موضوع ذو علاقة
التعليم .. سلاح اليهود السري
توفيق أبو شومر
كثير من مدارسنا- في عرف كثيرٍ من الآباء- هي سجونٌ لأبنائنا، يُجرَّعون فيها المحفوظات (المُرَّة) بالقوة، ويعودون إلى بيوتهم في المساء، يقاسون مرارة (التجريع). أما (سدنةُ التعليم) المدرسون والإداريون، فهم وفق قول أحدهم:
عادوا لجو المدارس الخانق، حتى أن أحدهم قال:إن سبب مرض الربو المزمن الذي أعاني منه يعود للمدرسة، فأنا لا أشفى إلا في الإجازات والعطل!!
إذاً فالمشكلة كبيرةٌ، وتحتاج إلى دراسة، وهي بالمناسبة موجودة في معظم الدول في العالم بصورٍ مختلفة، غير أنها عندنا هي الأبرز والأكثر إلحاحا، لما للتعليم الفلسطيني من أثرٍ في ترسيخ قضيتنا العادلة في العالم، كما أننا نحن الفلسطينيين كنا وما نزال مبعوثي الثقافة والتربية في العالم العربي! يجب أن نسأل أنفسنا دوما سؤالا صعبا وهو: كيف نجعل مدارسنا محبوبة للطلاب؟ وهذا بالتأكيد يقودنا إلى سؤال آخر وهو: كيف نجعل المناهج الدراسية محبوبة مرغوبة؟ وعلينا أن نعيد طرح السؤال بصيغة أخرى: لماذا يكره كثير من الطلاب المدارس والمناهج!
إن هذا الطرح أجاب عنه تربويون كثيرون وجعلوه مقدمة لثورة منهجية تعليمية، تقوم على تغيير المناهج وطرق الاختبارات والشهادات، وتحويل المدارس من سجون إلى نوادٍ تعليمية، أو أماكن للترفيه التربوي والتعليمي.
إن السبب الرئيس في ضعف العرب وتراجع مساهماتهم الحضارية، يعود إلى التعليم بالدرجة الأولى، فأكثر الدول العربية ما تزال تحيا ماضيها، ولا تؤمن بالحاضر أو المستقبل، تُعلم أبناءها وطلابها كيف يلبسون ثياب أجدادهم، ويحفظون محفوظات آبائهم الأولين، فالمتفوقون عند العرب هم من تكون عقولهم مستودعات للمحفوظات التقليدية فقط، وليست عقول الإبداع والتنوير. ما أكثر الكتابات والتعليقات والتحليلات في السياسة والنقد العام، وما أقلّ الكتابات في أخطر موضوع في مجتمعنا، وهو التعليم. سيظلُّ كثيرون من المثقفين وقادة الفكر يدفنون أفكارهم في الرماد، خوفا من إثارة زوبعة حول التعليم، إما خوفا مما سيصيبهم من نتائج إذا دعوا لانتفاضة على الميراث التقليدي، وإما لأنهم لا يملكون أفكارا محددة لتغيير التعليم.
أحصيت في الصحف الإسرائيلية المتاحة خمسة موضوعات من مقالات وتحليلات في يوم واحد فقط حول السنة الدراسية الجديدة، واستعدتُ مقولة الكاتب اليساري توم سيغف في كتابه (الإسرائيليون الأوائل) الذي لخص الغاية من التعليم في بداية تأسيس إسرائيل: «التعليم مصنعٌ لإنتاج روح الأمة» وقد ظلَّ هذا الشعار حاضرا في المقالات، فما يزال المفكرون والتربويون عازمين على صياغة تعليم جديد في عام جديد! وحسبي أن أختم بلقطة من مقال الكاتب آفي راث في صحيفة يديعوت أحرونوت 30/8/2011: «ستظل هناك فجوة بين آمال الكبار، وبين واقع المتعلمين الصغار، وهم جيل التكنولوجيا الرقمية، الفيس بوك والهواتف المحمولة والإنترنت والقنوات التلفزيونية والصور والرسائل النصية، الذين يعيشون عالما مثيرا في فضاء رقمي، وصاروا يملكون عالما خاصا بهم (لا يمت بصلة لواقع المناهج التقليدية) هم محتاجون إلى طوق نجاة يُعزز استقرارهم العاطفي، وإلى دعم نفسي، لأن التعليم هو سلاح الشعب اليهودي السري».
* ما نوع التعليم الملائم لأطفالنا في هذا الأسبوع؟
* ما هي الرسالة التي نود أن نُوصلها لهم؟
* كيف نُعيد للآباء دورهم في حياة أبنائهم، بعد أن سلبهم الفضاءُ من آبائهم؟
* وأخيراً هل يمكن أن نقول نحن أيضا:
إن تعليمنا الفلسطيني هو سلاحنا السري في المستقبل؟
http://www.aldaronline.com/Dar/Author2.cfm?AuthorID=423