السيدة هالة : تحية عطرة طيبة
أكثر ما أخشاه يا سيدتي أن البلاد تسير نحو صراع مدمر، فقط لأن هناك من يصر على أن يكون عبداً لحاكم أرعن، ولا يريد سورية حرية متآلفة حضارية تكون وطناً لكل مواطنيها، وللأسف نحن لا نملك حتى برجوازية وطنية تدعم هؤلاء المتظاهرين، لذلك فان مظاهراتهم مغامرات دامية لا يملكون خياراً سواها، فالسلطة الاسدية نجحت في وأد البرجوزاية الوطنية لصالح برجوازية جديدة ترى في الوطن مجرد سوق للنهب والاحتكار، لذلك نجد معظم الطبقة التجارية تتحالف مع شيطان السلطة حرصاً على مكاسبها.
وهنا يأتي السؤال الذي يجب أن تستشعره كل نفس حرة وأبية:
ما الذي يدفع أناساً يقتاتون على فتات السلطة، إلى المغامرة بأخوة الوطن... أهي عقدة استكهولم؟
أهي ما اعتادوه من ذل الاستعباد والحياة تحت أقدام اللصوص؟.
أهي هواجس حمقاء حول الطائفية غزلها النظام قيوداً وحواجز ليفرق بين الأخوة وليحول بعضهم إلى حرس مجاني لها؟.
هناك دلائل تشير الى اقتراب وقوع زلزال كبير (مجرد تحليل لايتسند الى معطيات )، فالانقسام انقسام عمودي في سوريا وعلى جميع الاصعدة، من الشارع الى النظام الى النقابات الى الجيش، ولايمكن البقاء على ماهو عليه، قتل هنا واعتقال هنا وروايات متضاربة هناك،
فلا النظام يستطيع تحمل التكاليف الباهظة من عدد وعديد وموارد،
ولا الشارع قادر على تخطي مطالبه، لذا من الصعوبة بمكان ان تتحكم الثورة بكل الشارع كل الوقت، ولا النظام قادر ان يتحكم بمساحة معينة يناور من خلالها، فاما زلزال قادم من طرف ما قصير النفس يحاول تخطي المراحل المنظمة للتنسيقيات، كبعض الخلايا النائمة او مجموعات، او قادم من جهة النظام (سياسة الضربة الاخيرة ) لانهاء الازمة مرة واحدة والى الابد.
الشعب السوري وصل إلى نقطة اللاعودة ولن يتراجع، لأن ثمن التراجع أفظع وهناك تجربة مديدة مع هذا النظام اللا إنساني، والنظام بعد أن تورط في قتل أبناء سورية في كل مكان لن يتراجع، الكلفة ستكون غالية وسيسقط النظام إن عاجلاً أو آجلاً، الموالون والمنتفعون وحمقى النظام بامكانهم أن يخفضوا التكلفة، وأن يجعلوا مستقبل سورية أكثر طمأنينة بنبذ اسباب الصراع الداخلي والاصطفاف الطائفي، لكني أشك في وعيهم، لذلك أخشى ما أخشاه أن يتم تدويل الوضع ويصبح التدخل الخارجي حتمياً فتسقط سورية في آتون المساومات الدولية
الوضع خطر جدا وثمة حمقى لا يدركون خطورته ولا يدركون أن الشعب إذا انتفض لا بد أن ينال حريته، اتعجب ممن يغامرون بعلاقتهم مع أخوتهم في الوطن من أجل نظام فاسد انتهت صلاحيته منذ بدايته.
من يرفع شعار اسقاط النظام، عليه ان يتحمل نتائجه، الارض مكشوفة والصراع على اشده ولايمكن التكهن بشئ، والتراجع ممنوع سلطة او شعب ..انها ارادة البقاء والاصرار على هذا البقاء.