لمواجهة رياح الربيع العربي. أحد أفراد دوريات الأمن خاطب المتظاهرين «بدكم حرية يا كلاب» فخرج بعض المتظاهرين عن سلميتهم وحطموا السيارة التي انسحبت. الطابع الدموي احتوي قليلاً. وفي «هيستريا الصورة» يتقدم المتظاهر حسام عياش نحو الشاهرين بنادق الكلاشنيكوف الروسية، ويفتح صدره متحدياً، وكأنه يعيد مشهداً شهيراً جرى في غضون الثورة المصرية، وقال: «إذا كنت رجلاً اطلق الرصاص». التزم العسكري، على ما يبدو بأوامر عدم الإطلاق، لكن ضابط صف في الأمن غلبه طبعه، فسحب مسدسه وأطلق الرصاص في رأس حسام. استنفر الأمن ونزلت في الملعب البلدي 12 طائرة مروحية تقل قوات أمنية خاصة.

لم يكن ضابط الصف يدري أنه يصيب النظام في مقتل. ومن لحظتها لم يتوقف نزف الدماء في سورية. طغى الطابع الأمني الدموي وقتل بعدها متظاهر ثان هو محمود الجوابرة وعاد المتظاهرون السلميون بخمس جثث. وهو ما عنى خمس تظاهرات أخرى في اليوم التالي. يصعب الجزم باستراتيجية النظام في تلك اللحظة. هل كان إطلاق الرصاص الحي ضمن خطة أم هو طابع دموي تجلى على نحو عفوي؟

يغلب على الشباب صفة المحافظة والتدين، وتلك الصفة نوع من معارضة النظام الذي ظل حريصاً على محاربة مظاهر التدين، ويحمل الشباب ذكريات مريرة في أيام خدمتهم العسكرية من استهداف للرموز الدينية وتضييق على ممارسة الشعائر، في جو طائفي مكبوت. وفي أنظمة استبدادية لا يبقى مجال عام للتواصل والتجمع غير دور العبادة، وهذا ما شهدته كثير من دول أوروبا الشرقية، هنا برزت شخصية الشيخ أحمد الصياصنة المبعد عن الخطابة والإمامة بسبب «استقامته وجرأته» على حد وصف محدثي. حاول الشيخ الصياصنة في اليوم التالي في 19/3 استيعاب الشباب والتوسط لتحقيق المطالب، واضطرت السلطات الأمنية التي حاربته للقبول به وسيطاً مع المتظاهرين. ولكن الوساطة لم تجد، ولم تلب المطالب، فتصاعد هتاف المتظاهرين «ثورة ثورة...» وعلا شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» في وجه زخات الرصاص. والشيخ الوسيط قتل ابنه لاحقاً.

من سوء حظ النظام مع أهالي درعا أن أحد شبابها؛ أبو الحسن أبا زيد، كان قد أسس شبكة شام الإخبارية على الإنترنت. وهو من جيل المهجرين خارج سورية، فوالده خرج على خلفية المواجهة مع الإخوان المسلمين في الثمانينات وعاشت العائلة في اليمن. عندما أسس الموقع قبل الأحداث بأسبوعين لم يكن يأمل أن تقوم ثورة في سورية وفي بلدته تحديداً. لعبت العلاقات التقنية المعقدة جنباً إلى جنب مع العلاقات القرابية، ثم توسعت الشبكة لتشمل سورية كلها، وينخرط فيها مسيحيون وعلويون.

دمر النظام البنى الحديثة للمجتمع من نقابات وأحزاب وجمعيات، ولم يبق غير الروابط القرابية والأهلية، وهي أكثر فاعلية وحماسة من الأولى. فقيم النخوة والثأر والتضامن لا تقاس بقيم الواجب والالتزام المهني والسياسي والفكري. تداعت عشائر درعا المدينة أولاً، ثم انضمت إليها القرى المجاورة. ورد النظام بدموية استدرجت ردوداً غير متوقعه وصلت إلى درجة إحراق تمثال الرئيس الراحل حافظ الأسد بعدما عرف بمجزرة القرى في23/3/2011 إذ أطلق الرصاص الحي على من توافدوا تضامناً من القرى المجاورة. في الأثناء حاول النظام الاستفادة من روابط الدم مع رجالات النظام، فأوفد رستم غزالة في اليوم التالي للتظاهرة الأولى معزياً ومفاوضاً، وبعدها بيومين أرسل فاروق الشرع. وظل طيلة الأحداث يلجأ الى الضباط والمسؤولين من أبناء حوران للتوسط والتهدئة.

لا القمع الدموي خوّف الناس ولا الوساطات والترضيات أغرتهم. في الجمعة التالية في 25/3/2011 رد متظاهرو درعا على زيادات الرواتب التي أعلنت عنها مستشارة الرئيس بثينة شعبان بشعارات «يا بثينة يا شعبان شعب درعا مش جوعان»، و «يا بشار اسماع اسماع دم الشهدا ما بينباع». وبعدها انضمت المحافظات السورية تباعاً الى الثورة، وهو ما لم يكن هدف المحتجين في البداية، فما جعل سقوط النظام هدفاً هو حماقات النظام الأمني الذي أخطأ في البداية ولا يزال يخطئ ، وعلى ما يبدو فإن «هستيريا الصورة» تأخذ الشعوب كما تأخذ الأجهزة الأمنية. فالأخطاء التي وقع فيها جهازا الأمن في تونس ومصر كررها جهاز الأمن في سورية ببشاعة لم ترعب الناس الذين عاشوا في رعب عقوداً. لم يحم جهاز الأمن الدولـة بل دمر إنجازاتها ومكتسباتها على قلتها.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 08-20-2011, 11:05 AM بواسطة بسام الخوري.)
08-20-2011, 10:36 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الرد على: شريط أحداث الثورة السورية لشهر رمضان ramadanrevolution - بواسطة بسام الخوري - 08-20-2011, 10:36 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  العدوان الامريكي على الثورة السورية المباركة أسير الماضي 0 437 08-17-2014, 06:34 AM
آخر رد: أسير الماضي
  دواعش إيران يحكمون على " مسيحي " يأكل رمضان بحرق شفتيه بالسجائر الإبستمولوجي 13 1,077 07-27-2014, 11:18 PM
آخر رد: خالد
  الثورة السورية طلعت غير شرعية .... تكبييييييييير على نور الله 15 1,292 05-15-2014, 03:12 AM
آخر رد: Rfik_kamel
  حتمية انتصار الثورة السورية على الغرباء forat 29 5,252 02-28-2014, 02:38 PM
آخر رد: فارس اللواء
  من بركات الثورة الملعونة في سوريا فارس اللواء 4 999 02-28-2014, 02:36 PM
آخر رد: فارس اللواء

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS