استاذ بهجت ، تشرفني صداقتك بالطبع وانا وكما ذكرت عدة مرات من قراءك الدائمين .
لقد كنت مؤيدا للمجلس العسكري الى وقت قريب ، ولم اكن وحدى فقد كان معظم الناس في مصر ان لم يكن كلهم مؤيدين لموقف المجلس المبدئي من ثورة يناير ، ولكن بدأت تتراكم الاحداث واحدا تلو الآخر لتنبىء بشيىء كان خافيا علي الاغلبية ، واولي واخطر هذه الاحداث هو الاستفتاء الذى اجراه المجلس العسكري يوم 9 مارس واتبعه باصدار الاعلان الدستوري ، عندما قرأت هذا الاعلان عدة مرات وقمت بتحليل كل لفظ فيه ، وحساب المدد الزمنية اللازمة لانتخاب مؤسسات الدولة من برلمان ورئيس جمهورية اكتشفت ان المجلس يخطط لاطالة مدة بقائه في السلطة ، وارجو منك ان تتفضل بقراءة ما كتبته عن الاعلان الدستوري
هنا
الى الان مرت 7 شهور ، فماذا فعل المجلس فيها من اجراءات حقيقية ؟ هل اطلعت استاذ بهجت علي قانون انتخابات مجلس الشعب ؟ وتقسيم الدوائر الانتخابية ؟ الدائرة التى كانت قسم شرطة اصبحت 3 اقسام ؟ قانون رفضته كل القوي السياسية فما السر في استماتة المجلس عليه ؟
حالة الاستقطاب التي خلقها المجلس بعد الاعلان الدستوري ما بين مؤيد للانتخابات اولا ومؤيد للدستور اولا ، الم يكن يستطيع المجلس تجنيبنا اياها بانتخاب جمعية تأسيسية توافقية يستفتى عليها الشعب تضع دستورا توافقيا يكون اساسا للدولة بدلا من كل هذا العك وضياع الوقت في الاستقطاب والتخوين ؟
رفض المجلس العسكري لحل المجالس المحلية ، اللواء ممدوح شاهين قال وقتها لا نستطيع حل تلك المجالس لمبررات دستورية وقانونية ، كيف هذا وقد حل المجلس العسكري المجالس النيابية (الشعب والشوري) وعطل دستور 1971 ، حتى جاء حكم مجلس الدولة بحل تلك المجالس .
ما السر في الابقاء علي النائب العام او النائم العام حتى الآن ؟
تم تأجيل الانتخابات البرلمانية الى آخر شهر نوفمبر بعد ان كان محددا لها سبتمبر الحالي ، فلم هذا التأجيل ؟ ومتى تكون الانتخابات الرئاسية ؟ والعديد من الاسئلة التى لا تجد اجابات .
لست عدوا للمجلس بالفطرة ، او لست شريرا كالاشرار الذين كانوا يظهرون في الافلام الهندية ، ويولدون اشرارا بدون اى مبرر ، لقد تغيرت نظرة الكثيرين للمجلس العسكري بسبب تلك الحالة من الضبابية وعدم وضوح الرؤية ، كما ان معظم الاجراءات التي اتخذها ذلك المجلس جاءت تحت ضغط المظاهرات والاعتصامات ولم تكن وليدة قناعات رجاله .
المجلس لم يحمِ الثورة طواعية واختيارا ، حتمية الواقع فرضت عليه الانحياز للثورة ، هذه الثورة وفرت علي رجال المجلس القيام بانقلاب عسكري خاصة اذا علمنا انهم كانوا معارضين للتوريث كما كشفت وثائق ويكليكس الاخيرة ، حالة مصر تختلف عن جميع البلدان في المنطقة ، اذا ضرب الجيش في الثوار والمتظاهرين ماذا كان سيحدث ؟ اعتقد حرب شوارع سيكون فيها الجيش الخاسر الاول وتنهار الدولة المصرية .
اخيرا ، ثورة يناير ليست هى التويتر والفيس بوك والمدونين ، ثورة يناير هي ال 14 مليون مصري الذين خرجوا يطالبون بالحياة الحرة الكريمة ، هى عشرات الملايين الذين خرجوا ليلا في جمعة الغضب بالعصي والشوم يدافعون عن ابنائهم وبيوتهم ونسائهم عندما خانت الشرطة شعبها وفق سيناريو محكم للتوريث جري اعداده وتم تطبيقه لاجهاض الثورة ، حتى الآن هناك 1000 مفقود اعتقد انهم اموات وشهداء تم خطفهم من امن الدولة وقتلهم في صحاري مصر .
انا حزين جدا ، حزين لدرجة الكمد ، بدأت افقد الامل في اننا سنعيش كالبشر او اشباه البشر ، يبدو ان مصر هي ارض العبودية ، او كما قال الرب لموسي قديما هأنذا اخرجك من ارض العبودية ، ولكن حتى الخروج منها غير متاح .