حدثني ابن عمي أبو كريم أنه بينما كان يعمل على معاملة في مبنى الداخلية رفض الموظف ### – كعادتهم - أن يكمل له المعاملة إلا برشوة، فأخرج أبو كريم مئة ليرة من جيبه فردها الموظف قائلاً: "أقل من خمسمئة ليرة لا أقبل ولك قرد". فبُهت أبو كريم لعظم المبلغ، فقال للموظف: "ويحك! كنتم في الغابر تقبلون بخمسين ليرة والآن تطلب خمسمئة؟" فقال لي: "الآن انقلب الحال وبدأنا العمل بحديث شريف حُدثنا به عن القائد حافظ الأسد (مص)." فقال: "وما هو هذا الحديث؟" فقال الموظف: "ادفع أولاً ولك قرد." فدفع أبو كريم الخمسمئة ليرة فقال الموظف: "حدثني والدي سلمان العلي عن صديقه حيدر محمود العقيد المتقاعد من سرايا الدفاع أن رفعت الأسد – عفا الله عنه- قائد سرايا الدفاع حدثهم قائلاً:
كنا مع مجموعة من الموالين والمقربين جلوساً مع قائدنا حافظ الأسد (مص) نتسامر ونتضاحك ونشرب المتة والحشيش، وبينما كنا كذلك إذا بقائدنا (مص) قد وجم وجهه واحمر حتى بدا كإست القرد، فعلمنا أن الوحي يتنزل عليه، فلما انقضى الوحي نظر إلينا بعينين ذابلتين وقال: "يكشف الله لي الغيب كما يكشف أحدكم عن طيز زوجته، إن الله قد كشف لي أن حكم آل الآسد لن يدوم إلى الأبد." فشهقنا جميعاً وفغرت أفواهنا وجحظت أعيننا وانسكبت كؤوس المتة وسقطت لفافات الحشيش وبلغت القلوب الحناجر وظننا بالأسد الظنونا، فاستجمعت نفسي وقلت لقائدنا: "يا قائدنا، أولست أنت من وضع لنا شعار الأسد إلى الأبد؟" فقال: "هذا شعار قد نسخه الله، ((ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها))، فهاكم شعارٌ خير منه: منمصلك." فقلت: "يا قائدنا، متى يسقط حكم آل الأسد؟" فقال: "يسقط حكم آل الأسد حين يقوم الشعب." فقلت: "فما علامات قيام الشعب؟" قال: "رجل من بلاد الأمازيغ يوقد في نفسه النار فيشتعل شعبه ضد حاكمه كما يشعل أحدكم لفافة الحشيش، وكما أن المحشش يدل غيره على التحشيش فكذلك ذاك البلد يدل غيره من البلاد على الثورة فتصل إلى مصر، فيقوم شعب مصر على حاكمه فيخلعه، فتقول امرأةٌ من درعا لصاحبتها "عقبال عندنا" فيسمعها جند الأسد فينكلون بها فيكتب أقرباء صغار لها على الجدران شاتمين نظام الأسد فيعتقلهم جند الأسد وينكلون بهم ويقلعون أظافرهم فيثور أهل درعا فتتبعها مدن سوريا الأخرى وقراها جميعاً إلا قرى العلويين ومدينة حلب." فقلت متعجباً: "حلب؟" فقال: "نعم، ولوقفتهم هذه يُحشر الحلبيون يوم القيامة مع النبيين والصديقين #### في منتجع سياحي على شاطئ اللاذقية، ثم يدخلون الجنة." ثم أطرق قائدنا رأسه متفكراً للحظات ثم رفع رأسه وقال: "قد حدثتكم عن علامات قيام الشعب الصغرى، أما علامات قيام الشعب الكبرى فهي: عبدٌ صالح أنزل الله عليه الكتاب الأخضر وآتاه الحكمة والبيان وطلاقة اللسان وحسن المظهر والهندام، يسقط نظامه بعد ستة أشهر من القتال وقصف الطير الأبابيل، فيتفرغ الغرب حينها لسوريا فيضربون نظامها فيسقط حكم الأسد إلى الأبد." ثم وقف قائدنا (مص) وخطب بنا قائلاً: "يا معشر العلويين، بُعثتُ وبيني وبين ساعة قيام الشعب كهاتين – وخلع سرواله وأشار إلى خصيتيه-، وأنتم الآن في سنوات مجدكم، وستمر عليكم سنوات عجاف تعودون فيها إلى القرى وإلى فقركم وتخلفكم ويقاطعكم الشعب فلا يصاحبكم حينها إلا الحمير والبغال والضباع، فاغتنموا فرصتكم هذه وانهبوا واسرقوا وارتشوا وشبِّحوا واكنزوا الأموال ليوم لا تنفع فيه الطائفة، وأكثروا من كل ذلك أضعافاً مضاعفة حين تظهر علامات قيام الشعب، فقد كُتب الابتلاء على ابن آدم، وسيأتي زمن يكون بلاء العلويين فيه كبيراً؛ أحَسِب العلويون أن يُتركوا أن يقولوا مصّينا وهم لا يُفتنون؟." فنظرت إلى الذي بجواري وقلت له: "أكلنا خرا."