أرحب بمبادرة الزميل الفاضل السيد بهجت فى فتح ملف الطائفية فى مصر ، وهو ملف مصيرى يتوقف عليه مستقبل مصر القريب جدا والذى يتبلور الآن بصورة سريعة متلاحقة لا نكاد ندركها كاملة.

والأمر مفوض تماما للسيد بهجت ، حيث لا اريد أن افسد سياق شريطه القيم بمداخلاتى المطولة والتى قد يرى انها من الافضل ان تكون فى شريط مستقل.

(1)

الفتنة الطائفية مسئولية الدولة بالمقام الأول بما تملكه من آليات تعيد بها الأمور الى نصابها أو تجهض بها مخططات بعض الفئات فى المجتمع ، ومواجهة أسباب الفتنة الطائفية او التوجهات الدينية يجب ان تتم وفقا لآلية المواجهة الغير مباشرة فى معظمها والمباشرة فى أضيق الحدود والتى تكون عند الخروج عن الشرعية.

والمتتبع للفتنة الطائفية يجب أن يدرك أهمية الفعل ورد الفعل، وأرى أنه يجب أن نأخذ فى الاعتبار مرحلة هامة جدا لبداية التأريخ لميلاد الطائفية فى مصر الحديثة ، ومن وجهة نظرى بدأ هذا التاريخ مع قرب سقوط الدولة العثمانية والتى كانت تسمى نفسها بدولة الخلافة العثمانية.

ففى عام 1928 بدأ الإمام حسن البنا فى السعى لتأسيس جماعة "الأخوان المسلمين" وكما يقول الرجل أنها من اجل استعادة الخلافة الإسلامية ! ! !

وفى بداية العشرينات من القرن الماضى بدأت تتبلور مفاهيم جديدة لتكوين أمة قبطية أرثوذكسية وكانت بدايتها ضد حركات التبشير لمذاهب غير أرثوذكسية والتى تقوم بها الكنائس الغربية فى مصر ولكن فى أواخر عام 1952 منحت وزارة الشئون الإجتماعية المحامى الأستاذ ابراهيم فهمى هلال يبلغ من العمر 20 سنة ترخيصاً بتكوين جمعية دينية إتخذت لها إسم " جماعة الأمة القبطية " لمواجهه الفكر الدينى الإسلامى الذى قامت به جماعة الإخوان المسلمين (ومن المهم جدا ملاحظة التاريخ حيث أعتقد انه كان رجال الثورة يعدون العدة للانقضاض على الأخوان المسلمين عن طريق إطلاق عفريت من القمقم مثلما فعل بعدها السادات مع الشيوعيين) وكان للجمعية بنود قانونية نصت المادة الخامسة من قانون تأسيسها على أن تعمل الجماعة فى سبيل تحقيق غرضها على :-

إصلاح شئون الكنيسة القبطية

تقديم المساعدة للمحتاجين

نشر تعاليم الكتاب المقدس والتمسك بجميع أحكامه

تعليم اللغة القبطية وتاريخ الكنيسة وإحلالها محل اللغات الأخرى والتمسك بعادات وتقاليد الأمة القبطية

توجيه الشباب القبطى وجهه صالحة فى حياته والاهتمام بالنواحى الروحية والعلمية والرياضية وكانت الكشافة قد انتشرت فى المدارس فكونوا فريق للكشافة من النشئ المسيحى والصورة الجانبية صورة نادرة لأحد أفراد الكشافة يحمل علم جماعة الأمة القبطية والعلم ليس واضح .

إصدار جرائد يومية وأسبوعية وشهرية تكون المنبر القوى للدفاع عن الأمة القبطية

الاهتمام بالرعايا الأقباط محلياً ودولياً

وتقول المصادر الحكومية لوزارة الداخلية : " أن هذه الجمعية قد حادت عن أغراضها المعلنة وبدأت تعمل على تحقيق أغراض خفية أهمها تكوين " دولة قبطية " وطلب الحكم الذاتى للأقباط وذلك عن طريق استعمال القوة المسلحة لو أقتضى الأمر وكان شعارها :

الإنجيل دستورنا والموت فى سبيل المسيح أسمى أمانينا ، الله ملكنا ومصر بلادنا والعنخ (مفتاح الحياة الذى على شكل صليب) علامتنا والشهادة فى سبيل الرب غايتنا.

وهنا لابد من التوقف عند كلمة (الشهادة فى سبيل الرب غايتنا) والتى أراها فى ظل ظروف الأقباط الراهنة فى مصر عبارة فى غير محلها بل عبارة شيطانية لا علاقة للرب بها، فكما يصور لنا التاريخ ان شهداء المسيحية هم من أمنوا بالمسيح وماتوا قتلا او تعذيبا دون ان يتخلوا عن إيمانهم بالمسيح ، ولكن هل يجوز ان يكون هناك شهيد مسيحى فى مصر حاليا، هل الدولة المصرية تريد للمؤمنين بالمسيح ترك إيمانهم ، أم أن الأمر هو حقوق الأقباط المدنية كما يقولون فى تولى المناصب أوبناء الكنائس .... إلخ

هل المقتول فى مظاهرة قبطية الآن يعد شهيدا فى عرف المسيحية ؟؟

أعود إلى جماعة الأمة القبطية حيث يقول الموقع الذى استقيت منه المعلومات والتى استقيتها من مصدرين :
1) مصدر اسلامى : كتاب "لعنة جماعة الأمة القبطية" ويمكن تحميله من على هذا الرابط
http://i3.makcdn.com/userFiles/m/o/mos3a...765386.doc

2) مصدر مسيحى : موسوعة تاريخ أقباط مصر لعزت اندراوس وهو على هذا الرابط
http://www.coptichistory.org/new_page_441.htm

ففى بداية القرن العشرين ظهر عملاق مصرى هو حبيب جرجس قاد الكنيسة من خلال العمل الدائم على تربية أجيالاً تحمل شعلة التقدم بالمعرفة الدينية داخل الكنيسة والتى أنتجت أجيالا مثل عملاق الكنيسة البابا شنودة الثالث ويقول محمد حسنين هيكل فى كتابة خريف الغضب عن حبيب جرجس (كانت القضية الأساسية التى تشغله كما يبدو من كتاباته هى " خصوصية" أقباط مصر. وقد كتب مرة يقول : " نحن الأقباط يحق لنا أن نفخر بالدور القيادى الذى لعبناه فى تطور المسيحية " وكان ذلك صحيحا بدون جدال , فإن أى قبطى يذهب إلى فنلندا مثلا يكتشف أن المسيحية لم تدخلها قبل القرن الحادى عشر .. بينما وُجدت المسيحية فى مصر منذ أيامها الولى . ثم أن الكنيسة القبطية فى مصر كانت طرفاً رئيسياً فى الحوار الذى شكل العالم المسيحى منذ الأيام الأولى وحتى الآن)

وكان حبيب جرجس أول من إستعمل التعبير الخطير (الأمة القبطية) " الأمة القبطية يعنى به شيئاً أكبر من مجرد الكنيسة القبطية وقد بدأ حبيب جرجس حملة واسعة لإعادة بعث اللغة القبطية.

وهكذا نلاحظ ان البابا شنودة الثالث ينتمى بالفكر الى جماعة الأمة القبطية والتى هى تعد جماعة أصولية متطرفة والأمر يشبه تولى جماعة الاخوان المسلمون السلطة الدينية فى مصر وتنتهج نهج السلطة الدينية السياسية.

ولم تكن البداية بالبابا شنودة الثالث ولكن بالبابا كيرلس السادس والذى اعقب البابا يوساب الثانى فى كرسى البابوية.

...............

يتبع

---

اعتذر لتكرار المداخلة ولا اعرف لها سببا وقد ابلغت الادارة لازالة احدهما.