اقتباس:ما زال ذاك اللحن ضائعاً بعد كل السنين...
بحثت عنه في كل الدروب فلم أسمعه، ونبشت في كل زوايا ذاكرتي فلم أعثر عليه...
كان لحناً ذا طعمٍ خاص، تملؤه السعادة وتزينه شوارع المدينة الملتفة وأرصفة النهر الممتدة...
ما زلت أحاول أن أستدرك ذاك اللحن عساني أجد الطعم الذي كنت أستسيغه كلما سمعته.
منذ ساعات، طن في أذني...كان على قارعة الطريق أكورديون يعزفه...
كان هناك عشاق ملتفون حوله، ولكنك لم تكوني.
حاولت إيجاد ذاك المذاق أو ذاك الإحساس الذي تعودت عليه فلم أجده....
وعرفت أن اللحن ضاع، وهذه المرة إلى الأبد...
غارقا في كآبته تنبعث الموسيقي خافتة هامسة - فجأة - من داخله حين يتأمل ملامح وجهها المبتسم في تحد في الصورة الصغيرة , لحن مشرق فرح يتصاعد في همس حتي يتملك فضاء الغرفة الصغير , كلما تأمل الوجه واستغرق في تفاصيله تتسع البسمة ويعلو اللحن , حتي إذا ما انطبعت الصورة بكامل تفاصيلها أغمض عينيه ليراها بداخله واللحن يعلو ويعلو , كانت في الصورة جالسة , حين علا اللحن أكثر التفتت إليه , زادت ابتسامتها اتساعا حتي تحولت لضحكة صامتة , ومن روحه تمني لو قامت من جلستها واقفة وتحركت كالحياة التي أخذت تطرد كآبته , تعرفت علي أمنيته فور أن دارت بخياله , تمنعت عليه في دلال , همس لها : أرجوك , همست : أبدااااا .
غاص للداخل عميقا , يستمد قوة تجبرها علي الامتثال , تصارعت أمنيته القوية مع تمنعها الجبار , الموسيقي تعلو وتعلو , وهي لا تشفق عليه , ظل متوهجا يبحث بعينيه الداخليتين عن قوة تجبرها علي الاستسلام لأمنيته , يستعطف طاقة الحياة أن تتملكها بلاجدوي , عندما استكان لتأبيها عليه , وردد في نفسه : يكفيني هذا , يكفيني تلك الموسيقي التي تملكتني , ماذا تعني الموسيقي سواها ؟
انطلقت ضحكتها الرائقة تملأ المكان وانتصبت- وياللدهشة - واقفة وهي ترنو إليه في انتصار , عندئذ رآها بكاملها بكل ما يسكن في أنحاءها من جنون وفوضي بينما راحت كآبته تتهاوي من فيض ضحكتها المجلجلة .
كوكو