تظن أنك تشق طريقك ،و الحقيقة ..
هي أنك أنت الذي يتم دفعه ..
ميفيستوفيليس - فاوست
جوته
wahidkamel
أنت يا صديقي مخلص جدا ،و لكنك تنظر إلى الماضي ولا مكان للمستقبل في مداخلتك ، أنت تعيش في سجن المجلس العسكري فلا تنظر خارجه ، و هو في النهاية مؤقت وعلى وشك الرحيل ، أنت متأثر بدعايات بعضها مريب بالفعل ، وكلها لا تهدف سوى إلى افتعال صراع دموي بين الشعب وقواته المسلحة بلا غاية سوى تدمير مصر و حرقها حرقا ، أتمنى أن تعيد رؤية الأمور مستلهما مصلحة مصر مبرأة من كل ثرثرات زواحف الفيس بوك و صبية المنتديات .
أرى أن هناك كثير من miscommunication في حوارات المصريين نتيجة التنميط ، فكثير منا يتحاور مع نموذج نمطي prototypical model يتصوره و ليس مع إنسان حقيقي ، هذا النموذج النمطي قد يساعدنا في فهم الآخرين بسهولة و لكنه عادة فهم قاصر . يعتقد أحدنا مثلآ أن كل من ينتقد سلوكا لجماعات التحرير متعاطف مع النظام السابق ، و كل من يحذر من التناطح بين الشباب و القوات المسلحة هو متعصب للمجلس العسكري و هكذا . هذا التنميط يلائم شبكات التواصل الإجتماعي الواسعة مثل الفيس بوك و التويتر ، و يلائم أيضا أولئك المرضى المدعين الذين يتوهمون بطولات دونكيشوطية ، و لكنه لا يناسب المثقفين في دائرة مغلقة مثل نادي الفكر ، حيث البحث عن الحقيقة و ليس الدعايات الفجة له الأسبقية الأولى .
هنا لكل منا شخصيته و مواقفه المتعددة و المتداخلة ، و بالتالي فالأمر يحتاج إلى التأني في فهم الآخر قبل الرد عليه ليكون الحوار مجديا .
موقفي من المجلس العسكري شرحته في مداخلات متعددة أشرت إليها سابقا ،ولو قرأت تلك الوصلة لن تجد إختلافا مع ما توجهه أنت وزملائك من نقد للمجلس أكثر من ذلك ستجد أني أشرت إلى تلك الإنتقدات بشكل مبكر جدا ، ففي أول مداخلة لي بعد الإنتفاضة حذرت من أن المجلس العسكري لن يكون أداة ثورية فتلك الوظيفة ضد طبيعته كأحد دعائم الإستقرار .
هنا ينتهي الإتفاق بين الجميع لأننا نرتب نتائجا مختلفة على أخطاء المجلس العسكري ، إني و كل العقلاء و المثقفين المستقلين نختلف مع ثرثاري التحرير ، فلسنا نرى أن التناطح مع المؤسسة العسكرية سيكون مفيدآ لأحد ،و لكنه سيلحق أفدح الضرر بالوطن . نختلف أيضا في التصور المريض لصراع بين الشعب و الجيش يهزم فيه الشعب جيشه ، فعندما يطرح أحد هذا التقاتل مع القوات المسلحة لن يؤيده أحد من الشعب ،و سينتهي بأن يسحقه الجيش بين تهليل الشعب الذي سأم كل تلك الفوضى و يبحث عن الإستقرار .
طبقا لرؤيتي المتواضعه فالإنتفاضة الثورية قد انتهت في 11 فبراير بسقوط النظام و رئيسه ، وما لدينا منذ ذلك التاريخ هي فترة إنتقالية لا يصلح فيها سوى العمل السياسي ، كررت كثيرا أن المجلس العسكري سيسلم الحكم لممثلي الشعب ، و من يريد أن ينفذ أهدافه و برامجه عليه أن يحوز على ثقة الشعب خلال صناديق الإنتخاب ،و ليس خلال التجمهر في الشوارع و الرغاء و تدمير إقتصاد البلد و الدعوة لمقاتلة القوات المسلحة وفقا للنموذج الليبي ،و ليس خلال الوقاحة وردح الحواري كما تفعل جان دارك مصر " أسماء محفوظ " .
أنت يا صديقي متوجس من تأخير الإنتخابات من شهر 9 إلى شهر 11 أي لمدة شهرين !، بينما معظم الأحزاب الجديدة طالبت بمد الفترة الإنتقاليى 9 أو 12 شهرا ، حسنا ماذا أعد شباب الثورة لتلك الإنتخابات ؟.أم ناويين يقضوها مخيمات و بلطجة و حشيش على طول ؟. تدعي 6 إبريل أنهم لن يشكلوا حزبا لأنهم جماعة ضغط !.هل سمع أحدكم بتنظيم سياسي يريد أن يقود البلد وهو يعترف أنه غير قادر على تشكيل حزب سياسي ، لأن السياسة لا مؤاخذة عيب ،و أن الضغط من الإيمان ؟.
.
في النهاية المصريون لن يستبدلوا الصبية الطغاة بالطاغية الذي أسقطه الشعب ،و لن يقبلوا أن يتحدث المغامرون و البلطجية و المدعون و المراهقون باسم الثورة التي ركبوها في غفلة من القدر . صدقني مصر أقوى و أعظم كثيرا من أن تكون مطية لأحد ، لم تكن كذلك للكبار و لن تكون بالتالي مطية للأقزام .