تقرير الحالة الاقتصادية

الأهرام
16 اكتوبر 2011

ما سوف يلي من أفكار أو أرقام ليس اتهاما لأحد, لا للفترة التي سبقت ثورة يناير, ولا لتلك الفترة التي تلتها, ولكنها بلاغ للرأي العام حول الحالة الاقتصادية لمصر الآن وما سوف تفضي إليه في المستقبل القريب.

كذلك فإن الحالة علي سوءاتها لم تبدأ خلال الأسبوع الماضي عندما جرت أحداث ماسبيرو الدامية, وما أعقبها من انهيار أسواق المال المصرية, ولا عندما قدم الدكتور نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية حازم الببلاوي استقالته, ولكنها بدأت ساعة التخلي عن أحوال المصريين الاقتصادية طالما أن النخبة السياسية الجديدة وجدت ما يكفيها في المباريات السياسية من ناحية, ولعنة النظام القديم من ناحية أخري طالما سوف يتحمل كل المسئولية عما جري في أيامه والأيام التي جاءت من بعده أيضا.
الأرقام تقول لنا أنه خلال شهر سبتمبر المنصرم جري سحب مليار دولار من الاحتياطي القومي, حتي بات ما بقي من احتياطيات بالعملات الأجنبية24.4 مليار دولار, بدلا من36 مليارا في شهر يناير الماضي; ووفقا لكل التقديرات المتواضعة فإن الاحتياطي الحالي سوف يصل إلي19 مليار دولار قبل أن تتم الثورة عامها الأول. ولكن الاحتياطي ليس هو المؤشر الوحيد فنحن لا نسحب منه فقط وإنما نقترض من الخارج والداخل أيضا. فقد بلغ حجم الدين الخارجي لمصر209 مليارات جنيه أو34.9 مليار دولار بزيادة قدرها4% أو ما يساوي15% من الناتج المحلي الإجمالي. أما الدين المحلي فقد ارتفع من تريليون و45 مليون جنيه مصري إلي1.254 تريليون جنيه أي ما يقرب من مائتي مليار جنيه تكفي لزيادة العجز في الموازنة العامة وزيادة معدل التضخم وجعل مصر بلد لا يريد أحد الاستثمار فيه.
معذرة إذا كانت الأخبار سيئة كلها, وللقراء الأعزاء الذين يظنون أن الضريبة التصاعدية سوف تحل المشاكل كلها, ففضلا عن عيوبها الكثيرة والتي أهمها أنها غير قابلة للتحصيل كما ثبت من قبل في مصر, إلا أنها لا تعطي دخلا للدولة إلا إذا كان هناك اقتصاد ينمو في المقام الأول بحيث يوجد داخل مصر ومستثمرا فيها من سوف تفرض عليه الضريبة من الأصل. أما إذا كانت المصانع تغلق, والسوق يتوقف, ورأس المال المحلي يهرب, ورأس المال الأجنبي لا يأتي, فإن الأمر بلغ من السوء إلي درجة لا ينفع معها لا ضرائب تصاعدية, ولا غيرها من ضرائب. هل سيأتي وقت تكون فيه شجاعة لمواجهة الفتنة الطائفية والحالة الاقتصادية؟.