أحد الطرفين يكاد يكون غائب كليا يا طريف، والطرف الذي جلس مكانه ليس على الحقيقة هو.

الطرفين هما إسبانيا المسيحية والأندلس الإسلامية، وتقدم سائر العرب والمسلمين للدفاع عن الأندلس الإسلامية لا يشكل حقيقة رواية الأندلسيين للحدث، هم من ينبغي الاستقصاء عنهم، من هم وما هي أصولهم، وهل كانوا جميعا عربا وبربرا أم كان منهم من أهل شبه الجزيرة السابقين على الفتح؟ أين ذهبوا وما هي روايتهم للذي حدث في فترتي الصعود والهبوط؟ ما هي أسباب استئصالهم الكامل بعد سيطرة اسبانيا المسيحية على الأندلس؟ هل الأسباب تخصهم أم تخص الإسبان، أم هناك أسباب من كلا الطرفين؟

لعل هناك وثائق لا تزال بحاجة لبحث في جنوب وشرق إسبانيا تكشف عما حدث في ذلك الوقت.

طبعا رأيي الشخصي أن موسى بن نصير قد أخطأ خطئا فادحا بفتح الأندلس، كسائر الفتوح التي حصلت بعد تسلط الأمويين على الكرسي، والتي كانت تصديرا للأزمة الداخلية في شرعية الحكم بدل حلها. موسى كمعارض للخط الأموي ومؤيد مخلص للخط الزبيري القرشي، رغم كونه من موالي بني أمية قد قام بالفتح الذي أدى إلى اتحاد أوربا بعد ذلك بسنوات في وجه الغزو العربي-البربري، والذي أثمن عن نصرهم في معركة بلاط الشهداء بما أدى طبيعيا وتدريجيا لأخذ أوروبا زمام المبادرة في القارة بشكل متحد خلف الزعامة السياسية للكنيسة الكاثوليكية التي استغلت هذه الفرصة للتخلص من خصومها المسيحيين بحجة الهرطقة وحماية الإيمان، بقوة سياسية لم تكن لتحصل عليها لولا تهديد الخطر الخارجي.

لعل أوربا كانت لتكون بغير هذا الوجه المسيحي لو بقيت المذاهب المسيحية المتعددة من أريوسيين وبوهيميين وسائر ما كان حيا عشية دخول العرب الأندلس وخلطهم لأوراقها. ولعله كان يجدر بقوة المسلمين العسكرية أن تتجه للداخل ضدا عن الاستبداد الأموي بالدولة.