(11-11-2011, 09:30 PM)فارس اللواء كتب:  دعنا نتفق أولا علي حتمية وجود الشر كأصل ومسبب لوجود الخير، فلولا هذه النماذج ما كان للإنسان أي قيمة مثلا"التحدي-الإجتهاد-الإرادة" تخيل لو كان العالم به إنسان يفهم ويسير بتفكير مستقيم هل كان لطريف سردست أن يُجهد نفسه لتوضيح فكرته كي ينتفع بها الناس؟

في كل دين وفي كل مذهب وفي كل فكر وفي كل تيار ستجد من لا يفكر تفكيرا سليما حتي من هم علي منهجك ستري منهم من يختلف معك، المهم أنه سيخالفك وسيتصور فكرتك بمنظور آخر، ربما كان تصوره مصادما لتصورك، وتقاطع أفكاره معك لن يمنعه من الصدام أيضا معك

وحدة الأمة بالمعني المتعارف عليه كأن يكون الناس كتلة واحدة هذا شئ مستحيل ومن يتصور الأمر بهذه الطريقة فهو إما جاهل أو مخبول ، وحدة الأمة"لجميع البشر" قيمة متعارف عليها لنزع الشر وتغليب قوي الخير لقصد التعايش، فلن يكون هناك تعايش ما دامت تلك النماذج نشطة وقوية أو إعلامها قوي...أما وحدة الأمة"لجميع المسلمين" فهو لسيادة روح الدين وهدفها التعايش والشعور بالآخر...

الكثير ممن ينادون بوحدة الأمة من المسلمين ويقصدون المسلمين دونا عن غيرهم قد يكونوا يشعرون بالدونية وبأن المسلمين هم خير البشر علي وجه الأرض حتي لو أفسدوا أو فشلوا.وهؤلاء يحرثون في الرمل لأن ما يبنونه باليمين يهدمونه باليسار وأفكارهم متضاربة، أما من ينظر لوحدة الأمة من منظور سيادة روح الدين وتغليب قوي الخير والبناء علي قوي التعصب والجهل هؤلاء هم فعلا من يصدقون في دعاويهم.....لاحظ إشارتي في المقال لأحد دعائم هذا الأمر

اقتباس: تري الحاج وقد تنافس علي زهو الدنيا، ومن الجائز لديه محاسبة الناس قبل محاسبة نفسه، والأصل في الإيمان أن تحاسب نفسك قبل أن تحاسب غيرك وألا تنظر إلي الآخر أكثر من منظورك لنفسك ولعيوبك

لو كان الإنسان يسير دوما بهذه الطريقة ما كان للشر أن يُوجد ولكن من مسلمات الحياة أن يكون الشر فيكون الخير، ومن ذلك خلق الله "العلم والتحدي والإرادة والكفاح" كلها قيم يسعي لها الإنسان..

سأكتفي بالرد على النقاط الرئيسية بدون التعرض لتفاصيل تفرع الموضوع، مثل قضية " حتمية وجود الشر كأصل ومسبب لوجود الخير".

بالتأكيد اتفق معك ان كل انسان فرد يختلف عن الاخر في طريقة تصوره للاشياء، وهذا الامر جزء من بيلوجية الانسان التي يفترض ان الله يعلمها بكل ابعادها بحيث انه القادر على التحدي وإقامة التواصل بدون ان يتعرض لذات المشاكل والمعوقات التي تواجه الانسان في إقامة التواصل.
غير ان مقارنتك بما يصادفه الانسان في هذا المجال توحي بأنك تخلق لله الاسباب التي تبرر فشله. ان يضطر طريف الى التوضيح، هو نقص ومحدودية في طريف مفهوم ولكن لايجوز ان ينطبق على الله او يقبل المقارنة معه، إلا من باب الاهانة. (وهي مقارنة تتكرر كثيرا في الفكر الاسلامي بدون الانتباه الى الاساءة التي تتضمنها للذات الالهية). الامر نفسه ينطبق على المقارنة بين الفكر البشري والفكر الالهي.
في الفكر الانساني حق الاختلاف محفوظ، ولذلك يمكن الاختلاف معي بدون ان يعتبر ذلك اساءة او معرة لي، فهل حق الاختلاف مع الله محفوظ في الفكر الاسلامي حتى تقارنه مع البشر وكأن الوضع البشري هو الذي يجب ان ينطبق على العلاقة بيننا وبين الله؟
مالذي يضطركم لمقارنة تجعل الله ومايحققه في مستوى انجازات البشر ومصاعبهم، عملية في جوهرها اعتراف بتقصير الله ونقص المبررات المنطقية لها؟

ان تعريفك لوحدة الامة، من جهة المصطلحات واختيار الكلمات، لم اسمع به في السابق ابدا، فلا اعتقد ان معنى وحدة الامة متعارف عليه ان يكون " كتلة واحدة" فهذه الكلمات لامعنى لها ولاادري من اين اتيت بها. غير انه لايمكن ان يجري الكلام عن " وحدة امة" بأي معنى من المعاني ونحن نرى افراد هذه الامة يكرهون بعضهم الى حد الموت. واليوم نرى اطراف هذه الامة وهي تحشد جيوشها ضد بعضها البعض. فهل هذا من ضمن تعريفك لوحدة الامة؟ هل يسود روح الدين بين جميع المسلمين حتى تقول بوجود وحدة امة في حين لاتوجد امة اصلا فمن اين نشأت بينهم وحدة، ام ان القضية اشاعة التمنيات على امل ان تصبح حقيقة بالاقناع الذاتي؟
كما تدهشني عند الاشارة الى ان مقصودك ليس الامة الاسلامية دونا عن غيرهم، مع ان العنوان " من اسمى معاني الحج وحدة الامة"، فعن اية امة تتكلم، والحج يجمع مسلميي العالم وحدهم. مثل هذا الطرح يزيد الالتباس عوضا عن تقديم وجهة نظر مفهومة ولها مصداقية ترفع الشك.

ان الاصل رؤية الواقع كما هو، بدون اية رتوشات او محاولة لخداع الذات، حتى يصبح بالامكان ايجاد الحلول الحقيقية عوضا عن العيش في قصر من الاوهام..