إثبات افتقار هذا الكون إلى موجد، وإثبات أنه عاجز ومحدود ومحتاج، وإثبات أن هناك من وجد قبله وقبل الزمان والمكان بما لا يخضع لمقاييسهما، لا يعني أبدا أن هذا الوجود الآخر يخضع لذات القوانين وذات المعايير وذات الزمكان الكونييان الذان نعرف، ولسنا ملزمين بالبحث في ذلك الوجود ما يقتضيه لنفسه ولصلته بغيره، لاستحالة هذا البحث.
يجدر أن يكون بحثنا في الكون الحالي، المدرك المحسوس، والذي من الممكن إثبات عجزه ومحدوديته، حينئذ المنطق سيبحث تلقائيا عن الموجد والمنظم الذي فرض على الكون نظامه، والذي حده بحدود لا يملك أن يتعداها. والأثر سيدل على المسير حتما ولو لو نجد نقطة الإنطلاق لكننا سنعلم أنها هناك.