" ربنا مش هيسكت ! " البابا شنودة الثالث .

هناك مجموعة من الإجراءات العملياتية أي المتوسطة بين الإستراتيجية و اليومية .
أولآ : مجموعة من الإجراءات العاجلة . هناك مجموعة من الإجراءات العاجلة التي لابد من القيام بها .
لا يخالجني شك في نزاهة ووطنية القوات المسلحة ولا في إخلاص قادتها في المجلس الأعلى لوعودهم ، و أنا على ثقة تامة بأن ماحدث ليس مدبرآ من قبلهم ، و لكني في الوقت نفسه أرى أن هناك أخطاء قاتلة شابت إدارة الأزمة و أدت إلى واحدة من أسوأ الكوارث التي وقعنا فيها كمصريين . ورغم أن المجلس العسكرى لا زال يحظى بثقة واحترام الأغلبية نتيجة دعم الإسلاميين و القوى التقليدية له ، إلا أننا ينبغى ألا ننكر أن المجلس لم ينجح في الدفاع عن موقفه بشكل جيد ، خاصة أن هناك حرب مبيته ضده سواء على مواقع التواصل الإجتماعي أو بين شباب التحرير . و حتى لو كان المجلس الأعلى بريئا فسيظل مسئولا عما يحدث في مصر حتى يتم نقل السلطة إلى المدنيين. خلال تلك الفترة أرى لابد من القيام بسلسلة من الإجراءات العاجلة .
1- ايقاف قاطع لكل التظاهرات و الإعتصامات و التجمهرات حتى إنتهاء الفترة الإنتقالية و نقل السلطة لجهات مدنية منتخبة ، على أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية لفترة واحدة فقط بمجرد إنتخاب مجلس الشعب ودون إنتظار لإنتخاب مجلس الشورى لسرعة نقل السلطة لجهة مدنية . و حتى لو لم يتم ذلك يعين رئبس دولة توافقي لإستلام السلطة بمجرد إنتخاب مجلس الشعب ،و ليكن رئيس الحزب الحاصل على أكبر عدد من مقاعد المجلس ( حتى لو كان " محمد بديع " المرشد العام للإخوان المسلمين ) .
2- إجراء تحقيق عاجل محدد التوقيت بواسطة جهة قضائية و فنية محايدة لمعرفة كل التفاصيل ، من ثم فينبغى أن تشترك الجماعات الحقوقية فى التحقيق وأن ترفع يد النيابة العسكرية عنه. على أن تتصف بالشفافية و إعلان كل النتائج مهما كان حجم الفضائح و سوء الإدارة و نوعية و أهمية المتورطين في القتل سواء من جانب القوات المسلحة أو السلفيين و رجال الكنيسة و المتظاهرين ، و أفضل وجود مشاركة فعالة من الكنيسة القبطية في التحقيق . لإستجلاء الحقيقة هناك عدد من الأسئلة الرئيسية من الواجب الإجابة عنها .
a. أرى أن أهم سؤال هو : كيف نفسر الظاهرة التي تحدث دائما في مصر خلال التظاهرات التي تبدأ سلمية ثم سرعان ما تتحول إلى العنف و يزهق فيها أرواح المتظاهرين و الجنود على السواء .
b. ما هي الحقائق حول كنيسة المريناب ،و ما حدث بالفعل أثناء الأيام الماضية هناك .
c. هل بادر بعض المسلمين هناك بهدم المبنى حتى لو لم يكن هناك تصريح بكنيسة هناك،وما هو رد فعل أجهزة الأمن و المسئولين وعلى رأسهم المحافظ ؟
d. ماهي مصادر المعلومات التي اعتمد عليها التلفزيون المصري في الحديث عن أن المتظاهرين بادروا بإطلاق النار ؟ .
e. طالما لم يطلق الجنود النار و لم يكن لدى المتظاهرين بنادق فمن الذي أطلق الرصاص على المتظاهرين و القوات المسلحة ، ؟.
f. من هم «الغرباء» الذين اندسوا وسط المتظاهرين وأشار إليهم بيان المجمع المقدس،وهل هم معروفين لدى المتظاهرين أم لا ؟.وهل يعقل أن يظل هؤلاء يرتعون في البلد طول الوقت دون أن تتمكن أجهزة الأمن من إحباط جهودهم وتجفيف الينابيع التي تفرزهم.
g. ما هي الملابسات التي حركت المدرعات ودفعتها إلى دهس المتظاهرين هل تم ذلك بأمر من أحد الضباط الميدانيين، أم أن الجنود الذين كانوا يقودون تلك المدرعات قد انتابهم الفزع حينما وجدوا سيارات أخرى يتم إحراقها، وحينما حاولوا الهروب من ذلك المصير. فإنهم اصطدموا بالكتل البشرية المحاصرة وخاضوا فيها مما أوقع القتلى والجرحى. ونسب الأمر إلى الجيش في نهاية المطاف.
3- على الدولة ممثلة في المجلس الأعلى تقديم اعتذار واضح للشعب المصري كله و بالأخص المسيحيين عن حوادث ماسبيرو إذا أثبت التحقيق العادل و المحايد وجود أخطاء أو تقصير من المجلس العسكري أو الوحدات العسكرية القائمة بتامين المبنى .
4- إجراء محاكمات ناجزة و لكن عادلة لكل المتورطين في جريمة ماسبيرو ،و توقيع أشد العقوبات على المدانيين بما في ذلك أحكام الإعدام . و بمجرد عودة سيطرة الدولة على أطرافها لابد من محاكمة كل المتورطين في جرائم الفتنة الطائفية السابقة منذ يناير 2011 حتى الآن ،و اعتبار جرائم الفتنة الطائفية جرائم لا تسقط بالتقادم ، حتى لو أدى ذلك إلى تمرد جديد لبعض الجماعات الجهادية مشابه لحوادث الثماينات و التسعينات .
5- صرف تعويضات منصفة للمتظاهرين السلميين و تكريمهم كشداء مالم يثبت التورط في أعمال عنف أو قتل و ترويع و حرق أو التحريض على أي فعل إرهابي .
6- تعيين قبطي في المجلس العسكري سواء من القوات المسلحة أو كمستشار من جهة قضائية أو سياسية ، بناء على تنسيق مع البابا شنودة . و إجراء تنسيق منهجي مقنن بين الدولة ممثلة في المجلس العسكري و قيادة الكنيسة الأرثوذكسية ، اعترافآ بأمر واقع هو أن مصر مقسمة حاليآ إلى مسلمين و أقباط ، إنتظارآ لإنتهاء الفترة الإنتقالية و إعادة توحيد البلاد تحت حكومة دستورية منتخبة .
7- تجريم الشحن الطائفي و هذا لا يحتاج قانون جديد بل تفعيل مرسوم بقانون رقم 126 لسنة 2011 الذي ينص في ' المادة الثانية ' بأن يعاقب بالحبس وبغرامة لاتقل عن ثلاثين ألف جنيه ولاتتجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين كل من قام بعمل أو بالامتناع عن عمل يكون من شأنه أحداث التمييز بين الافراد أو ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وترتب علي هذا التمييز اهدار لمبدأ تكافؤ الفرص أو العدالة الاجتماعية أو تكدير للسلم العام . وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين اذا أرتكبت الجريمة المشار إليها في الفقرة الأولي من هذه المادة من موظف عام أو مستخدم عمومي أو أي إنسان مكلف بخدمة عمومية .
8- من الواضح أن هناك قصور معيب في إعداد و تدريب الوحدات العسكرية و الشرطية القائمة بتأمين الأهداف الحيوية للدولة ،ولابد من إعادة تأهيل و تدريب هذه الوحدات على أيدي متخصصين أكفاء ، و إعادة تدقيق و تنسيق و تقييم خطط التأمين و التعامل مع الشغب و التظاهرات .
ثانيآ : هناك إصلاحات لابد من إجرائها في الكنيسة القبطية :
وهذا موضوع مداخلة تالية .