أظهر لنا التطرف العالماني يا ياسر، فهو خير وسيلة لإخراج العالمانية مرة واحدة وإلى الأبد من الشرق الإسلامي.

أظهر لنا فخرك بتشريد الإسلاميين وتقتيلهم وسحلهم وتشريد عوائلهم وانتهاك كافة حرماتهم وسائر الجرائم التي صنعها أتاتورك وسائر العالمانيين الذين حكموا بلادنا منذ ما يقرب من مائة عام على الأقل.

طبعا ذكرك لـ1400 سنة يشير إلى عدائك للإسلام ذاته وليس للإسلام السياسي فحسب، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر.

عجيب تناقض طرحك بين رفضك للآخر، ورفضك أنه يرفض الآخر، وكأن الدول القائمة في "الشرق الأوسط" هي إسلامية، وكأن حكوماتها وأجهزتها الأمنية تتعقب الإسلاميين لتعطيهم الحلوى والحليب والعسل.

طبعا اختزالك الإسلاميين بنبذة من المتطرفين يشبه اختزالي للعالمانيين بهتلر وستالين وموسوليني والقذافي وصدام والأسد وعبدالناصر. والاختزال يواجه بالاختزال.


الزمن تغير، وما صلح في العشرينات لا يصلح اليوم، والظروف التي قد خدمت أتاتورك لن تتكرر إلا حين يقوم قائد جيش "عالماني" باقتحام القدس عسكريا وطرد الصهاينة منها، حينها قد يستطيع أن يكون ربا يعبد من دون الله كما صار أتاتورك في حينها، أتاتورك قام بطرد اليونانيين العدو التاريخي للأتراك من الأناضول بالقوة العسكرية بعد أن أتاح له الإنجليز الفرصة لذلك حتى يضعوا دولة قوية شمال المناطق التي تحتلها فرنسا ويمنعوا نشوء دولا قوية في شرق أوروبا، ضمن سياسة التوازن التي أفرط الإنجليز في تبنيها حتى أنبتت ألمانيا النازية وهتلر. هذه الظروف لن تتكرر إلا بشكل كوميدي.

طبعا لو أن طرحك للعالمانية له مضمون غير أن "العالمانية هي الحل" ذلك الشعار الفارغ الذي يصلح لخسارة أية انتخابات اليوم، وهو حتى لا يزعل أحد لا يختلف البتة عن شعار "الإسلام هو الحل" الذي هو شعار انتخابات فحسب ولا يقدم مشروعا ذا رؤية واضحة يمكن نقاشها وحسابها. طرحك للعالمانية لا يملك مشروع الوصول إلى الناس ولا مشروع بناء الدولة ولا مشروع البقاء في الحكم ولا مشروع تحييد المخالفين، اللهم إلا دعوة مستبد عالماني جديد لفرض رأيك على الناس بقوة الحديد والسلاح وبسطار الجندي، ونعم المشروع....